عبدالله السكوتيوهذا المثل يضرب لاهتمام الانسان بمايتعلق به دون غيره، واكثر من اهتمامه بمايكلفه به الاخرون، اذ لايستوي حال من يسخر لانجاز امر، بمن كان ملزما بانجاز ذلك الامر لغاية عظمى او لانانية في داخله، ويحكى في هذا ان كلب صيد قال لابن آوى: انا اقوى منك ساقا، واسرع منك عدوا، ولكني اذا طاردتك لم الحق بك، فما السبب؟ فقال:لاني اعدو لنفسي، وانت تعدو لغيرك.
وقد جربت احدى الدول ان اعطت لكل فلاح في اراضيها الحكومية، قطعة صغيرة يزرعها لنفسه، مساحتها تعادل خمسة في المئة من مساحة الارض الحكومية، التي عليه ان يزرعها للحكومة، فكانت العاقبة ان الناتج في القطعة الخاصة يفوق في الجودة والمقدار مازرعه في الارض الحكومية، وهذا الكلام في ذاته متشابه مع المثل لكنه ينطوي على فكرة الملكية الفردية التي هي النقيض لفكرة الاشتراكية، وهذه الاحاديث والحكايات روجت لها الدوائر الرأسمالية من خلال حرب شاملة شنتها على الاشتراكية، واغرت الكثيرين من الانانيين ومحبي الذات وغررت بهم.المهم ان ابن آوى يعدو لنفسه وكلب الصيد يعدو لغيره وكثيرون هم المسخرون لخدمة قضية ربما تكون حقيقية اوربما يغرر بهم من خلال مايطرح من افكار، كما تفعل القاعدة اذ ان آخر التقارير التي وردت من محافظة ديالى تقول ان جزءا كبيرا ممن كانوا في المجاميع الخاصة انتموا اخيرا الى القاعدة بعد ان ضربت مصالحهم على الرغم من البون الشاسع، الذي يفصل بين الاثنين من ناحية تكفير احدهما للاخر، وهذا المثل لاينطوي على القاعدة فحسب، وانما على الاقلام المأجورة، التي تدعو وتدعو ولاتدري الى اين تمضي، فهي تارة تمثل الطائفة واخرى تعبر على الوطن ومن ثم تعود الى الكتلة وبعدها الى الجماعة، لتنتظر مايجود به الممول، وهذا ماقصدنا به (المصخر)، وقد عشنا تجربة مريرة مع الاقلام المأجورة في زمن النظام السابق اذ رأينا كيف تقلب الخسارة نصرا، لتحتفل بعدها جوقة المغنين وليتبارى الشعراء بتمجيد المناسبة وتنبري لك في الصباح الباكر على صفحات الصحف الرسمية اسماء لامعة آنذاك تحشد وتعطي زخم المواصلة، لتحصد بعدها السوبر والبرازيلي والماليبو، الحمد لله الآن ليس لدينا من هذا الكثير لكنه مواعيد برئاسة مكتب اعلامي اوسفرة لدولة اوروبية، او تزكية لدى حزب فلاني او في الاقل تعيين احد الاقارب، هذا المرض الاجتماعي الذي نحياه لن ينتهي ابدا، لان هناك من المسؤولين من يشجعه ويغذيه ولا أحد مع الكاتب الذي يحترم نفسه وقلمه وافكاره، بل يبقى معزولا، منفردا يقولون عنه (خطيه مبدئي)، لقد قرأت في احدى الجرائد عمودا تحت عنوان قصة نجاح، يحكي فيه الكاتب قصة حياة صديقه رئيس إحدى الهيئات، ويوصله الى درجات الانبياء والمرسلين، وكنت انظر الى هذه الجريدة على انها محترمة للاسماء الكبيرة التي تضمها، ولكن للاسف، انحدرت فجأة لتمدح رئيس هيئة جل موظفيه من عشيرته، ويدخل صاحب العمود ليتزلف باسم الصداقة ويحكي لك قصة حياة زميله المتفوق، الذي حاز على درجات عليا وكرم من صدام ليصبح اخيرا بلاتاريخ نضالي رئيسا لهيئة مهمة اخذت على عاتقها محاسبة الكثيرين، وهذا مثال آخر على المصخر، انا فقط هنا اعتب على الاسماء الرنانة التي سمحت لنفسها بأن تورد مثل هذه السفاسف او توافق عليها، حين اكتب في جريدة علي ان اعرف الى اين تتجه والى اي مدى هي صادقة في طروحاتها، اما ان تكون ملصقا لاعلان نزاهة فلان وفلان، فهذا ينأى بنا عن المهنية ويعيدنا الى زمن الصحف الصفر.
هواء فـي شبك: (اشجاب المصخّر عالموزّم)
نشر في: 13 يونيو, 2010: 09:34 م