علي حسين
لا أعتقد أن هناك بيتاً فى العراق مشغول البال بما يجري من مفاوضات حول تشكيل الحكومة وانعقاد البرلمان، لم يعد أحد يشك للحظة في أن الانتخابات تحولت إلى صراع مغانم أكثر من كونها عملية ديمقراطية تسمح بتداول سلمي للسلطة .
يرفع الكثير من الساسة شعار أن لا شيء سيتغير. إلا أن الواقع يقول إن كل هذا الصراع على مفردة "أغلبية" أم "توافقية" لن يعمي الأبصار والبصائر عن الحقيقة الناصعة.. حقيقة أن هناك ما يقارب الـ"80%" من هذا الشعب لم يهتم للبرلمان واعتبر الأمر مجرد عطلة رسمية تعلنها الدولة أسوة بالعطل التي نعيش في ظلها.. عَّطلة في كل شيء، التنمية، الصحة، العدالة الاجتماعية، الرفاهية، الخدمات.. فماذا يهم إذا أضيفت لها عطلة اسمها "الانتخابات" لا يراد لها أن تنتهي؟.
إذا سألت رأيي فيما يجري، فأنا أيضا مثل ملايين المواطنين لا نعرف لماذا؟ وأيضا لا ندري سر هذه المعارك التي ننام ونصحو عليها، والتي تكشف كل يوم زيف الديمقراطية العراقية.
أتساءل: لماذا يصرّ البعض من ساستنا ومسؤولينا على أن يتحول إلى خطيب "مفوّه" عندما تسأله عن الخراب الذي يمر به العراق، فيصرخ بوجهك: لا حل إلا بأن يتولى الحزب الفلاني مسؤولية البلاد فيما أخر يطالب بأن يتسلم الحزب العلاني مسؤولية هذه الوزارة، لأن هولاء وحدهم القادرون على السير بهذه البلاد إلى بر الأمان.. الساسة "المتحاصصون" يتصورون أن العيش في ظل حكاية كنز علي بابا، أفضل من بناء دولة مؤسسات، ما هو هذا المنجز الكبير الذي نباهي به شعوب العالم؟، وماذا يعني إيهام المواطن البسيط بأن النجاحات التي حققها حسين الشهرستاني ومثنى السامرائي، شكلت صداعاً للإمبريالية؟، ماذا يعني أن على العراقيين أن يتحملوا الفشل المتواصل كل أربعة أعوام؟، وهل هناك نظام سياسي حقيقي يعتبر الخراب والأزمات وآلاف الضحايا دليلاً على النجاح؟، وكيف يريدون من العراقيين أن يؤمنوا بأن الخراب، إنما هو إنجاز يعادل بل ويتفوق على غياب الأمن وسرقة ثروات البلاد؟.
أن نصرّ على إعلاء شأن المحاصصة حتى مع الفاشلين، فهذه سمة الخراب لا فتح أشرعة المستقبل. نحن ياسادة في مأساة اسمها "فاشلو المحاصصة" الشعوب تعطي لي كوان ومهاتير محمد، ولولا دا سليفا والمرحوم الشيخ زايد ونختار رجال المحاصصات.. نطارد الكفاءات بكواتم الصوت، ونتظاهر من أجل أن يبقى الفاشلون.
أسوأ أنواع الكوميديا هي الضحك على المتفرجين، لا على الأحداث، في هذه الأيام أثقلت صفحات "كوميديا الانتخابات " التي تعلوا كل يوم مجالس سياسيينا حول "كنز علاء الدين " المدفون في المنطقة الخضراء، وأسوأ أنواع العاملين في السياسة، هم الذين فقدوا الإحساس بروح المواطنة، لأنهم سوف يفعلون ما يشاؤون أو ما تشاء لهم المحاصصة.