محمد حمدي
لا أعرف تحديداً لماذا تحصل بعض الأحداث المفتعلة كلّما اقتربنا من رفع الحظر كلياً عن ملاعبنا؟
أحداث جِسام يصل صداها إلى أبعد نقطة في الكرة الأرضية، وتأتي بتوقيت غير مناسب تماماً لتعيدنا الى المربّع الأوّل على حدِّ رأي السياسيين وعبارتهم المكرّرة دائماً.
ما زلنا نعيشُ ذروَة الانتعاش من جرّاء موافقة الاتحادين الدولي والآسيوي على نقل نهائي بطولة غرب آسيا الثانية للشباب من البصرة الى بغداد في أمسية الإعلان عن ولادة تحفة معمارية جديدة تضاف الى ملاعبنا الكبيرة (ملعب المدينة الدولي) الذي إمتلأ عن آخره بجماهير متعطّشة لمشاهدة المباريات وتشجيع فرقنا الوطنية، فكانت الأمسية حديث الإعلام العالمي في كلّ مكان الى الحدّ الذي رأينا الصُحف الخليجية برُمّتها تتحدّث عن عبثية الحظر المفروض على روعة دخول الجمهور العراقي الهائل الى الملاعب.
كان العمل تعزيزاً لجهود مضنية ومساعي حثيثة على مدار مدة زمنية طويلة سعت فيها اطراف عدّة لاسيما وزارة الشباب والرياضة استهدفت رفع الحظر الكروي عن الملاعب العراقية بعد حرمان دام عقود عدّة، وقد تجلّى هذا النشاط في فعّاليات مختلفة ومتنوّعة منها عن طريق اللقاء مع وزراء وسفراء وزيارات الى مقرّ الاتحاد الدولي بكرة القدم، ووقفات تطالب بحق البلاد في الاستضافة، ومبادرات مختلفة .. وبناء ملاعب كلّفتنا الكثير جداً.
كلّ تلك الأمور أريد لها أن تُضرَب بغفلة من الزمن، وتُدار بوصلات الإعلام الى الجانب السلبي المقيت الذي تكفّل به نفرٌّ متهوّر من الجماهير أو تلك المحسوبة على أنصار فريق أربيل (كما جاء في بيانات مؤسّسات حكومية ورياضية في إقليم كردستان) فأيّ تبرير يطرح يستوعب ما حصل في ملعب فرانسو حريري الأربيلي؟
مباراة الشرطة مع المضيف بهذه الأهميّة والجماهيريّة ضمن بطولة الكأس، كان لابدّ له أن يؤخذ بالحسبان وتدارك أي فعل يحصل حتى لا تضيع الجهود أولاً وأخيراً، ولا نرى حوادثاً مأساوية وصوراً وفيديوهات تشتعل بها مواقع التواصل الاجتماعي في العراق وخارجه تثير الألم لكل إنسان يتمتّع بقدر من الانسانية لبشاعة المنظر وعُنفه المفرط مقابل عدم وجود ردّة فعل حقيقية تقوّضه الى ابسط الحدود على أقل تقدير!
أزاء ذلك، أعتقد جازماً أن على الاتحاد العراقي لكرة القدم أن يبدأ من الآن تحضير إجابات موضوعية ستطرح في أول زيارة لوفود الاتحادين الدولي والآسيوي المقبلة الى العراق، وسيرون أن هؤلاء قد وثّقوا كل شيء بالصوت والصورة، ووصلوا للبحث عن إجابات صريحة واضحة ومؤشّرات كثيرة جداً ليس أولها عن الكيفية التي دخل بها قرابة 300 مشجع الى أرض الملعب وحالة الانفلات التي حصلت وآخرها من هي الجهة الضامنة بعدم تكرار مثل هذه الحالات في حالة خوض مباريات دولية على هذا الملعب أو غيره؟
قد يستغرب بعض الإخوة مثل هذه الطروحات، ولكنها حقيقية جداً وقد عايشناها مع وفود كثيرة زارت العراق واستفسرت عن أحداث عُنف حصلت في المُدن وليس في الملاعب! لا أعرف كيف ستكون الإجابة وقد غصّت البرامج التلفازية ومواقع التواصل بآلاف المشاهد المُرعبة وتأجيج المواقف وليس احتوائها على اعتبار أنها من المُمكن أن تحصل في أية مدينة وأي ملعب؟
إن البعض سينتقد طروحاتنا التي من الممكن ان تكون مباشرة مع العلم أن جميع الطروحات كانت مُبهمة ولا تعبّر عن شيء حقيقي يُذكر.
المهم أن يتم احتواء الموقف بصورة وأخرى، ولا نقصد أن يمرَّ مرور الكرام، بل البحث عن آلية عمل حازمة جداً تضمن عدم تكراره في أية منطقة من عراقنا الغالي في الشمال أو الجنوب وهذا هو الأهم.