طالب عبد العزيز
يؤرخ الاستاذ رفعت عبد الرزاق محمد لاصدار الملاحق في الصحف العراقية الى بداية القرن العشرين، فقد أصدرت ( صدى بابل ) في العام 1911 ملحقا عن والي بغداد ناظم باشا، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أصدرت جريدة ( العرب ) لصاحبتها سلطة الاحتلال البريطاني يوم 30 حزيران1919 ملحقا صغيراً، بصفحة واحدة، كتب عليه كلمة ( الصلح ) وإبان ثورة العشرين اصدر في النجف الشيخ محمد باقر الشبيبي جريدة باسم جردة ( الفرات ) بملاحق صغيرة خاصة باخبار الثورة.
وحين أعود بذاكرتي الى منتصف الستينات اتذكر قصة محمد خضير (البطات البحرية) التي نشرت بملحق جريدة الجمهورية، وفي بداية السبعينات نتذكر ايضاً جريدة المرفأ البصرية، التي كانت تصدر كملحق لمجلة الاذاعة والتلفزيون، ومع استقلاليتها بداية السبعينات، أيضاً يمكننا تسمية جريدة (الفكر الجديد) ملحقاً لجريدة طريق الشعب، الجريدة التي كانت زاداً ثقافياً ومعرفياً لم نكن لنستغني عنه آنذاك، ولعل الملاحق المتنوعة التي تصدرها جريدة المدى هي الاشهر والاهم منذ العام 2003 ، الامر الذي اسست له وبات عرفاً في الصحافة العراقية اليوم.
بالاهمية ذاتها نتصفح ملحق (الطريق الثقافي) الصادر في أول شهر كانون الاول، مع العدد اليومي لجريدة طريق الشعب، والذي عاود، وبحلة جديدة، بعد توقف دام سبع سنوات ونصف، ليكون زاداً ثقافياً مضافاً، باثنتي عشرة صفحة، تباينت في موادها بين الشعر والرسم والقصة والنقد والسينما والابواب الاخرى، وبما يبين الجهد المضاعف الذي في بذل في اختيار المواد والتصميم والتنفيذ والاخراج، ولا أغالي إذا قلت بانه أعادني الى سبعينات القرن الماضي، والى شغفي في الاحتفاظ بالملاحق، والعناية بأرشفتها لتكون جزءاً مما اقتنيه، وأحرص على مراجعته بين فترة وأخرى.
كانت تغطية المعرض الاستعادي للفنانة المكسيكية فريدا كالو ، الذي أقيم لأعمالها في متحف كوبرا، وسط أمستردام قبل ايام، أبرز ما تضمنه العدد، حيث جاءت الإشارة إليه في ثلاث صفحات من الجريدة، مع نشر بعض أعمالها، (كالو) التي كانت تمثل الأنموذج القاسي في فهم الحرية والدفاع عن قيم الثورة عبر الفن، وتحديها لسطوة الشهرة، التي كانت لزوجها دييجو ريفيرا، كأبرزرسام، لأكبر الجداريات في العالم، فضلا عن قصة مرضها وإعاقتها المعروفة، بعد الحادث الذي تعرضت له، ناهيك عن حياتها الجريئة والمختلفة، ومواقفها في السياسة والفن، وعلاقتها الجنسية مع تروتسكي.
وتأتي مادة الكاتب كه يلان محمد المعنونة( تبسيط الفلسفة- شرفة ارسطو ) بذات الاهمية المعرفية، فقد بحث في بدايات الفلسفة، منذ ارسطو حيث كانت تمزج الاسئلة الكونية الاولى بالخرافة، وانتهى عند حدود العقل والعلم، ووجودهما كمادة في فهم ما يدور حولنا، عبر تبنيها لأدق مفاصل حياتنا.. كما تأتي مجموعة القصص التي ترجمها سعيد بن عبد الواحد من أدب أمريكا اللاتينية واسبانيا والبرتغال لتضيف للملحق زاداً سرديا لا غنى لنا عنه، كذلك الأمر مع العرض لرواية فارغاس يوسا (أزمة مرّة) وقصيدة تيدهيوز، وقصة مارغريت دوراس، وقصة (حلم الضابط الأمريكي) لجبار ياسين .. وغيرها من المواد التي لا تسع الورقة لعرضها. ملحق الطريق الثقافي هو مما يُحتفظ به طويلاً.