TOP

جريدة المدى > سينما > المخرجة هانسن لوف: فيلم جزيرة برغمان يتحرى الحياة الزوجية والإبداع

المخرجة هانسن لوف: فيلم جزيرة برغمان يتحرى الحياة الزوجية والإبداع

نشر في: 8 ديسمبر, 2021: 11:53 م

ترجمة: نجاح الجبيلي

يحتفظ كل مخرج سينمائي ببضعة مشاريع تغلي على الموقد الخلفي، من النوع الذي يمكن أن يبقى هناك لسنوات حتى يسخنها شيء ما. لطالما أرادت "ميا هانسن لوف" كتابة سيناريو عن اثنين من المخرجين المتزوجين. كانت لديها رؤى شخصية، رغم كل شيء:

لقد تزوجت لمدة 15 عامًا من المخرج الفرنسي الأكبر سنًا منها أوليفييه أساياس ، الذي قابلها لأول مرة عندما كانت مراهقة إذ عملت في اثنين من أفلامه قبل الذهاب إلى الدراسة لتصبح مخرجة (كان لديهم طفل واحد. وتطلّقت عام 2017).لكن فكرتها لم تذهب إلى أي مكان حتى وفاة المؤلف السويدي إنغمار بيرغمان: لم تكن هانسن لوف تعرف ذلك بعد.

أخبرتني وراء الكواليس في مهرجان نيويورك السينمائي ، حيث تم الترحيب بحرارة بفيلمها الطويل السابع "جزيرة بيرغمان" ، كما حصل في مهرجان "كان" في وقت سابق من العام:"أقضي الكثير من الوقت في التفكير في فيلم. إنه يتطور باستمرار إلى اللحظة التي تبدأ فيها الكتابة. كانت نقطة البداية فكرة صنع فيلم عن مخرج وزوجته في يوم من الأيام. كانت هذه الفكرة معي طوال الوقت، بينما كنت أصنع أفلاماً أخرى. لدي خبرة في العيش مع مخرج وأن أكون مخرجة، وأحاول أن أجد التوازن بين حياتي الأسرية، كزوجة، والإبداع. وقد يكون هناك فيلم عن الإلهام: سيكون حول العلاقة، ولكن يدور أيضاً عن العملية الإبداعية داخل الزوجين". ولكن لم يحدث شيء حتى أصبحت جزيرة فارو السويدية المكان المناسب لكتابة هذه القصة".

بعد وفاة المؤلف السويدي إنغمار بيرغمان (30 تموز 2007)،اندهشتْ هانسن لوف بسبب مقالة قرأتها عنه في صحيفة "لوموند" الفرنسية. قالت: "بالطبع، كنتُ بالفعل من محبّي بيرغمان. لقد شاهدتُ الكثير من أفلامه، وقرأتُ سيرته الذاتية بعنوان "المصباح السحري"، وكان بالفعل شخصية أب أسطورية بالنسبة لي بطريقة ما. الغريب أنني رأيت [آخر فيلم له] بعنوان"سراباند" ربما قبل عام، [والذي] أثار إعجابي كثيراً. أوضحت هذه المراجعة-المقالة- بطريقة أصبحت أكثر واقعية بالنسبة لي: إن برغمان لم يكن هذا المبدع العظيم الذي يعيش على جزيرته، متقشفاً جدا، ووحيداً جدًا وهذه الصورة الذهنية لديه فحسب ، بل كان أيضاً عاشقاً رائعاً للمرأة. كان لديه العديد من الأطفال. لقد كان رجلاً حسيًا".

في الواقع ، تزوج بيرجمان خمس مرات وأنجب تسعة أطفال. وبعد أن أدهشتها حياته الإبداعية، زارت هانسن-لوف جزيرته الصخرية الشمالية النائية "فارو"، حيث تمت دعوتها لعرض بعض أفلامها في "عطلة نهاية الأسبوع لبيرغمان"، بما في ذلك فيلم "وداعا الحب الأول".

قالت هانسن لوف: "حين أتيت للمرة الأولى، توصلتُ للتو لنقطة البداية حول مخرج وزوجته قضيا الصيف في فارو لكتابة سيناريوهات. لم أكن أعرف ما الذي سيحدث بالضبط. إنها المرة الوحيدة في حياتي التي ذهبت فيها إلى مكان لتجربة الفيلم الذي كنت أكتبه، وهذه هي الطريقة التي كتبته بها". مع فيلم "جزيرة بيرغمان" ، تتحرى هانسن-لوف الأدب الذاتي مع شخصيتها البديلة: الكاتبة / المخرجة كريس (فيكي كريبس) ، المتزوجة من المخرج الأكبر سناً، والأكثر ثقة،المحترم توني (تيم روث). تستحضر المخرجة لوف أفلام أنغمار برغمان مثل "مشاهد من زواج" و ابتسامات ليلة صيف" و"الفراولة البرية"، بينما يستقر الزوجان في ملاذ صيفي مثالي في منزله في جزيرة فارو، مكتمل بالعروض والمحاضرات وركوب الدراجات، وجولات الجزيرة. بينما يستكشف الكاتبان قصصاً جديدة ، ننغمر نحنُ في فيلم داخل فيلم ، حيث تجتمع ميا واسيكوفسكا والممثل (والطبيب) النرويجي أندرس دانيلسن لي معاً في حفل زفاف ويشعلان الرومانسية مرة أخرى. في الفيلم، يصل الزوجان كريس وتوني إلى فارو، ويتفقدان منزلهما ويتحريان عن كتابات منفصلة، وبدلاً من الذهاب مع زوجها في جولة بالحافلة الرسمية، تنطلق كريس بمفردها وترتبط بخبير فارو الذكي هامبوس نوردنسون ، وهو مواطن محلي يؤدي الدور بنفسه بشكل أساسي. قالت هانسن لوف، التي التقت بنوردنسون في أول رحلة لها إلى الجزيرة: "لقد حدث ذلك بالفعل. إنه يمثل المدخل ليس فقط للخيال ، ولكن أيضاً إلى حاضر الجزيرة. خلاف ذلك، إذا لم يكن هو ، لكان الفيلم تحول إلى الماضي، لأنه عن بيرغمان ، وتراث بيرغمان ، وأفلام بيرغمان. و"هامبوس" هو الشخصية التي أوصلتها إلى حضورها في الوقت الحالي، والذي يتيح لها اكتشاف جزيرة أخرى". أخيراً، في حين أن علامات برغمان موجودة في كل مكان، إلا أن الفيلم لا يدور حوله. قالت هانسن لوف: "هذا هو الإبداع بالنسبة لتلك المرأة، وكيف تمكنت من تحويل ضعفها إلى قوة غامضة. الفيلم يدور حول العملية غير المرئية التي هي طريقتي في العمل، والطريقة الوحيدة التي أعرف بها كيف أصنع الأفلام. أتمنى لو كان بإمكاني أن أقرر صنع فيلم عن هذا أو ذاك. أتمنى لو كان بإمكاني أن أقرر من أنا. ... نقاط القوة الوحيدة التي أمتلكها كمخرجة، والتي حصلت لي نتيجة الآلام، ونقاط الضعف في حياتي".

جزء من هذا الاختلاف المتأصل بين المبدعة الأصغر وزوجها الأكثر خبرة هو فهم أنه ، كرجل ، لم يكن بيرغمان مضطرًا للقلق بشأن تربية أطفاله أثناء إنشاء أفلامه. وكما تعلم كل امرأة متزوجة، فإن رعاية الأطفال تقع عادة في المقام الأول على عاتق الزوجة ، وليس الزوج.

قالت هانسن لوف إن مشهد المطعم الذي تناقش فيه كريس وتوني هذا "هو جوهر ما يدور حوله الفيلم حقاً". وتضيف: "الأمر لا يتعلق بانتقاد برغمان ، لكنه يقودني فقط إلى التفكير في حالة المرأة. عندما يتعلق الأمر بالكتابة وكونك فناناً، فالأمر مختلف. وبالنسبة لي، السؤال هو ، "كيف يمكنني أن أكون صانعة أفلام بنفسي، في حين أنني لن أكون مثل بيرغمان؟ عندما لا أقوم بإنجاب الأطفال وأتركهم وأصنع أفلامي كما لو أنها غير موجودة؟ لن أتمكن من اكتساب القوة الإبداعية التي كان يمتلكها. لن أصنع 60 فيلماً أبداً وأنجب تسعة أطفال في نفس الوقت. ... هناك الكثير حول هذا التوازن الذي أحتاج إلى العثور عليه في حياتي الشخصية ومهنتي. لكنها ما زالت مهنتي. أعتقد أنها مهمة بالنسبة لي كما كانت لبرغمان. الأمر مختلف تماما".

هناك طريقة أخرى لاستكشاف هذه الشخصيات وهي وضع فيلم داخل الفيلم ، الذي تكتبه كريس. اختارت هانسن لوف الممثلين الأصغر سناً لتصوير آمي (واسيكوفسكا) وجوزيف (دانيلسن لاي) ، اللذين انفصلا عن علاقة جنسية ولكن تم لم شملهما في حفل زفاف.

صورت المخرجة القسمين بشكل منفصل، ويرجع ذلك جزئياً إلى مشكلات التمثيل البشعة في اللحظة الأخيرة (انسحبت جريتا جيرويج وجون تورتورو "في دور كريس وتوني"، وتبعهما البديل أوين ويلسون في اللحظة الأخيرة). أخيراً، كان على المخرجة تصوير الفيلم ضمن فيلم أولاً ، وبعد عام واحد ، أسند الدور إلى "كريبس" ثم أسند الدور الآخر إلى تيم روث بعد ذلك بعام. قالت هانسن لوف: "خلال الجزء الأول من الفيلم ، الجزء الذي تركز فيه حقاً على فيكي وتيم ، هناك أشياء تحدث لا تستطيع التعبير عنها داخل نفسها. يأخذ الإبداع مساحة كبيرة بحيث لا يوجد اتصال جسدي كافٍ بينهما مما يشكل مصدر معاناة لها. الفيلم في الفيلم مثل الجانب الآخر من نفس الشخص. والفيلم يدرس كيف يمكنك أن تكون كلاهما. إنها نفس الشخصية ، آمي وكريس ". وواصلت القول "في النهاية، هناك جانبان فقط. هذا ما يدور حوله الخيال بالنسبة لي: الكشف عن هويتك ولاهويتك في نفس الوقت؛ من لا يمكنك أن تكون ، ولكن من أنت في الداخل. هناك حوار وتوتر مستمر بين الشخصيات التي اخترعتها، والشخصيات الرسمية التي تصنعها عندما تكتب أفلاماً شخصية للغاية، وبين هويتك في حياتك اليومية. تستخدم أحياناً شخصيات خيالية للقيام بأشياء لا يمكنك فعلها في الحياة الواقعية، للتحرر عندما لا يمكنك التحرر. إنه أيضاً هروب بطريقة ما، ويساعدك على العيش والتأقلم والإيمان أيضاً". وهكذا يمكن أن تراوح هانسن لوف ذهاباً وإياباً أثناء عملية الكتابة بين قسمي الفيلم. قالت: "أشعر أنني آمي، لكنني أشعر أيضاً أنني كريس. وهما في الواقع مختلفتان، إنهما من أنواع مختلفة من النساء، لكنهما متماثلتان. إنهما مثل جزأين من نفسي".

في النهاية ، بعد خمس رحلات إلى فارو ، وقعت هانسن لوف في حب الجزيرة. قالت إنها ستعود الصيف المقبل: "سيكون مكانًا للكتابة ومكانًا للإجازة، لأن الكتابة والإجازة بالنسبة لي كانتا متشابهتين دائماً".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

ترشيح كورالي فارجيت لجائزة الغولدن غلوب عن فيلمها (المادة ): -النساء معتادات على الابتسام، وفي دواخلهن قصص مختلفة !

تجربة في المشاهدة .. يحيى عياش.. المهندس

مقالات ذات صلة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر
سينما

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

علي الياسريمنذ بداياته لَفَتَ المخرج الامريكي المستقل شون بيكر الانظار لوقائع افلامه بتلك اللمسة الزمنية المُتعلقة بالراهن الحياتي. اعتماده المضارع المستمر لاستعراض شخصياته التي تعيش لحظتها الانية ومن دون استرجاعات او تنبؤات جعله يقدم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram