محمد حمدي
مشروع صناعة البطل الأولمبي مصطلح سمعناه كثيراً من مؤسّساتنا الرياضية التي تحاول كسر حاجز النحس في أكبر تجمّع رياضي متنوّع في العالم يُقام كل أربع سنوات، ونقصد به "الدورة الأولمبية" التي كانت آخر نسخة لها الثانية والثلاثين في طوكيو حيث لم تسجّل للعراق أية ميدالية باستثناء تلك التي أحرزها البطل الراحل الربّاع عبد الواحد عزيز البرونزية الوحيدة للعراق خلال أولمبياد روما عام 1960.
ومناسبة الحديث الذي يبدو للوهلة الأولى في غير أوانه نظراً لبُعدنا عن دورة باريس الأولمبية عام 2024، هو ما تمّ اقراره في وزارة الشباب والرياضة يوم الأحد الماضي في هيأة الرأي بحضور الوزير الكابتن عدنان درجال ونقصد مشروع البطل الأولمبي وتشكيل لجنة متعدّدة الأطراف من وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية ووزارتي التربية والتعليم العالي، بهدف تقديم دراسة نظرية عملية لصناعة البطل الأولمبي للمستقبل بالمشاركة بين هذه المؤسّسات، مع اختيار وتفضيل الألعاب المناسبة لهذه المهمّة والتركيز عليها.
اعتقد أن الموضوع في غاية الروعة والجمال ولا يختلف عليه أي أحد إطلاقاً لأن الغصّة ستظلّ تلازمنا كل دورة أولمبية، نعيد ونصقل بالحديث نفسه، ولو تتبّعنا المؤتمرات والمشاريع السابقة التي فشلت جملة وتفصيلاً لوجدناها جميلة ومهمة على الورق فقط، ولا وجود لها على أرض الواقع لأسباب كثيرة يقف في مقدّمتها تبدّل الوزراء والمسؤولين فضلاً عن عدم جديّة التنفيذ!
ولو أردنا أن نخطو الخطوات الأولى للمشروع بحق فعلينا أن نستعيد شريط الأخطاء السابقة، ولانقع فيها، كما يجب أن لا تغرّنا أبداً تلك البطولات التي لا طائل منها ونقصد الإقليمية التي تتبجّح بها اتحاداتنا الرياضية، وهي أوّل من يعترف بزيف هذه البطولات وانجازاتها، والمشكلة الأكبر أن جميع الدول العربية قد سبقتنا وصنعت لها أبطالاً بألعاب معيّنة ولم يتبق في الملعب سوانا!
من المفيد جداً أن تكون تجارب الآخرين حاضرة ونطبّقها بالسؤال الأهم :ترى ماذا سنناله في دورة الألعاب الأولمبيّة في باريس؟ وهل حقاً بدأنا مسايرة الركب بتحضير لاعب معيّن لثلاث سنوات مقبلة وكيف يُصنع البطل الأولمبي؟ هل الأمر بتلك السهولة؟ وهل الإنجاز الأولمبي سيكون متاحاً لنا بالكلام فقط؟ وكم ستكلّفنا عملية صناعة البطل؟ وما هي الطريقة الأنسب لذلك؟ هل ستكون للألعاب الفرديّة أم الجماعية؟ وهل سيكون البطل المُعَد بألعاب القوى أم المصارعة والملاكمة أم تنس الطاولة أم الرماية؟
كل تلك الاسئلة يجب أن تُطرح وتتم الإجابة عليها من اللجنة المقترحة إذ تختلف تكلفة إعداد بطل أولمبي من لعبة إلى أخرى، وهذا الأمر يُعَدُّ منطقيّاً للغاية، حيث تتطلَّب كل لعبة رياضيّة أدوات وتدريبات وأجواء خاصّة تُميِّزها عن نظيراتها، ولكنها تشترك جميعاً في التكلفة الباهظة التي يتطلَّبها إعداد لاعب يستطيع الوصول إلى الدورة الأولمبية أولاً، ثم المنافسة على ميدالية ثانياً ومقارنة نتائجه بأبرز المنافسين له.
الحقيقة أن الصناعة للبطل الأولمبي لا تتحدّد فقط في الصعوبات اللوجستية والتكلفة المالية والبرامج التدريبية القاسية، ولكن هناك الإصابات أيضاً المتوقعة وغير المتوقعة في ظلّ أي ظرف كان لحماية الرياضي الموهوب وإعداده.
إننا إذ نضع بعض الأمور المهمّة في مشروع صناعة البطل الأولمبي وكلّنا أمل في نجاح التجربة لنجني ثمارها، وأن نعجّل في الاختيار والإعداد من الآن، ولا نضيّع أية فرصة للبناء المنشود، وهناك من القامات التدريبيّة العلمية في العراق بأعداد كبيرة تحبّ أن تخدم رياضة وطنها بكل أمانة لو مُنحت لها الفرصة.