TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عمودقرطاس عدد(2616)

عمودقرطاس عدد(2616)

نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 05:14 م

أكتب بغضب
 أحمد عبد الحسين
اسمحوا لي أن أكتب بغضب، فقد قرر مجلس النواب "بالإجماع" أن يمنح لكل عضو كريم من أعضائه الكرام مبلغ 750 ألف دينار لشراء القرطاسية، يأتي هذا بعد يومين فقط من قراره "بالإجماع أيضاً" منح كلّ من هؤلاء السادة مبلغ مليونين و250 ألف دينار شهرياً لشراء الصحف.
أقسم بالله إنهم يسخرون منا، يستهزئون بنا، هؤلاء النوّاب الذين لم ينتخبهم أحد، الذين صعدوا إلى مجلس المنّ والسلوى بقوائم مسخ مفتوحة ومغلقة، وآليةٍ مصممة ليفوز فيها ذوو القربى حتى لو لم يحرز أحدهم سوى خمسة أصوات ليس من بينها أصوات زوجته وأهل بيته.
نكتب في الصحف منتقدين هؤلاء الأباطرة ذكوراً وإناثاً وبين بين، هؤلاء الذين أركسهم الله ورفع عنهم السويّة الإنسانية فباتوا لا يشعرون بما يجري لأبناء شعبهم "الذي هم ممثلوه".
ولا يكاد يمرّ يوم دون أن نشاهد برنامجاً تلفزيونياً يمسح بهم الأرض مسحاً، والناس في الشارع والجامعة والمقهى وفي البيوت لا يذكرون هؤلاء إلا وأسماؤهم مسبوقة بشتيمة ومتبوعة بدعاء عليهم أن يمسخهم الله أكثر مما هم ممسوخون.
لكن يبدو انهم أدمنوا انتقادنا كما أدمنوا شتائم الناس وأدعيتهم الغاضبة، فـ"من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام".
أتخيلهم يضحكون وهم يقرأون هذا الكلام، يقهقهون وهم يشاهدون البرامج التي يُستهزأ بهم فيها، أو تصل إلى أسماعهم أنباءُ احتقار العراقيين لهم، فقد نبتت لهم جلود تماسيح بدل جلودهم، وصار المال السحت أكبر همهم، وأصبح ردّهم العمليّ على احتقارنا وكراهيتنا لهم هو هذا المال الذي يتراكم، والسيارات الملأى بالحمايات التي تزعجنا صباح مساء، والبيوت التي يشترونها هنا أو خارج العراق، ويقينهم أنهم فائزون في الانتخابات المقبلة بعون من خوف العراقيين من الطائفية الذي حين يزول يزول هؤلاء الفراعنة، وبعون من الآلية الانتخابية المصممة لرفع شعيط الذي يجر أخاه معيط يسحبهما من فوق أخوهم الأكبر جرار الخيط.
قرطاسية بمبلغ 750 ألف دينار، أي ما يساوي 11 مليار و700 مليون دينار لجميع الأعضاء خلال أربع سنوات هي مدة استوائهم على عروشهم في برلمان أخذ يتحول شيئاً فشيئاً إلى مغارة علي بابا. فإذا أضفنا ذلك إلى مبلغ الصحف التي سيقرأها السادة النواب يصبح المبلغ الإجماليّ 35 مليار ومئة ألف دينار عراقي بما محصلته 30 مليون دولار تقريباً.
ترى ما البحوث التي سيكتبها هؤلاء العباقرة بهذه القرطاسية؟ ما الذي سننتظره منهم من كتب علمية، من دراسات في الأنثروبولوجيا ومدونات في الفكر السياسي والفلسفة وبحوث في الدين والاجتماع؟
هل سيتحفنا أحد النواب برواية مثلاً، ذلك النائب الذي زوّر شهادته هل سيخرج لنا بعد انتهاء ولايته الميمونة بكتاب عن طبيعة المجتمع العراقيّ ليسعد علي الوردي في قبره؟
نعرف اننا في زمن أغبر، وان العراقيين أشبعوا صدمات وطعنات من الأقربين والأبعدين لكنْ أن نهون على أنفسنا لنصبر على حكم جهلة يسخرون من آلامنا، فذلك كثير أيها الأخوة، كثير حتى على شعبٍ اعتاد أن يصبر طويلاً قبل أن يفترس فراعينه الصغار والكبار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

العمود الثامن: لماذا خسرت القوى المدنية ؟

العمود الثامن: مع الاعتذار لعشاق الانتخابات !!

العمود الثامن: ماذا حـدث؟

عندما يجفُّ دجلة!

العمود الثامن: ماذا حـدث؟

 علي حسين قالها صديق عاد إلى الوطن بعد غربة طويلة.. سألني: لماذا أصبحت الهوية الطائفية حاضرة بقوة هذه الأيام؟ هل لأنّ هناك خطراً على الشيعة، أم أن السـُّنة يتعرضون لحملة اجتثاث؟ كانت أسئلته...
علي حسين

تحالف القضية الإيزيدية: خطوة أولى نحو تحالف وطني يتجاوز المكوناتية

سعد سلوم هل يمثّل فوز تحالف القضية الإيزيدية ولادة قوة سياسية جديدة للأقليات في العراق؟ وهل نجح الإيزيديون، عبر هذه التجربة، في إعادة تعريف التمثيل السياسي الذي ظل لعقود حبيس الكوتا والتجاذبات الحزبية؟ وهل...
سعد سلّوم

مرشّح التسوية: حين يتحوّل الانسداد السياسي إلى تقليدٍ لإنتاج الحكومات

محمد علي الحيدري باتت التجربة العراقية، عبر دورات انتخابية متعاقبة، تؤكّد معادلة ثابتة تكاد تُختصر بجملة واحدة: رئيس الوزراء الأكثر حظاً ليس صاحب الكتلة الأكبر، ولا زعيم القائمة التي تتصدّر النتائج، بل هو «مرشّح...
محمد علي الحيدري

قسوة الأرقام... والذكاء الاصطناعي

غسان شربل قالَ السياسيُّ العربيُّ إنَّه يشعر بالاستفزاز كلّما قرأ عن الذكاء الاصطناعي والتغييرِ المذهل الذي سيُدخلُه في حياة الدول والأفراد. والاستفزاز ليس وليدَ شعور بالصدمةِ من تغيير هائلٍ يقترب ولن يتمكَّنَ أحدٌ من...
غسان شربل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram