وديع غزوانليس هنالك افضل من نعمة الامن للانسان التي بدونها لا يكون للعيش معنى او طعم, وخير ما يؤكد ذلك قول الامام علي عليه السلام " نعمتان مجهولتان : الصحة والامان ".في إقليم كردستان , وبفضل تضافر جهود البرلمان والحكومة والقوى السياسية , فان ابرز ما يفخر به العراقي هو استقرار الوضع الامني فيه بشكل عام الذي كان احد الاسباب الرئيسة لتوجه الاستثمارات الى الإقليم وبالتالي تطوره ونهضته
رغم حدوث بعض الجرائم هنا وهناك بين فترة واخرى لكنها في الغالب تندرج ضمن اطار النزاعات العشائرية او جرائم غسل العار, على عكس بقية اجزاء العراق الاخرى وبالاخص بغداد, التي ما زال وضعها الامني غير مستقر لاسباب عديدة منها انتشار ظاهرة الجريمة المنظمة, التي من ابرز مظاهر ها عمليات السطو والخطف والتسليب, واستهداف الصاغة والمصارف, وآخرها استهداف البنك المركزي , التي لاتنفصل عن مخطط كبير هدفه زعزعة ثقة المواطن بالمستقبل وبالنظام والقانون والامن والقائمين عليها, الذي وجد في مجمل الاوضاع الشاذة التي مر ويمر بها العراق منذ 2003حتى الان متنفساً لتنفيذ جرائمه الارهابية . ربما مثل هذه الجرائم او اسوأ منها تقع في العديد من دول العالم بما فيها المتقدمة, غير اننا في العراق لم نألف مثل هذا النمط التسلسلي من الجرائم المنظمة المدعومة من قبل جهات عديدة محلية واقليمية ودولية. قد لايستسيغ البعض مثل هذا الطرح ويتهمنا بالعيش في وهم المؤامرة , غير ان واقع الحال اثبت بما لايقبل الشك ان العراق يتعرض وما زال لاكبر واخطر مؤامرة بهدف الإجهازعلى ما بقي في شعبه من قيم وآمال وطموحات , لكنه رغم خيبات امله التي سببتها صراعات السياسيين , ما زال متشبثاً ببصيص امل لاصلاح ما آلت اليه الامور, و لابد من ان يأتي يوم تكنس فيه الحقيقة الطارئين عملاً بقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم " فأما الزبد فيذهب جفاء, وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض "صدق الله العظيم .ما نريد ان نصل اليه هو ان مثل هذه الجرائم مثل غيرها لن تفت في عضد العراقيين , بل ستجعلهم اصلب عوداً واكثر تمسكاً بخيار المستقبل ان لم يكن لهم فلأ حفادهم على اقل تقدير , خاصة ان الاجهزة الامنية تمكنت في اغلب الجرائم من مسك خيوط المتورطين فيها وما يرمون الى تحقيقه من اهداف خبيثة , وهو ما يسجل اليهم . صحيح ان المطلوب هو خطوات استباقية تمنع قيام مثل هذه الجرائم وتستهدف منفذيها والمخططين لها قبل وقوعها , غير ان سرعة تطويق الجريمة بمستوى ما حدث من خرق في اقتحام البنك المركزي يدلل على تقدم ليس بالهين في عمل هذه الاجهزة . غير ان هذا يجب ألاّ يفهم منه تبرير لتقاعس البعض من العاملين في الاجهزة الامنية او تغطية الثغرات التي تساعد منظمي الجرائم على تنفيذ مخططاتهم , فما حدث في البنك المركزي وقبله اختراق سببه اخطاء واخفاقات , ولم يعد مقبولاً التذرع بان منفذي الجرائم ارتدوا زياً ورتباً عسكرية , حيث انها ليست المرة الاولى التي يجري تنفيذ مثل هذه الاعمال الارهابية تحت هذا الغطاء ما يعني ان هنالك خللاً لم تتم معالجته حتى الآن .ان تنفيذ مثل هكذا جرائم في وضح النهار رسائل سلبية تلقي سحباً من الشك في قدرة وفاعلية اجهزتنا الامنية ,وتعطي مبرراً للمتصيدين بالماء العكر لتفسيرات شتى , لذا المطلوب توجيه صارم بضرورة ان يشمل تطبيق القوانين الجميع خاصة في ما يتعلق بالتفتيش من دون استثتاء , ومنع دخول عناصرمن الجيش او الشرطة دوائر الدولة بل وحتى الدور والمحلات من دون امر واضح قانوني او قضائي مع تنسيق عالي المستوى , يمنع استغلال العناصر الارهابية هذه الثغرة وتحقيق مآربها الاجرامية . والمهم في امور كهذه نشر نتائج التحقيق بشفافية للمواطنين , وعدم تسويفها كما حصل في السابق .الجريمة المنظمة لها اسبابها المتعددة ومعالجتها تحتاج الى جهود استثنائية من بينها تطوير اداء اجهزتنا للقيام بواجباتها , غير ان الاهم هو الوعي بضرورة الالتزام بالتعليمات الامنية وعدم التذمر منها رغم صعوبتها .
كردستانيات: الجريمة المنظمة
نشر في: 15 يونيو, 2010: 05:31 م