الكتاب: اقتفاء آثار قاتل كنك في عالم من الضلالتأليف: هامبتون سايدزترجمة : عبد الخالق عليعند كتابته (الشيطان عند محاكمته) أخذ المؤرخ هامبتون سايدز على عاتقه رأياً فيه الكثير من المجازفة، فلقد جمع قصة درامية عن الأيام الأخيرة للقسيس د. مارتن لوثر كنك و أقحم قصة د. كنك مع مناورات جيمس إيرل راي – الرجل الذي تمت محاكمته و اتهامه بقتله.
عندما يكتب السيد (إيلروي) عن الدناءة و المؤامرة و الفساد و جرائم القتل فإنه يستمتع بهذه المادة الموضوعية ; اما أهداف السيد سايدز فإنها تختلف تماما اذ انه يكتب بلغة مؤثرة، مهيبة، خالية من الألفاظ الفاحشة، كما انه يخلق قوة دافعة لفيلم واقعي رصين. كتابه الذي يأخذ عنوانه من اغنية روبرت جونسون و يقترن بـ " طرق الى ممفيس " يصل إلى برنامج وثائقي من المؤمل إذاعته على قناة PBS في الثالث من مايس.ليس هناك الكثير من البرامج الوثائقية التي تحمل في طياتها ضرورة ملحة مثلما نجده في كتاب السيد سايدز. لقد نسج الحقائق بكل صدق و أمانة. انه يوسع الحقيقة، لكنه يفعل ذلك بمسؤولية عالية، و يطوف حول قضايا معينة دون ان يفقد تركيزه على الموضوع، و يعيد الى  الحياة قصة الأيام الأخيرة للدكتور كنك دون التوغل في جزئيات صغيرة.كلاهما – الدكتور كنك و راي – يولدان في هذه الصفحات المتميزة التي نكتشف فيها ترقبا كبيرا يلا مفاجآت. و لكي يحقق مثل هذا الخيال القريب من الحقيقة، فقد جاء السيد سايدز بطيف واسع من المصادر ; بعضها خال من العيوب مثل (ديفيد هالبرستام)، و البعض الآخر متواضع في محاولة لبناء التاريخ، مثل الدائرة الداخلية للدكتور كنك الذين كتبوا عن عملية الاغتيال، و البعض تم تجاهله في  المجرى العام للاغتيال.خلال العنف الذي كان يكتنف إطلاق النار و يركز الانتباه على الحادث نفسه، كان هناك أشخاص مرادفون لكنهم كانوا إما مختبئين او تم التغافل عنهم. إلا ان السيد سايدز يبني على ما تتذكره (جورجيا ديفيز) – السناتور من كنتاكي و الصديقة غير الشرعية للدكتور كنك التي تقول بانها كانت معه في الليلة الأخيرة من حياته. انه يذكر حقيقة ان (لوري بيلي)  - أحد المالكين البيض لفندق (موتيل) لورين الذي وقع فيه حادث الاغتيال – قد إنهار و توفي فورا بعد إطلاق النار. انه يذكّر القراء بالحزن العميق الذي عانته عائلة كنك، ليس فقط في تلك اللحظة و إنما أيضاً بعد ستة أعوام عندما جرى قتل البرتا كنك – والدة الدكتور كنك – أثناء عزفها على آلة الأورغ في الكنيسة. السيد سايدز يأخذ بالحسبان سرد الأحداث الذي قدمه راي.ان كتاب (الشيطان عند محاكمته) يحكي قصة رجلين، تتأرجح بين د. كنك و شخص آخر في الظل كان عام 1968 يطلق على نفسه اسم (إيريك ستارفو غالت). يقول السيد سايدز ان اسمه الثاني مأخوذ من إحدى شخصيات جيمس بوند.يبدأ السيد سايدز بوصف هروب غالت عام 1967 من السجن في مدينة جيفرسون، و نجاحه في الاختباء داخل صندوق مليء بالخبز المخصص للسجناء. يتحدث السيد سايدز بهدوء عن الجزئيات مفضلا مشهدا سريريا باردا عن غالت و رحلاته اللاحقة، و بذلك يتجنب الثمانية عشر عاما المتبقية من فترة سجنه عن سطو مسلح. كان يتجول في المكسيك و نجح في إخفاء حقيقته. انجرف غالت إلى لوس انجلوس و تخرّج من إحدى مدارس الضيافة كما  انهى دورة بالمراسلة في كيفية عمل الأقفال، ثم عمل متطوعا في الحملة الرئاسية لجورج والاس – الذي كانت خطاباته المحرضة على الفتنة و ادعاءاته بأن " الشعب كله في هذا البلد يشعر كما أشعر أنا " – كافية لإضفاء الجانب المعاصر المخيف على خطاب الكراهية في (الشيطان عند محاكمته). ثم يستمر الكتاب بمتابعته شرقا باتجاه ممفيس، دون ان يتجرأ على التطرق الى اعماله الداخلية، حيث ربما كان على علم بتواجد الدكتور كنك هناك. يقول السيد سايدز " في هذه الليلة كان (القائد) مليئا بالطيبة و البر بشأن ايماءة كريمة "  من د. كنك إلى القسيس جيسي جاكسون قبل لحظات من إطلاق النار. " كان يجذب ياقة قميصه، كما هي عادته عند شعوره بالثقة، و كان قد حلق ذقنه و وضع عطرا طيبا و مرتديا أجمل ملابسه. نظر الى جاكسون و ابتسم ابتسامة عريضة ". كان ضمن مدى سلاح غالت الذي اتخذ مكانا قرب نافذة عالية في حمام عمومي قذر في بيت لتأجير الغرف خلف موتيل لورين.صاح أحد النزلاء " يبدو هذا كأنه إطلاق نار " فأجابه غالت " نعم هو كذلك " ثم هرب مسرعا حسبما قالت تحريات مكتب التحقيقات الفيدرالي.يستفيد الكتاب من هذه البساطة العمياء استفادة ساحرة، و يختم بخاتمة واقعية موثوقة ان لم تكن شاملة. من الذي ارسل راي في هذه المهمة؟ السيد سايدز لا يعرف ذلك. كيف استنتج السيد جاكسون و أخبر مراسلي التلفزيون بأنه كان آخر شخص تحدث اليه الدكتور كنك؟ يخاطب السيد سايدز هذه المسألة لكنه لا يعزف عليها، و يجب ألاّ يفعل ذلك.كان السيد سايدز يبلغ السادسة من العمر في ممفيس عند إطلاق النار على د. كنك. إن هدفه الرئيسي في هذا الكتاب الديناميكي الصعب هو نشر نظرة رجل بالغ حول الأحداث التي لم يستطع سبر غورها أو نسيانها.