 إياد الصالحي

اِلتهى الإعلام الرياضي العراقي والخليجي بملف خليجي البصرة استثناءً من كل القضايا المصيرية التي تواجههُ على الصعيد المهني ودوره في مراقبة مؤسّسات بلده الرياضية، لما يُحدِثهُ تناول الملف من سوء هضم بعض اطرافها لوجبات الانتقادات التي اسهمت في تعميق جراح العراقيين بدلاً من تضميدها لغايات لم تنهِ بعد أحقاد الماضي القريب!

ما يدعونا للاستغراب أن العراقي هو نفسه سواء من كان يعمل بالقُرب من اتحاد كأس الخليج العربي في الدوحة أو من يمارس عمله في قناة فضائيّة ببغداد أو من يتفرّج على الملهاة بلا موقف! ونتساءل بحيرة لماذا لا يصطفّ الجميع وراء مصلحة العراق بدلاً من عرض مهازل التناحر في الآراء، أو الدفاع والهجوم كيفما اجتهد، أو تخوين الشقيق تارّة وضمّه بالحُضن "مجاملة" تارة أخرى؟

هذا الأخ العراقي الأول يقول "هناك تشاؤم غير مُبرّر" وذاك الأخ العراقي الثاني يُجاهر" كلا أنها مؤامرة .. انسحبوا ولا تتوسّلوا" ويردُّ الأول "وعود الخليج واقعية .. لا جود تخدير وتمييع للأمور" ويصرخ أخ عراقي ثالث "معقولة تصنعون من الحبّة قُبّة" ثم يستدرك "ربّما تسريب المعلومة يُراد منه جسّ النبض.. أكملوا شروطهم واسقطوا حججهم"!

ووسط كل ذلك، ينبري زميل خليجي ليُعلن بشكل مفاجىء عدم إقامة البطولة في البصرة بناء على "حسّه المهني" وليس نقلاً عن رئيس اتحاده الذي حضر الاجتماع العادي لدول أعضاء اتحاد كأس الخليج العربي الذي لم يناقش القضيّة أصلاً مترقّباً نفاد مدة الستة أشهر لإعلان الجاهزية من عدمها!

وخرج زميل خليجي آخر - تستعدُّ بلاده لتنظيم النسخة ذاتها - بتصريح غير بريء يؤكّد فيه عدم مغامرة الاتحاد الخليجي باسناد البطولة للعراق، مُعلّلاً ذلك بمعاناته من الجانب الأمني! في حين أن كلّ بيانات الاتحاد وتصريحات لجان التفتيش لم تتحدّث عن ذلك قط، وتناسى أن كبار مسؤولي رياضة بلده كانوا يتحدّثون لوزير رياضتنا عن شعورهم بالأمن والأمان في البصرة أكثر من أي مكان آخر، فهل كانوا (يتغشمرون)* معه؟!

كفى عبثاً بملف البصرة الخليجي، لا مؤامرة ولا توافقات سرّية ولا انقلاب في المواقف، مشكلتنا في أنفسنا، نعِد الآخرين من دون التزام، ولدى جميع مسؤولي رياضتنا القدرة على تحويل الموجب إلى سالب في تحليل أي مرض يواجهها، خاصّة وأن عِلل خليجي البصرة منذ عام 2010 لم تُعالج برغم استنزاف أكثر من مليار ونصف المليار دينار على إنشاء ملعب المدينة الرياضية لتنظيم البطولة، ولم يكشف أي من وزراء الرياضة جاسم محمد جعفر وعبدالحسين عبطان ود.أحمد العبيدي وعدنان درجال عن حجم الأموال التي خُصِّصتْ إضافة لهذا المبلغ منذ الشروع بعملية بناء أو صيانة أو تجهيز ملاعب وفنادق وقاعات وأماكن ترفيه ودعائم لوجستيّة، من أجل تلبية متطلّبات تنظيم بطولة تستمرّ أسبوعين فقط ولم ترَ النور حتى الآن؟

هل من المعقول أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي تضمّ نخبة من المستشارين في الرياضة والقانون والاستثمار والمال والاقتصاد لم تصارح رئيس الحكومة على مدى 11 عاماً بفتح تحقيق في مشروع خليجي البصرة وعرض نتائجه على مجلس الوزراء مع التوصية بجدوى تنظيم البطولة من عدمها، وتطالب وزير الرياضة بتنفيذ أمر الحكومة بعد مناقشة كل حيثيّات الملف؟!

كما يبقى التساؤل مطروحاً أمام تنفيذي اتحاد كأس الخليج العربي: نحترم جميع قراراتكم، ونقدِّر رغبتكم في إناطة العراق تنظيم النسخة 25، لكن توالي قبولكم ملفّ العراق عقب انتهاء كل بطولة لنسخ 2010 في اليمن و2013 في البحرين و2014 في السعودية و2017 في الكويت و2019 في قطر في ظلّ اصراكم على إنجاز العراقيين ذات المؤشّرات في تقارير المفتشين، ولم تكتمل إما مماطلة أو مناورة أو عجزاً منهم، فإنكم شُركاء في زيادة أوجاع الجمهور العراقي إزاء معاناته من مشكلته الأساسية بجثوم الحظر الدولي في ملاعبهم بأعذار واهية يفضحها انحياز الاتحاد الدولي للعبة (الفيفا) لاتحادات أخرى تعاني من مشاكل داخلية واضطرابات سياسيّة وفوضى عارمة في حياتهم اليومية لم تُحظَر منتخباتها من اللعب في أراضيها!

صارحوا اتحاد الكرة العراقي بعدم قبول ملفٍّ منقوصٍ لا يستوفي المعايير، فكل مُدد الانتظار للسنين المارّة بخجل على ضفاف البصرة الحبيبة أفضت إلى حقيقة واحدة :خليجي البصرة .. إكذوبة!

* يهزلون