TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: سؤال بريء للسيد المالكي

العمود الثامن: سؤال بريء للسيد المالكي

نشر في: 19 ديسمبر, 2021: 11:28 م

 علي حسين

ماذا كان سيحدث لو أن النسوة اللواتي خرجن يتظاهرن ضد محمد رمضان، تواجدن في تظاهرة تحت نصب الحرية للتضامن مع الشابة العراقية مريم الركابي التي تعرضت للاعتداء من شخص ملثم قام بتشويه وجهها وجسمها بمادة التيزاب؟، ماذا كان سيحدث لو أن النسوة طالبن بإقرار قانون "العنف ضد النساء"، ومحاربة المناخ الفاشي ضد المرأة؟، كما لو أن منظر حرق وجه الفتاة لم يهزّ وجدان نسوة يصرخن لا للغناء، وكأن لسان حالهن يقول: لا يهم أن تقهر المرأة وتحرق وتستلب شخصيتها!!، المهم أن لا تعلو أصوات الغناء في بغداد.

لم تخلُ قضية مهرجان "محمد رمضان" من بعض الفكاهة والسذاجة إن لم نقل "الكوارث"، ومن هذه الكوارث ما قاله السيد نوري المالكي من عبارات، من عينة "العراق يحتضن الساقطين والمبتذلين" ولم يكتف بذلك بل اتهم الشباب الذين ذهبوا لمشاهدة الحفل بأنهم تدافعوا من أجل إنسان "داعر"، آسف لمثل هذه العبارات، لكن ماذا أفعل ياسادة وصاحب هذه العبارات هو أمين عام لحزب ديني يُفترض أن مهمته إشاعة المحبة وقبول الآخر والدعوة إلى التسامح. لم يكتف السيد المالكي بوصلة "الشتائم" هذه ، بل تساءل: كيف استساغت الأمة هذا؟، ويقصد بالأمة، طبعاً الأمة العراقية، والغريب أن السيد نوري المالكي لم يتساْل : : كيف استساغت الامة ان تهب اموالها في وضح النهار ومن قبل احزاب حاكمة ؟ ولماذا لم تسأل هذه الامة عن مصير عقود التسليح والكهرباء والمشاريع الوهمية التي نمت وتطورت خلال السنوات الثماني التي كان فيها السيد المالكي على رأس السلطة التنفيذية؟ .لان الأمة أيضا لا يراد لها أن تسأل لماذا لا توجد مدارس ومستشفيات تليق بالمواطن العراقي ؟ ولماذا لا تزال مدننا تعيش في القرون المظلمة؟.

عندما يحاول سياسي تولى أرفع المناصب في هذه البلاد أن يُبعد الأنظار عن المشكلة الحقيقية التي يعاني منها الناس ويتصور أن بناء الدولة لا يتم إلا بمنع الغناء وإغلاق كل أبواب البهجة أمام الناس، وليس في نبذ السراق والمفسدين وأمراء الطوائف، فعلينا جميعاً أن نشعر بالخوف على مستقبل البلاد، لأن من يقول هذا الكلام اليوم فربما غداً يحوله إلى تشريعات تقضي برجم كل من يفكر الذهاب إلى حفل غنائي أو عرض مسرحي.

لن ينتهي "فيلم محمد رمضان" لأنه أظهر لنا أن أنصار دولة الضحك على عقول الناس أكثر مما نتوقع، وظهر أيضا أن مفهوم السيطرة على البلاد والعباد، سيكون بديلاً لمشروع الإصلاح وتقديم الخدمات، وأن حل مشاكل العراق يكمن في منع إقامة الحفلات .

حديث السيد المالكي يكشف لنا أن كارثة العراقيين ومأساتهم أكبر مما نتصور ، واكثر مما يتحمله المواطن المغلوب على امره .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram