مهدي الساعدي
بوجود اعداد قليلة من الزبائن، يواصل عمال المخبز الذي يعود لأحد ابناء مدينة العمارة عملهم، من اجل انضاج اكبر كمية من الخبز، لبيعه واعداد وجبات اخرى، لتسهيل حركة الزبائن، كان كغيره من افران ومخابز المدينة، لا شيء يميزه سوى تواجد اعداد اكثـر للفقراء.
كونه مضربا للأمثال لم ينتج عن فراغ، فثمة شيء كبير يربط بين صاحب المخبز والفقراء، اكبر من توفير رغيف الخبز او وجبة غذاء، صاحب المخبز كان اكثـر عطفا الى درجة وصلت الى بناء وحدات سكنية للمحتاجين من ابناء المحافظة.
عباس الطائي صاحب العقد الثالث من العمر لم يتوان عن تقديم ايادي العون للمحتاجين، ولكنه عرف ببناء الوحدات السكنية، لتصل اعدادها بالمئات مبتدئا من غرفة واحدة ذاتيا، وصولا الى تكوين جمعيات لشراء الاراضي وبنائها وتوزيعها للفقراء.
كانت بدايات الطائي كما يقول لـ(المدى) "اول تجربة لي في توفير المأوى، تعود الى احد الاشخاص المقعدين قبل اكثر من عشر سنوات، حيث كان يسكن غرفة آيلة للسقوط وتم هدمها وبناؤها من جديد بمشورة من احد الاصدقاء".
لم يكتف الطائي ببناء الدور والوحدات السكنية، بل تعداه الامر الى اطلاق نداءات اغاثة مختلفة، وتقديم المساعدات العلاجية للعديد من ابناء المحافظة، خصوصا من الحالات الطبية المستعصية، وسافر بمعية بعضها الى دول اخرى منها الهند.
يقول عباس الطائي لـ(المدى) "تلقيت اتصالات من مناطق مختلفة من داخل العراق وخارجه تعلن دعمها ووقوفها من اجل دعم الفقراء خصوصا بعد عرض تلك الوحدات على مواقع السوشيال ميديا او خلال توجيه مناشدة لحالة ما".
نجح الطائي ببناء اكثر من 170 وحدة سكنية متكاملة، وهو يسعى لبناء عدد اكبر من اجل توفير المأوى لهم.
تقول ام احمد وهي احدى المستفيدات من الوحدات السكنية التي خصصها الطائي، لعائلتها خلال حديثها لـ(المدى)، "وجهت نداء استغاثة لولدي عباس الطائي، شرحت له فيه معاناتنا بعد معرفتي بما يقدمه للفقراء، ولم تمض فترة طويلة حتى زارنا في مكاننا الذي يأوينا وشرحنا له حالنا واننا عائلة ايتام، ولا نملك سكنا وبالكاد نستطيع دفع إيجار منزل متهالك شهريا".
واضافت ام احمد "وبعد اشهر زارنا الطائي برفقة مجموعة من اصدقائه، وطلبوا منا مرافقتهم الى منزل تم بناؤه حديثا واخبرونا ان هذا المنزل لنا ومن دون مقابل، ونحن نعيش الان فيه والفضل يعود لولدي عباس الطائي".
الناشط في المجال الانساني محمد عطية افاد ـ(المدى) بالقول "تواجه الكثير من العوائل المتعففة والفقيرة في مركز واقضية ونواحي محافظة ميسان، مشاكل في ايجاد السكن وتوفير المأوى، بسبب تردي المردود الاقتصادي لتلك العوائل، وعدم ايجاد حلول مركزية لتلك الازمة، واضطرار الغالبية للتوجه نحو العشوائيات او البحث عن اماكن لا تصلح بالكاد للسكن".
وقد بينت وزارة التخطيط في شهر شباط من عام 2020، ان محافظة ميسان هي ثالث افقر محافظة بعد محافظتي المثنى والديوانية، وبنسبة فقر بلغت 45% بحسب ما افاد المتحدث الرسمي للوزارة بعد المسح الذي نفذته الوزارة نهاية عام 2018.
واضاف المتحدث في بيان اطلعت عليه (المدى)، "ان نسب الفقر تباينت بين المحافظات العراقية بحسب النشاط الاقتصادي، والحركة التنموية فيها وان قياس مؤشرات الفقر يعتمد على ابعاد متعددة، من بينها الصحة والسكن والتعليم والدخل والحاجة الى الغذاء".
تواصل عباس الطائي مع العديد من المهتمين بالشأن الانساني واعانة الفقراء والمعدمين، ساعده كثيرا ليس في بناء الدور والوحدات السكنية حسب بل في شراء الاراضي التي تشيد عليها تلك الوحدات السكنية.
يقول عباس الطائي لـ(المدى) "كلي امل في وصول اعداد الدور والوحدات السكنية التي نشيدها للفقراء والمحتاجين الى الف دار ووحدة سكنية لرفع المعاناة عنهم ومد يد العون لهم".