علي حسين
في شهر أيار الماضي نشر مجلس القضاء العراقي بياناً قال فيه إن نسبة الإدمان على المخدرات بين الشباب العراقي وصلت إلى 50% ، وان النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 في المئة، في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة..
قبل تقرير مجلس القضاء كانت تقارير تحذر من خطر انتشار المخدرات في العراق، فماذا حدث؟.. لا شيء في هذه الدولة التي تنتفض لحفلة غنائية، لكنها تصمت، عندما يتعلق الأمر بجرائم قتل وتعذيب النساء، فحين يهتف الجميع بصوت واحد: كلا كلا للرفاهية الاجتماعية، لا تحدثني عن ملفات البطالة، ونسبة الفقر، فهذه أمور بسيطة تُحل بخطاب "ثوري" عاصف.
في تقرير منشور بعدد اليوم من صحيفة (المدى) يخبرنا المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا، بأن "هناك أساليب ذكية وتقنيات حديثة يتخذها المهربون منها طائرات مسيرة".
منذ أن أطلق حزب الفضيلة صولته لحماية الأخلاق ومحاربة العراقيين "الكفرة" اكتشف المواطن العراقي أن مرحلة المخدرات ما كان لها أن تتأسس، لولا أفضال أباطرة الفساد.
من المؤكد أنّ كثيراً من العراقيين يشعرون بالحسرة وهم يشاهدون كل يوم أمماً وشعوباً كثيرة تتحرك لتعديل أوضاعها، أو تصحيح بعض الأخطاء في مسيرتها، إنّ ما يفرقنا عن هذه الأمم التي تسعى دوماً إلى تصحيح أوضاعها المتردية أنهم يملكون قوى حيّة وفاعلة للتغيير، في الوقت الذي لاتزال مدننا تخرج للاحتجاج على الأوضاع المأساوية ، إلا أن الساسة لا يزالون يفكرون في الفرق بين حكومة اغلبية و حكومة توافقية ، وايهما كاملة الدسم ؟ ! .
اليوم لدينا إعلام يوجه أطناناً من تهم الفساد كل لحظة للعديد من المسؤولين، كباراً وصغاراً، لكنّ معظمهم يطبقون نظرية اتركوهم يكتبون ويصرخون حتى لو كان الفساد مقروناً بوثائق، وبعض الفاسدين يتبجحون علناً بفسادهم.
والآن دعونا نتساءل: هل من أجل كراسي البرلمان طالب العراقييون بالتغيير؟ أو من أجل هؤلاء وغيرهم عشرات ابتهج أهالي البصرة والأنبار والموصل وبغداد وميسان وذي قار بانتهاء عصر الدكتاتورية ليجدوا أنفسهم محاصرين بـ"تقلبات" الساسة وصراعاتهم .
وفي أوضاع كهذه من حق العراقيين ألا يبالوا بموعد اعلان نتائج الانتخابات ، ولا يهمهم متى يعقد البرلمان الجديد اولى جلساته وأن لا يقعوا في غرامه العملية السياسية والسبب لأن بضاعتها قديمة وبالية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي فهي بضاعة مزيفة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها.
نعيش مع وجوه متعددة للفساد ، بل يمكنك عزيزي القارئ ان تقول انك نشاهد كل يوم مسرحية "الفساد للفساد" ، فساد من من كل لون ، بدأ بإغراق المجتمع بخطب وشعارات فاسدة ، واستمر الفساد ينمو وينتشر ، حتى وصل إلى التهام الشباب .