علاء المفرجي
في استذكار غائب طعمة فرمان في معرض العراق الدولي للكتاب.. ومن ضمن الندوات التي تناولت منجز فرمان، كان جانب السينما حاضرا بقوة في هذه الندوات، بأفلام عنه ومنه، واعني الافلام التي انتجت عن سيرة غائب وتجربته الأبداعية.. وايضا عن الفيلم المعد عن احد أهم رواياته (خمسة اصوات).
فمن الأفلام التي انتجت عنه فيلم المخرج فاروق داود (ذكرى وجذور) ، وهو مساهمة منه في إبراز دور فرمان في الأدب العراقي، متناولاً في 40 دقيقة جانباً من سيرته في الوطن والغربة (موسكو أيضاً).
فلا تزال شخصيات، كسليمة الخبازة وحمادي العربنجي وغيرهما، شاخصة ومحفورة في ذاكرة جيلنا على مدى 4 عقود»، وغائب طعمة فرمان يكاد يكون الكاتب العراقي الوحيد الذي يُركّب أشخاصه وأحداثه ورواياته تركيباً حقيقياً، كما قال الناقد جبرا إبراهيم جبرا. نزر يسير ما كُتب عن فرمان، وقليلاً ما ذكره أبناء بلده ومؤسّساته الثقافية المفتقرة إلى التقاليد. فلو فعلوا ذلك مع كلّ أديب ومبدع، لامتلأت شوارع العراق وساحاته بأسماء وتماثيل رموزٍ ثقافية وفكرية.
اختيار فرمان أثار مجدّداً قضية إهمال هذا الرمز الأدبي الكبير، الراحل قبل 30 عاماً الذي لم يذكره القطاع الرسمي، ولم يُكرَّم، ولم يتذكّره أحدٌ في الوسط الثقافي من أبناء بلده.. فإسم فرمان في المشهد الثقافي العراقي وقع خاص، فالجميع يشهدون لرواياته، بمن فيهم منتقدوه. في رواياته إمكانات تأثيث نصّ أدبي، كما تحمل أبعاداً اجتماعية وفنية وسياسية، تحتل مركز الثقل في أعماله، منذ بواكيره الروائية، كـ”حصاد الرحى” و”النخلة والجيران”، وصولاً إلى آخر أعماله، “المركب” (1989). إنّه أديب جدير بالنقد والبحث، استفاد بذكاء من خبرته الصحافية، وفي الترجمة لاحقاً. هذا تجلّى في فنيّة وخصوصيّة لمساته الواقعية على الحياة والأدب”.
أما الفيلم الثاني الذي تم اختياره عن غائب طعمة فرمان الذي أطلق عليه (غايب، الحاضر الغائب ) والذي حدثني عنه المخرج قاسم عبد في مكالمة هاتفية من لندن وهو تحت رحمة الحظر من وباء كورونا، هذا الفيلم الوثائقي القصير عن الروائي العراقي غائب طعمة فرمان والمبني على مقابلة قصيرة كان قد صوّرها لتجريب كاميرا 16 ملم مستعملة كان قد اشتراها عندما كان طالباً يدرس بمعهد السينما في موسكو سنة 1980، وبمساعدة أصدقائه الفنان فواد الطائي والصحفي والإعلامي سلام مسافر أجرى مقابلة مع فرمان .
وبسبب ظروف التنقل والترحال فقد قاسم هذه المقابلة وبعد أربعين عاماً ظهرت للوجود بشكل غير متوقع ولهذا قرر أن يعمل شيئاً عن غائب الذي غاب عنا ولكنه ما زال يعيش معنا.. فقد وجدت علبة الفيلم محفوظة لكل هذه الفترة مع عادل العبيدي أحد أصدقاء الروائي وبطل روايته “المرتجى والمؤجل”.
هذا هو ملخص القصة أو الفيلم الذي استعاده واستعاد معه ذكرياته يوم كان قريباً من غائب طعمة فرمان في موسكو، مثلما استعاد أيام دراسته السينما في مدينة الثلج هذه.
لكنه فاجأني في هذه المكالمة بلقيا أخرى تتعلق بمحاضرة لغائب في قاعة الكوفة مسجلة بالكامل يوم زار لندن، فاستضافته القاعة بتقديم الشاعر العراقي الرائد بلند الحيدري.. ويمكن أن يكون ذلك مشروعاً لفيلم طويل يتعلق بهذا الرمز العراقي الخالد.
واختيار فرمان أثار مجدّداً قضية إهمال هذا الرمز الأدبي الكبير، الراحل قبل 30 عاماً الذي لم يذكره القطاع الرسمي، ولم يُكرَّم، ولم يتذكّره أحدٌ في الوسط الثقافي من أبناء بلده. بل لا حضور بارزاً له في مواقع الأدباء العراقيين، رغم أنّ تَذكُّر الأعلام دليل حضاري على رقي المجتمع، ونضج مؤسّساته.