بغداد/ المدى
تحدثت وزارة الداخلية عن وجود انخفاض في معدلات التحرش، لافتة إلى أن السبب في ذلك يعود إلى زيادة ثقافة الفتيات بعدم السكوت تجاه هذه الظاهرة والإبلاغ عمن يتعرض لهن.
وقال مدير الشرطة المجتمعية في الوزارة، العميد غالب العطية، إن "ظاهرة التحرش موجودة في جميع المجتمعات، لاسيما لدى فئة المراهقين". وأضاف العطية في تصريح لوكالة الانباء الرسمية تابعته (المدى)، أن "الشرطة المجتمعية وبالتعاون مع المؤسسات الأمنية الأخرى، عقدت الكثير من الندوات والمؤتمرات، والجولات الميدانية، للحد منها".
وتحدث عن "عديد من الشكاوى بخصوص تعرض بعض طالبات المدارس إلى التحرش، ومن ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة".
وأردف العطية، أن "القانون يعاقب المتحرش بالسجن من شهر إلى 3 أشهر، إضافة إلى غرامات مالية"، مبيناً أن "مثل هذه الحالات تكثر في المدارس المختلطة".
وأكد "تنفيذ برامج توعوية عديدة للحد من هذه الظاهرة، كما عملنا على إقامة ندوات في دوائر الدولة التي يشاع فيها وجود ظاهرة التحرش، من خلال توعية الموظفين والكوادر المتواجدة في المؤسسات". وبين أن "هذه الظاهرة بدأت بالانخفاض عما كان موجودا قبل عامين أو أكثر، حيث وجهنا الفتيات بعدم السكوت عن المتحرشين، وصدهم والتبليغ عنهم للحد من هذه الظاهرة".
بدوره، ذكر الأكاديمي في علم النفس، أحمد الذهبي، أن "أسباب التحرش نفسية، ويعد اضطراباً سلوكياً، يدعمه خلل مجتمعي".
وأضاف الذهبي، أن "هذه الظاهرة خطيرة، كون آلامها وتأثيراتها النفسية تستمر على مدى طويل، ولا تمحى من الذاكرة، لاسيما الأنثى، المتعلقة بالإهانة والابتزاز من قبل المتحرش".
ولفت إلى أن "التحرش الإلكتروني أصبح من أكثر الأنواع انتشاراً، في ظل تزايد منصات التواصل الاجتماعي، حيث أدى الى تدمير الكثير من الأسر الآمنة، فهو بمثابة عمليات سطو مسلح تدخل إلى البيوت".
وأشار الذهبي، إلى أن "هناك أكثر من سبب لانتشار ظاهرة التحرش، يتمثل الأول بالاضطراب السلوكي للمتحرش".
وبين، أن "ذلك معناه أن المتحرش ليس مريضاً نفسياً بل هو إنسان ذو سلوك مضطرب بصرف النظر عن عمره أو مستواه الاجتماعي والثقافي، حيث أنه شخص مدرك لأفعاله ولكنه يعاني خللاً يدفعه للتصرف بعنف تجاه الآخرين".
ونوه الذهبي، إلى أن "السبب الثاني للتحرش هو رد الفعل، فبحسب الدراسات فإن العدوان الذي يمارسه المتحرش يكون كرد فعل لعدة أسباب منها بايولوجية، مثل ارتفاع معدلات التلوث البيئي ما يسبب ميلاناً للعنف، كما توجد أسباب نفسية واجتماعية مثل تفكك الأسر والزحام والقمع والحرمان".
وذكر، أن "السبب الثالث هو التربية غير السليمة وهي بمثابة الاضطرابات النفسية التي تجعل المتحرش يعاني من الانكسار ويرى بهذه الظاهرة هي المتعة التي من شأنها أن تشعره بالمتعة والقوة".
وأوضح الذهبي، أن "تواطؤ المجتمع يشعر المتحرش بالدعم ويدفعه لتكرار مثل هذه الافعال، حيث أن رد الفعل المتساهل مع المتحرش يدفع للنظر إلى أن الضحية هي الطرف الأضعف ما يدفع إلى الاصرار على تكرار مثل هذه الافعال".
ودعا، للوقوف "ضد هذه الظاهرة، لاسيما وسائل الإعلام التي يجب أن تأخذ دورها بتوعية المواطنين، إضافة إلى المؤسسات التربوية والمؤسسات الأمنية، لكي نتمكن من القضاء على التحرش". من جانبها، رأت الأكاديمية والباحثة الاجتماعية، ندى العابدي، أن "اكثر ظاهرة يثار حولها الجدل والتراشق بتوزيع المسؤوليات هي ظاهرة التحرش".
وأضافت العابدي، أن "الظاهرة قديمة ودائما ما تحدث في جميع المجتمعات، فهي لا تعتمد على تطور المجتمع أو على ثقافته، والجميع يشترك بها".
وطالبت بعدم تحميل "المسؤولية على طرف دون حساب الطرف الآخر، وبالتالي فإن السبب الرئيس لمثل هذه الظاهرة هو أساليب التربية".
وزادت العابدي، أن "المجتمعات العربية غالباً ما ينظر إلى المرأة فيها على أنها خلقت لغرض الإنجاب أو الغريزة، وأن جسمها عورة في حال لم تغطيه".
ووجدت، أن "هذا يشيع تعرضها لمختلف انواع التحرش سواء كان لفظياً أو معنوياً أو جسدياً، وسبب ذلك هو تربية الرجل في الأسرة على أنه يتميز على المرأة، وبالنتيجة تتم الاستهانة بها، ولا يحترم كيانها".
وذهبت العابدي، إلى إمكانية "محاربة مثل هذه الظاهرة والحد منها، من خلال التربية والتوعية، والتأكيد على أن الذكور والاناث يعيشون حياة تشاركية".
وبينت، أن "ترسيخ هذا المفهوم بتربية الاطفال وتعضيده بمناهج التعليم والوسائل الإعلامية، يؤدي إلى انخفاض كبير بظاهرة التحرش، وتعزيز صورة المرأة التي أصبحت مهزوزة في المجتمعات العربية".
إلى ذلك، أفاد الخبير القانوني علي التميمي، بأن "هناك أكثر من نوع للتحرش يحاسب عليها القانون، يتضمن الأول منها استخدام القوة أو التهديد، ويحاسب عليه القانون وفق المادة ٣٩٦ من قانون العقوبات بالسجن ٧ سنوات وتشدد العقوبة إلى ١٠ سنوات إذا كان المجني عليه أقل من ١٨ سنة".
وتابع التميمي، أن "النوع الثاني، يكون بالطلب حيث عاقب عليه قانون العقوبات في المادة ٤٠٢ بالسجن ٣ اشهر أو الغرامة، وتشدد العقوبة إلى ٦ أشهر في حال تكرار الفعل".
ونصح بـ"ضرورة تشريع قانون بهذا الشأن، وأن تجمع هذه المواد المبعثرة وإيجاد الحلول النفسية والاجتماعية خصوصا بوجود هذه الجريمة مع التطور التكنولوجي".