د. خالد السلطاني
غيب الموت في 18 كانون الاول 2021، واحدا من اشهر المعماريين الحداثيين «ريجارد روجرز» Richard Rogers،
عن عمر بلغ 88 عاما، هو المولود في فلورنسا /ايطاليا عام 1933. ومن اصول انكليزية. هاجر اجداده الى ايطاليا حوالي سنة 1820، على ان والده قرر ان يعود الى انكلترة سنة 1939، والتى فيها اكمل روجرز تعليمه المعماري بمدرسة “الجمعية المعمارية” (الاي. اي. A.A.) في عام 1959، ثم بعد ذلك حصل على الماجستر في العمارة من جامعة “يال” في امريكا سنة 1962.
ويعد روجرز مثل زميله “رينزو بيانو” (1937) R. Piano المصممّين لواحد من اشهر مباني القرن العشرين وهو مبنى “مركز جورج بومبيدو للفنون”، المطل على ساحة “بوبور” في باريس/ فرنسا والمشيد ما بين 1971- 1977. كما يعتبران ايضا مؤسسا تيار “التقنية المتقدمة” High –Technology، المعروف اختصاراً بـ “الهاي – تيك” Hi- Tec، التيار المعماري الذي كتبت عنه يوما ما بانه “ من أكثر تيارات عمارة ما بعد الحداثة انتشاراً وحضوراً في الخطاب المعماري المعاصر، ليس لان هذا التيار يجعل من مقاربته المميزة وأسلوبه الخاص بمثابة “قطيعة” معرفية مع بقية المقاربات التصميمية المعروفة سابقاً، تلك المقاربات التى ما لبثت أن ظهرت بشكل فجائي وسريع على مسرح المشهد المعماري الحداثي مؤخراً، وإنما أيضاً بسبب تقبل طروحاته بسهولة من لدن مصممين مختلفين ينتمون إلى مناطق جغرافية متباينه ذات خلفيات ثقافية متنوعة، وقد ساهم ذلك كله في تكريس حضوره في الممارسة المعمارية المعاصرة كأحد التيارات المعمارية المهمة في المشهد المعماري العالمي؛ هذا عدا اعتماده بصورة واضحة ومباشرة وصريحة على آخر مستجدات النجاحات التقنية، ما جعل منه تياراً معمارياً مقبولاً وشائعاً يدرك من قبل الجميع كون منتجه يعكس بوضوح “اميج” عمارة ما بعد الحداثة ورمزها التصميمي في عصرنا الراهن”.
صمم “ريجارد روجرز” العديد من المشاريع المميزة بضمنها مبنى لويد في لندن (1978 – 84)، و مركز المعلومات في وكالة رويترز بلندن (1987 – 92)، ومجمع ديملير في برلين / المانيا (1993 – 99)، ومطار مدريد/ اسبانيا (2004)، و قبة الالفية (1999) في لندن، وغير ذلك من المشاريع المعمارية المهمة. حاز على جائزة البريتزكر عام 2007، والكثير من الاوسمة والالقاب الفخرية. اسس مع اخرين مكتب استشاري باسم “Rogers Stirk Harbour+ Partners (RSHP) “ في 1977.
بالنسبة لنا: العرب، فان اسم “ريجارد روجرز” قريب لنا، عندما سارع مع مثقفين آخرين بضمنهم “جارلس جينكس” في اعلان تضامنه مع القضية الفلسطينية، ونظم اجتماعا من المعماريين والمخططين ونقاد العمارة في مكتبه بلندن سنة 2006، واصدروا بيانا يدين”.. الضم غير القانوني للأراضي الفلسطينية وبناء الجدار الفاصل الخرساني الذي يمر عبر الضفة الغربية والقدس”..وعبروا عن غضبهم من ان “.. المهندسين المعماريين والمخططين والمهندسين العاملين في المشاريع الإسرائيلية في الأراضي المحتلة “متواطئون في القمع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي” و “في انتهاك لقواعد آداب المهنة. وقال البيان من ان : “التخطيط والعمارة وأنظمة البناء الأخرى تستخدم لتعزيز نظام الفصل العنصري للسيطرة على البيئة”. وطالبوا بطرد المهندسين المعماريين الإسرائيليين من الاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين”.
وفي حينها شنت الاوساط الصهيونية والمتعاطفه معها حملة واسعة وشائنة ضد المعمار الانكليزي ورفاقه الموقعين على البيان، وهددوا مكتبه بسحب جميع المشاريع التى ينفذها والتى قدرت تكلفتها بالمليارات من الدولارات وقتذاك. وفي النتيجة أًجبر الرجل لسحب توقيعه عندما رأى ان زملائه في المكتب تخلوا عنه وعن مساندتهم لمنطوق ذلك البيان الشهير. بعد ذلك، بوقت لاحق، استقال “روجرز” من المكتب معللا استقالته في الحفاظ على مكتسبات المكتب وتماشيا مع رأي زملائه.