TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ماذا يريد السياسيون من التلفزيون؟

ماذا يريد السياسيون من التلفزيون؟

نشر في: 16 يونيو, 2010: 04:52 م

د. صفد حسام الساموكتذهب المؤرخة الأمريكية اليزابيت ل. ايزنشتاين في معرض وصفها إمكانيات التلاعب التي يمكن أن يقوم التلفزيون إلى الحد الذي تقول فيه: ((مثلما يدفع التلفزيون بقوة، وعلى نحو فريد من نوعه، المعرفة عبر حواجز الأمية.. فانه يحول الحياة كلها إلى صور متحركة ومثير حسي، ويخلق الانطباعات بدلاً من الأفكار، والعواطف بدلاً من التفكير...
 وتماماً كما دمر اختراع الكتابة قيمّة الذاكرة التي دافع عنها سقراط، فان الثورة الالكترونية تخفض من قيمة الكتابة... والآن، وفي الوقت الذي يمكن فيه مشاهدة العالم على الشاشة، زالت الحاجة إلى الكتابة.. وأصبح مطلوباً تركيز الجهد لتحويل الأفكار إلى كلمات، ومن ثم تحويل الكلمات إلى صور ذهنية، وتداعيات تثير استجابات وسلوكيات وأفعال عاطفية... إن التلفزيون لم يحدث ولم يحدد متطلبات كهذه، وإنما يؤثر مباشرة على الحواس والمشاعر، وينسجم تماماً ويتوافق مع تفضيل الإنسان للطرق الكسولة في اكتساب المعلومات والخبرات)).rnالشعور عن بعدتميّز التلفزيون عن وسائل الإعلام التقليدية الأخرى، بأنه استطاع أن يولف ما بين الصوت والصورة والحركة، بطريقة أكثر اكتمالاً، من خلال اللون والشكل والحركة والتنظيم المكاني، فضلاً عن أنه جعل المتلقي يشهد ما يجري حوله في العالم مباشرة...كما وظّف بقية وسائل الاتصال التقليدية، ومنها الصحافة لصالحه، وتحوّل بذلك إلى وسيلة جديدة للإعلام والترفيه والتثقيف، وتمكن من أن يترك انطباعات مؤثرة بشكل أكثر لدى الجمهور، نسبة إلى الصحافة المكتوبة أو الإذاعة، لأنه أوجد لهم الشعور بالمشاركة في الأحداث، أو ما يسمى بعامل الحضور وهي الصفة النوعية التي تميز بها، عن غيره من بقية الوسائل، من حيث مقدرته على التأثير.لقد أعطت الصورة التلفزيون إمكانية أن يكون أقرب كثيراً إلى الشكل الشفوي، وأكثر مباشرة في الاتصال، لاسيّما مع ما تتسم به الصورة الحيّة من فاعلية وتأثير.. لذا فإن مصداقية التلفزيون، من وجهة نظر المتلقي، فاقت مصداقية باقي وسائل الاتصال نسبياً، وهذا يرجع بدرجة كبيرة إلى بعدي الصوت والصورة، بالنسبة إليهم، وهما يعملان معاً، وكونهم يقضون من الوقت مع هذه الوسيلة، أكثر مما يقضون مع الوسائل التقليدية الأخرى، ويؤكد معهد دراسات الرأي العام التابع لهيئة الإذاعة اليابانية إن كثيراً من اليابانيين يعدّون التلفزيون جزءً لا يتجزأ من حياتهم اليومية، وان ثلاثة أشخاص من بين كل عشرة يعتبرونه من حياتهم اليومية... وفي الولايات المتحدة الأمريكية تشير إحدى الدراسات العلمية إلى إن ثلثي الأمريكيين تقريباً يحصلون على أنبائهم ومعلوماتهم من التلفزيون، الذي أصبح في بريطانيا وسيلة الإعلام الأساسية لغالبية جماهير المملكة المتحدة.إن تلك المميزات التي أتسم بها التلفزيون، عملت على تعزيز دوره في توضيح الأفكار والمعلومات المعقدة والمجردة عن طريق إمكاناته الفنية المتنوعة، مثل: حركة الكاميرات المختلفة، والتأثيرات البصرية في المزج والقطع والمونتاج الالكتروني، ولقطات الكاميرا المتعددة، والتي يكثر استخدامها في توضيح التفاصيل الدقيقة، وإمكاناته في المؤثرات البصرية، وقدرته على تكبير أصغر الأشياء، ومنها إمكانية عرض ما لا يرى إلا من خلال عدسة المجهر.ويزيد من أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه هذه الوسيلة الاتصالية في المجتمعات السياسية المختلفة، الاعتقاد بان التلفزيون يشكل القيّم والعادات السلوكية، أكثر من أية وسيلة أخرى، وانه كلما زادت معدلات مشاهدته، كلما أصبح المتلقي يميل إلى الاعتقاد بالعالم ورؤيته، وفقاً لما يقدمه التلفزيون، وذلك على الرغم من إن بعض ما يقدمه مضلل.. وفضلاً عن خلق أوهام عن الواقع، يمكن الإحساس بها على نحو أقوى من التجربة الفعلية، فان التلفزيون يستطيع أن ينقل أجزاء من الحياة من بعد زمني إلى آخر، وتشكل الإعادة التلفزيونية والتكرار المستمر أحياناً للأحداث المثيرة شيئاً مختلفاً تماماً، يستطيع أن يراكم (الإحساس، الانفعال) فوق العاطفة، إلى أن تصبح الاستجابة التراكمية أعظم وأقوى من رد الفعل الأول.rnوسيط الغربيقول هنري دبليو. أيرمان: إن التلفزيون في الغرب مارس دور الوسيط الرئيس بين القوى السياسية والمواطنين الأفراد، وكان له تأثيره في الممارسات السياسية، إذ أصبحت الشخصية القادرة على تقديم أداء جيد في التلفزيون عاملاً أساسياً في السياسة، وأصبحت الصورة والمشاهدة عوامل مهمة فيها، كما ساعد التلفزيون على إعادة ترتيب القضايا السياسية، والاختيار من بين مجموعة كبيرة من المواضيع والمشاكل والقضايا، التي يتم تداولها بين القوى السياسية والاجتماعية، وإبرازها لجماهير المواطنين، ناهيك عن ان التلفزيون صار الحلبة التي تدور داخلها الحملات الانتخابية الوطنية، وحل بقدر كبير محل المهرجانات واللقاءات الجماهيرية الحاشدة.وقد حددت دراسات معاصرة إمكانية تأثير التلفزيون في عملية الانتخابات السياسية، في انه يؤثر في المنافسة الانتخابية، لأنه القناة الأساسية الأكثر اتساعاً التي تحمل العروض والوعود السياسية للأحزاب والمرشحين السياسيين إلى الناخبين المحتملين، كما انه يوجّه نظر الناخبين إلى الإجراءات التي يتخذها السياسيون، والتي ليس في مقدور الناخبين إدراكها بشكل مباشر (مثل: حالة العجز في ميزانية الد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram