محمد حمدي
ينشغل الوسط الرياضي بجميع متعلّقاته الفنيّة والماديّة والإعلامية بتقييم منجزات دأب العالم أجمع على القيام بها بعد نهاية كل عام، وهي حصيلة مهمّة تعطي دلالات احصائيّة على قدر كبير من الموضوعيّة في تشخيص الخلل وعلاج ما يُمكن علاجه في العام المقبل، والافادة من كل صغيرة وكبيرة حدثت خلال الموسم الماضي، وما أصاب الجمهور الرياضي من صدمات جرّاء التراجع الذي لا يريده أي غيور على مصلحة بلده ورفع اسمها عالياً في ميادين المنافسات.
للايضاح أكثر، لا ضير من سوق أمثلة مهمّة لعلّها تأتي بفائدة، ومنها مثلاً ما فعلته الاتحادات الرياضيّة والأندية في رومانيا بمراجعة سجل انجازاتها القاريّة وتأشير 42 خللاً في إعداد البطلات والأبطال في الفئات العمريّة لألعاب الجمناستك والسباحة والمصارعة وتأليف لجنة مختصّة لوضع الحلول على الأرض وليس على الورق.
ومثلها فعل الاتحاد الياباني المشترك لأربعة ألعاب قتاليّة استخدم بها جداولاً احصائيّة غاية في الدقّة لتأشير انحرافات مهمّة في الإعداد والتدريب والانقطاع بسبب تراكمات فايروس كورونا أو الظروف الجويّة ومشاكل الطيران والرحلات الجوية، الكثير من الدول التي تعتمد التخطيط المستقبلي لرياضة الانجاز فعلت مثل ذلك، ومنها مصر وتونس وإيران والإمارات والأردن، لذلك نرى لهذه البلدان انجازات وميداليّات متكرّرة على المستوى الأولمبي، بل وفي كل دورة أولمبية نتفاجأ بلعبة جديدة يدخل بها رياضي عربي للمرّة الأولى.
الحقيقة أن مناسبة الكتابة في هذا الشأن هي فضلاً عن انقضاء عام كامل من الزمن ونزيد معها أنّ دراسات التشخيص والاحصاء والنقد وغيرها توضع على الرفوف كأوراق فقط من دون الرجوع اليها مع أنها علاجات وتشخيصات مهمّة جداً.
لقد تحدّث وزير الشباب والرياضة الكابتن عدنان درجال منذ أيام قلائل أثناء اللقاء برؤساء وممثلي الأندية في كركوك عن مشاكل كثيرة جداً تعترض مسيرة الأندية الرياضية التي تعد بمثابة خلايا التماس الأولى بالموهبة الرياضية في جميع مفاصل الرياضة وألعابها وأشَّرَ بأعتباره الشخصية الأولى لأهم مؤسّسة رياضيّة في العراق عن نقطة خطيرة تمثل تراجعاً مُخيفاً لمستوى أداء الأندية بمختلف الألعاب وعدم تطوّرها في الأداء.
أن الذي تحدّث به ممثلو الأندية هناك هو في حقيقته اختصار لواقع الأندية ومعاناتها حتى المؤسّساتية منها وإن اختلفت مساحات المعاناة، وتكمن في تجهيز نفسها وتحمل الانفاق الذي لا تطيقه النسبة الأكبر من دون أن تعتمد المركزية الحكومية.
ضُعف النادي يعني ضُعف الرياضي والحركة الرياضيّة بصورة عامة، فمَن مِنّا يدرك حجم المعاناة لأبطال وموهوبين يبحثون عن "لُقمة العيش" وهم الذين تحدّوا الظروف ليس فقط في الحياة، بل في الملاعب والصالات والقاعات في تحدٍ غير متكافئ مع عوامل طبيعيّة يُصعب التحكّم فيها كالحرارة القاسية أثناء ساعات التمرين أو البرد القارس، وعدم تمتّع اللاعبين حتى بوسائل النقل!
كلها عوامل كفيلة بخروجهم وانكسارهم في أية منافسة أو الانسحاب منها، بالرغم من سنوات الإعداد والتدريب والسفر والجهد والتفاني من أجل لحظة واحدة تترجم فيها تلك المساعي إلى إنجاز مُشرّف تُرفع فيه الرايات وتمنح خلاله الميداليات وهذا ما يحصل معنا بالضبط لا نعالج الخلل في كل سنة وننتظر حصول معجزات بنيل الميدالية الأولمبية.
إن اعتماد التجارب غير الناجحة هي أهم مفاصل النجاح الذي ننشده، أما كثرة اللقاءات والاجتماعات وتأشير ذات الخلل كل مرّة مع انتهاء العام أو الموسم سوف لن يغني أو يُشبع ما لم تصاحب تلك التشخيصات إجراءات فعليّة على الأرض، وهذا هو المطلوب لتتعافى رياضتنا.