إياد الصالحي
غريب جداً أن نجمع كل أمانينا في أواخر كانون الأول للسنة المنتهية، ونضعها في سلّة التالية، ونحن نعرف أن بداياتها لن تختلف عن النهايات المفتوحة إلى فضاء الدهشة أزاء سلوكيات بعض البشر وأفعالهم المُثيرة للشُبهات بعدم صلاحهم للعيش كشُركاء في وطن كلّما دارت عليه السنين يتجدّد يأسنا من واقعه، ولا حلّ أمامنا سوى الهروب بذكرياتنا والعمل بالنصيحة "إذا كان التسامح قلادة فضيّة نهديها للناس، فالنسيان أغلى ذهبيّة تليق بنا"!
أرحلي ياسنة الفواجع، وخُذي معك صور الأحبّة، وتمعّني في وجوههم الباسمة يوم كانوا بالأمس يوقدون شموع سعادتهم معنا من لهيب محبّتهم، وحماسة عملهم وصدقيّة علاقاتهم .. وأصبحوا اليوم في عالم آخر، ليس بيننا وبينهم سوى صمت يترقّب إطلالتهم في حلم عابر قد يتأخّر، ودمع حائر يسرق لحظات الشعور بالتذمّر من قدوم سنة جديدة خوفاً من فاجعة أخرى لم يعد القلب متأهّباً لها!
ماذا نسترجع في استذكار محطّات مهنيّة شاقة، عن رياضة قتلها الطامعون بأموالها؟ أم عن مُنجزات على الورق قبض المخادعون أموالها وحصّنوا مواقفهم بذرائع واهية؟
أيّ ملفّ نستلُّ من بطولات قاريّة وأولمبيّة نسجّل حضورنا الشرفي في فنادقها ونتبادل كروت التعريف مع أصدقاء طارئين، ونغادر فجراً مع أول طائرة عائدة الى الوطن بعد بدء المنافسة، نتظاهر بفوائد الاحتكاك وزوال الرهبة من مواجهة الأقوياء كأننا نذهب إلى "مصحّة" موسميّة أو كل أربع سنوات، ولا شأن لنا بالميداليّات أو حتى بإثبات القدرات على ممارسة رياضتنا خارج حدود بغداد والمحافظات!
لسنا أوّل دولة تمرُّ بأزمة انحسار الصحافة ومعاناة المستقلّة منها في شحّة مصادِر التمويل، واستسلام بعضها للانسحاب من العمل، وإيقاف صدورها، وربّما تلتفتُ الحكومة الجديدة إلى ظروفها بقرار مدروس يُعظّم مواردها ويُحيي نشاطها المُهمّ في ملعب إعلامي واسع ضاعت قيمتها وسط محاولات البعض اليائِسة بالبروز الفوضوي وجذب اهتمام المتابعين بانتقادات شخصيّة تطال رموز الرياضة من أجل التظاهر بشجاعة الطرح، فيما الحقيقة ليست كذلك، تنمُّ عن جهل فاضح بحدود حرّيته، متى تبدأ .. وأين تنتهي؟!
أكثر ما آلم الجماهير في سنتهم المارّة بسرعة، أن وعود قادة الرياضة بمفاصلها الصغيرة والكبيرة تكشف عجزهم عن الإيفاء بها برغم أهمّيتها على صعيد رفع الحظر الدولي مثلاً إذ بقي في إطار التقييم والترقّب بلا سقف زمني مُحدّد! وما أن يحدُث أي خرق أمني في البلاد كحال بقية البلدان سرعان ما يخرج الفيفا بتصريح مُقتضب "نأسف ..الوضع غير آمن"!
وهكذا التعاطي مع ملف بطولة كأس الخليج التي لم تشهد تدقيقاً حول منشآتها مثلما شهده العام 2021، وفي النتيجة تم تأجيل البتّ فيها الى مطلع عام 2023!
الوعود ذاتها باستقدام مدرّب أجنبي رفيع السُمعة ينجو بمصير الأسود في الخليج، وإذا به يقضي رحلة سياحيّة ينتعش خلالها بآلاف الدولارات ويهرب إلى بيته تحت جنح أمسية قطرية مُبكية!
هكذا حال الرياضة والصحافة معاً .. وغداً سنطوي صفحات المدى لعام 2021، ولا ننسى من فارَقنا بلا وداع، زُملاء أوفياء كانوا نماذج مُشرِّفة للعمل المهني والإخوّة في السرّاء والضرّاء، رحم الله حيدر مدلول الحساني وطه كمر الدليمي ومحمد حنون السعدي "ثلاثي القسم الرياضي" الذي أكمل 18سنة من زمن تأسيسه بفضل جهودهم مع زملاء أعزّاء منهم من يعمل في مؤسّسات أخرى، ومنهم من يواصل المساهمة في أعمدة الرأي أمثال عمار ساطع ومحمد حمدي ورعد العراقي وممتاز توماس وحسين جبار وعلي المعموري، لهم منّا جميعاً أجمل عبارات المباركة باستقبال العام الجديد.