اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دراما 2021 العراقية

العمود الثامن: دراما 2021 العراقية

نشر في: 29 ديسمبر, 2021: 11:20 م

 علي حسين

منذ 19 عاماً وهذه البلاد تتردّد في خطواتها، لأنّها ترى في العجلة الندامة، فماذا يعني إذا ما تأخرت مشاريع الكهرباء والصحة والتعليم، وارتفعت نسبة الفقر، وزاد عدد المشرّدين والمتسوّلين؟، المهمّ أن تترسّخ الديمقراطية التي تسمح للجميع ان يجلسوا على كراسي السلطة .

ماذا فعلت السرعة بنا؟، جعلتنا نتخلّى عن عقلية "تكنوقراطيّة" بوزن حمد الموسوي، وكان الرجل يأمل أن يجعل من العراق، ياباناً جديداً أو في أقل التقديرات بلاداً تنافس سنغافورة، ولكن ماذا نفعل مع الشعب الذي خذل عقلية اقتصادية استطاعت بفترة قياسية أن تلفلف مليارات الدولارات؟.

عندما بدأت الصين في الانتقال من المجتمع الزراعي إلى مجتمع صناعي متطور، لم تذهب باتجاه البنوك للحصول على أموال، بل كان باني الصين الحديثة دينغ شياو يقوم بزيارة سريّة إلى سنغافورة ليعرف بنفسه سرّ تطورها وكيف تحولت هذه الجزيرة من مستنقع فقير إلى قوة اقتصادية كبرى، وليقرر بعد عودته إلى بكين أن ينقل بلاده من زمن الخطابات والشعارات، إلى عصر "اليوان الصيني" الذي يُرعب الأسواق إذا ما مسّه سوء. أراد "دنغ كسياو بنغ" وهو يبني الصين الحديثة أن يفيد من تجربة دول مثل اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية. سافر إلى طوكيو والمدن الأخرى، وزار الشركات الكبرى، وفي النهاية اكتشف أن التطور يعني مسؤولاً يحب وطنه وشعباً يحترم العمل .

في كل عام يملأ السياسيون حياتنا بالأكاذيب وبيانات التهريج، وفي خطابات مكررة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات "صاغراً" لانتخاب من يمثله طائفياً، لا وطنياً. وبكل صلافة يتحول الكثير منهم إلى محللين اقتصاديين وخبراء في شؤون الطاقة الذرية، وأحيانا فقهاء في لباس المرأة ومكياجها.

التاريخ بالتأكيد لا يصنعه شخص واحد، وهذه الجملة أتمنى أن يتعلمها جميع الذين يقفون على منصات الخطابة هذه الأيام، يتحدثون عن النزاهة وبناء الدولة، وعن الفرص الضائعة، وكأن الناس هي التي ضيعت هذه الفرص، وهي التي تقاسمت المليارات التي نهبت في وضح النهار.

في كتاب "قصة موجزة عن المستقبل" يروي لنا المفكر الفرنسي "جاك اتالي"، ألذ حكايات السنين المقبلة، والمستقبل الذي ينتظر بلداناً مثل الصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية، ولم ينس أن يضع معها سنغافورة وفيتنام. يقول أتالي: "هناك دول اختارت أن تحجز لها مكاناً في الصفوف الأولى من عربة المستقبل"… فيما نحن اخترنا أن نتحول إلى بلاد لـ"الممنوعات".

في كل الأحوال، وبرغم الحالة التي ينتهي فيها عام 2021 بكل مشاهده الدرامية ، ومعارك ابطال الفيلم العراقي ، أقول لكم: كل عام وأنتم على عتبة أيام أفضل لا تشاهدون فيها الكثير من الوجوة التي حولت حياة الناس الى مهازل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. Anonymous

    الله يسمع منك!

  2. مهند البياتي

    عاد الوعي لبعض العراقيين، الذين رفضوا اعطاء اصواتهم للحكيم والعبادي وعلاوي والعامري والخزعلي، نأمل ان يغير قسم من المستقلين النمط الطائفي الذي ساد برلماناتنا السابقة، والمسيرة تبدأ بخطوه واحده الى الامام

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram