اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: خدعوك فقالوا: حماية المواطن !!

العمود الثامن: خدعوك فقالوا: حماية المواطن !!

نشر في: 2 يناير, 2022: 11:49 م

 علي حسين

أصبح القتل سهلاً، وعادياً جداً، ويمكن لأي عسكري يحمل سلاحاً أن يصدر حكماً بقتل أي مواطن، مطمئناً من أنه يحمل تراخيص رسمية بالقتل.

في كل جريمة ترتكب ضد مواطن ، تخرج القوات الأمنية بسلسلة من البيانات المتناقضة، واحد يقول إننا طاردنا تاجراً للمخدرات، وآخر يكتشف أن تاجر المخدرات تحول إلى إرهابي، وثالث يشكو من جبروت هذا "المتهم" الذي قرر أن يقتل عائلته ولم يستثن منهم رضيعاً يبلغ عمره سبعة أيام، الجميع ينظر إلى الشعب باعتباره خارجاً على القانون وتجب تربيته وإعادته إلى الحظيرة، ينبغي ضربهم وقتلهم من أجل أن لايتطاولوا على أسيادهم، هذا هو المنهج الذي تسير عليه قوات الأمن التي شاهدنا كيف كانت باسلة وهمامة وهي تتصدى للمتظاهرين، فيما نراها منكمشة وخائفة في مواجهة عصابات الجريمة المنظمة والسراق.

أياً كان من يقف خلف "مجزرة جبلة"، فإن العقاب يجب أن يكون سريعاً وحاسماً. سنسمع الكثير من التبريرات، وسيجد البعض قصصاً مشوقة يسلي بها الجمهور، بل ربما يذهب الخيال ببعض المسؤولين إلى اتهام جهات أجنبية بتدبير حادث القتل، إلا أن الجميع يجب أن يدرك بأن ما جرى إنما هو استهداف لدولة المواطنة والمؤسسات التي صدعوا رؤوسنا بها.

أراد الجناة أن يقولوا لكل عراقي إنه في مرمى نيرانهم، وإن بإمكانهم النيل منه متى شاؤوا، أرادوا أن يستخفّوا بما تردده أجهزة الدولة عن حمايتها للمواطنين، وليثبتوا بالدليل القاطع أن هناك قوى لديها سلطة ونفوذ أكبر من سلطة القانون والدولة.

ماجرى في بابل علامة تنذرنا بسقوط دولة القانون، الجميع داسوا القانون بأقدامهم ، لقد جرى كل شيء بمعزل عن القانون، وإذا كان تجرؤ مواطن على سلطة القانون أمراً خطيراً، فإن الأكثر خطورة أن أجهزة أمنية قررت أن تُغيب القانون وتستحضر روح القطيع.

ماحدث من مجزرة يجب أن ينبهنا إلى عدة أمور خطيرة، أهمها أن القوات الأمنية تحولت من جهة مهمتها حماية المواطنين والسهر على أمنهم.. إلى جهة تسعى لتنفيذ مخطط مرسوم بدقة وعناية للدفاع ولو بالسلاح عن كل مصالح شخصية ونزعات عشائرية .

ولهذا ستظل المجزرة التي جرت في أحداث بابل ، نقطة سوداء في ثوب الدولة العراقية، وستبقى وصمة عار تلاحق كل من يتواطأ بالصمت ويتلوث بتقديم المبررات والمسوغات لمرتكبيها.

ما لم تقم الحكومة ومعها القضاء برد اعتبار الذين قتلوا، فإنهم سيظلون أقرب إلى دولة الاستبداد، منهم إلى دولة العدالة الاجتماعية والحرية كما حلم بها العراقيون.

ستنتهي السطور التي تكتب عما جرى في الحلة.. لكن سيبقى سؤال واحد: كيف تنسى لضابط في الأجهزة الأمنية أن يصدر أوامر بإبادة عائلة بأكملها؟

أعتقد أن العراق كله يجب أن يبحث عن الإجابة الصحيحة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

العمودالثامن: نائب ونائم !!

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

 علي حسين درس العلامة جواد علي أخبار وأحداث ابن الأثير وحفظها واطّلع على معظم ما كتب عنها وكل ذلك في إعجاب شديد وحب صادق، وكان جواد علي ابن الكاظمية يعرف أن الموصلي "...
علي حسين

بيانات جديدة عن حالة الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: ثلاثة بلدان في المنطقة تعاني من المجاعة بينها العراق

د. فالح الحمـراني أظهرت منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة معدلات عالية بارتفاع نسب المجاعة وسوء التغذية، فضلا عن أعراض مثيرة للقلق للغاية تتعلق بزيادة نسبة السكان الذين يعانون من السمنة. ويرجع هذا الاتجاه...
د. فالح الحمراني

نظرة في الميدان السياسي العراقي.. إلى أين يفضي؟

عصام الياسري أسفرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في ديسمبر كانون الأول 2023، عن مكاسب كبيرة للأحزاب الطائفية الماسكة منذ العام 2003 بالسلطة. وبضعة انتصارات طفيفة فقط للقوائم المناهضة للمؤسسة ولم تفز الأحزاب السياسية المعارضة...
عصام الياسري

التعديل والأهلية.. جدل الفقه الجعفري مع قانون الأحوال الشخصية في العراق

علي المدن مرة أخرى تفشل مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق بعد أن سبقتها محاولة أولى عام 2017 تقدم بها النائب حامد الخضري. وكما أعلنت تحفظي في المرة الأولى، وكتبت مقالين نشرتها في...
علي المدن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram