خفف من التصعيد وسحب معتصمي الخضراء لمغازلة زعيم التيار
بغداد/ تميم الحسن
تضغط دولة جارة على القوى الشيعية المعروفة بـ"الاطار التنسيقي" لترتيب اوراقها مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر- صاحب اعلى المقاعد- حتى وان تطلب الامر التضحية باحد قادة "التنسيقي".
وكانت قوى الإطار قد زارت الصدر، الاسبوع الماضي، في النجف وسط غياب لعدة اطراف، ما دفع الاخير الى اصدار بيان بان اللقاء كان مع تحالف الفتح- وهو احد اطراف التنسيقي- الذي يقوده هادي العامري.
وامام القوى السياسية الفائزة في الانتخابات اقل من اسبوع لانعقاد اول جلسة للبرلمان في دورته الخامسة، وحتى الان لا يبدو هناك اتفاق واضح من هي الكتلة الاكبر التي ستسمي رئيس الوزراء، ولا اسماء الرئاسات الثلاثة.
ويعتقد ان اليومين القادمين سيشهدان اندماج احد الاطراف السنية الكبيرة مع الصدر، وقد يعلن ذلك في النجف حيث مقر اقامة الاخير او في بغداد، فيما يبقى امر القوى الكردية غير محسوم حتى الان.
وتذهب بعض الآراء الى ان الخلافات بين القوى السياسية لن تحل في اسبوع واحد وقد تعقد الجلسة الاولى للبرلمان التي سيرأسها احد قيادات تحالف عزم، وتترك "مفتوحة" في "سيناريو" تكرر في دورات سابقة.
ووقع رئيس الجمهورية برهم صالح على المرسوم الجمهوري لدعوة مجلس النواب الجديد للانعقاد يوم 9 من شهر كانون الثاني الحالي.
وقال الرئيس إن "الآمال معقودة لتلبية الاستحقاق الوطني بتشكيل حكومة مُقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد وتُعزز السيادة".
وأضاف أن هذا "يستوجب التكاتف من أجل تحقيق الإصلاح المطلوب لعراق مستقر ومزدهر".
وأشار المرسوم الذي نشرت الوكالة الرسمية صورة منه إلى أن أكبر الأعضاء المنتخبين سنا في المجلس الجديد سيترأس الجلسة.
دور طهران
وتشير مصادر سياسية مطلعة الى ان التيار الصدري مازال الكتلة الاكبر عددا، لكن قوى الاطار التنسيقي تحاول باية طريقة اقناع الاخير بالاندماج معها.
وفشل "التنسيقي" في اجتماعي بغداد والحنانة، الذي جرى قبل ايام من نهاية 2021، في ثني الصدر عن موقفه بتشكيل حكومة اغلبية سياسية.
وتقول المصادر المقربة من الصدر لـ(المدى) ان "الوفد الذي زار الصدر اعاد اليه فكرة تشكيل حكومة توافق"، مبينة ان ايران "تضغط على الاطار للاشتراك مع الصدر باية طريقة".
وتؤكد المصادر ان "طهران غاضبة من خسارة القوى الشيعية القريبة منها، ويمكن ان تقبل باية ترضية حتى لو كانت على حساب عزل نوري المالكي".
وتبدو اجراءات تخفض التصعيد بعد قرار رفض الاتحادية طعون العامري بالنتائج، وانسحاب المتظاهرين من امام الخضراء بعد شهرين، هي مغازلة او مبادرة "حسن نوايا" للتقرب من الصدر.
الغائبون عن لقاء الحنانة
وزار الوفد النجف برئاسة هادي العامري، وسط غياب المالكي رئيس الوزراء السابق وهو عراب "الاطار التنسيقي"، حين كان الصدريون قد صرحوا في احد المناسبات، بان هذا التشكيل "وهمي".
كما غاب عن الوفد ممثل زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم الذي اعلن انه لن يشترك في الحكومة، ورئيس الحكومة السابق حيدر العبادي.
وعن الاخير توضح المصادر التي كانت قريبة من اللقاء، ان "العبادي كان قد اتفق في لقاء بغداد الذي جرى الشهر الماضي، على انه يريد الاشتراك في الحكومة ويرغب بوزارة واحدة".
وحصل تيار قوى الدولة الذي تزعمه الحكيم والعبادي على 4 مقاعد، 3 منها للعبادي، فيما كان تحالف الفتح قد خسر اكثر من نصف مقاعده التي حققها في انتخابات 2018 التي شهدت عمليات تزوير واسعة باعتراف الامم المتحدة والحكومة انذاك.
أكد رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، الاربعاء الماضي أن اجتماعهم مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كان "إيجابياً ومسؤولاً"، مشيراً إلى أنه "ستكون لنا عودة مرة أخرى للنجف".
وبحسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس تحالف الفتح، أشار فيه إلى أن "اللقاء كان ايجابياً ومسؤولاً ومنطلقاً من تغليب مصلحة الدولة القوية والنجاح في المرحلة القادمة".
وأضاف: "سيتم استكمال بحث ضمانات النجاح في بناء الدولة، وفي الأيام القريبة المقبلة ستكون لنا عودة مرة أخرى للنجف" .
وعقب اجتماع الحنانة علق الصدر على شكل الحكومة المقبلة قائلاً: "حكومة أغلبية وطنية". وجاء في بيان عن مكتب الصدر أن الاخير استقبل "وفداً من تحالف الفتح ورئيس هيئة الحشد الشعبي اليوم الأربعاء بالحنانة في النجف".
ويمتلك الاطار التنسيقي اكثر من 61 مقعدا، لكن الاخير يزعم انه يملك اكثر من 90 مقعدا بعد اندماج عدد من الاطراف الذين لم يكشف عن اسمائهم او هوياتهم بشكل واضح.
إعلان الكتلة الأكبر
وتشير المصادر المقربة من زعيم التيار الصدري، الى ان الاخير "يقترب" من اعلان الكتلة الاكبر بعد اعلان مرتقب بالاندماج مع تحالف "تقدم" الذي يقوده رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، الذي يطمح بولاية جديدة.
وترجح هذه المصادر ان "الحلبوسي قد يزور الصدر في مقر اقامته في الحنانة بمدينة النجف خلال اليومين القادمين للاعلان عن التحالف او العكس".
وبذلك سيكون التحالف هو الاكبر حتى الان، حيث ستصل مقاعده الى 116 مقعدا، حيث يمتلك الصدر 74 مع اعلان الفائز الوحيد عن تجمع اهالي واسط الانضمام الى الاخير، والحلبوسي 42 بعد انضمام 4 مرشحين منفردين الى التحالف.
رئاسة البرلمان
ويجري تنافس محموم بين "تقدم" وتحالف "عزم" الذي يقوده خميس الخنجر الذي زاد مقاعده الى 32 بعد انضمام 4 قوى سياسية و6 فائزين منفردين، على رئاسة البرلمان.
والمصادفة ان "عزم" ستقود البرلمان اول انعقاده، حيث اشار كتاب صادر من مفوضية الانتخابات الى ان اكبر الفائزين سنا هو محمود المشهداني، القيادي في تحالف الخنجر، وايضا احد ابرز المرشحين بدلا عن الحلبوسي الى جانب ثابت العباسي، وخالد العبيدي، وهم جميعا ضمن تحالف عزم.
ويتوقع رحيم العبودي، القيادي في تيار الحكمة، ان المشهداني سيترك الجلسة الاولى – وهي جلسة بروتوكولية- "مفتوحة" لحين حسم الخلافات.
وينتخب النواب رئيساً للبرلمان ونائبين له بالأغلبية المطلقة في الجلسة الأولى، ثم ينتخب البرلمان رئيساً جديداً بأغلبية ثلثي النواب خلال 30 يوماً من انعقاد الجلسة الأولى.
ويقوم الاخير بتكليف مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة، ويكون امام رئيس الوزراء المكلف 30 يوماً ايضا لتشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان للموافقة عليها.
لعبة المستقلين
ويقول العبودي ان "الاسبوع المتبقي لحين انعقاد الجلسة الاولى سيكون محاولة كل القوى السياسية تجاوز مساحة الاخرى لاعلان الكتلة الاكبر وتسمية الرئاسات الثلاثة".
ويتوقع القيادي في الحكمة ان "المستقلين هم بيضة القبان الذين سيحسمون امر الكتلة الاكبر هذه المرة".
وفاز 42 مرشحا في الانتخابات الاخيرة خارج نطاق الاحزاب والقوى السياسية، وبعد شهرين فقط على نهاية الانتخابات تحرك اكثر من 12% من المرشحين الفائزين باتجاه القوى السياسية المعروفة او تشكيل كتل جديدة.
ويتابع العبودي: "في الجلسة الاولى ستظهر ملامح من هي الكتلة الاكبر"، مشيرا الى وجود سيناريوهين اثنين "الاول هو اندماج التيار الصدري مع تقدم والحزب الديمقراطي الكردستاني، والاخر هو اندماج الاطار التنسيقي مع تحالف عزم وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني".