عبدالله السكوتيوهذه كناية عن اشد مايلاقي الانسان من ضيم واذى، والبغداديون انما وصفوا الموت بالاحمر، لانه لون الدم الذي يعني القتل، كما وصفوا العيش الرخي بالعيش الاخضر، والفقر المدقع بالفقر الاسود، والقلب الطيب بالقلب الابيض، والمزاج الرقيق بالمزاج الكلكلي اي بلون الورد، وفي المنجد الموت الابيض هو الموت الطبيعي والموت الاحمر هو الموت قتلا،
وفي فقه اللغة يقال للانسان مات، وللبعير تنبّل، وللحمار نفق وللبغل فطس، واذا مات الانسان شابا، قيل: اختضر، واذا مات من غير قتل، قيل: مات حتف انفه، واذا مات وهو هرم، قيل:قضى نحبه، فان مات بعلة قيل: فاظ وقال ابو الحسن بن لنك:نحن والله في زمان غشوم لو رأيناه في المنام فزعنااصبح الناس فيه من سوء حال حق من مات منهم ان يهنّىومن الميتات الطريفة، ميتة بلال بن ابي بردة، وكان في حبس يوسف بن عمر الثقفي، الملقب باحمق ثقيف، وقد عذبه كثيرا، وكان كل من مات في حبسه يرفع خبره اليه، فيأمر باخراج جثته وتسليمها الى اهله، فقال بلال للسجان: خذ مني عشرة آلاف درهم واخرج اسمي الى يوسف بن عمر في الموتى، فاذا امرك بتسليمي الى اهلي هربت في الارض، فلم يعرف خبري، وان شئت ان تهرب معي، فافعل وعليّ غناك ابدا، فأخذ السجان المال ورفع اسمه في الموتى، فقال يوسف: هذا لايجوز ان يسلم الى اهله حتى اراه، هاتوه، فعاد السجان الى بلال فقال له: اعهد عهدك اي اوصي قال وماالخبر؟ قال: ان الامير قال كيت وكيت، فأن لم احضرك اليه ميتا قتلني، فبكى بلال، وسأله الايفعل فلم يكن الى ذلك طريق فاوصى وصلى واخذه السجان فخنقه واخرجه ميتا، فلما رآه ميتا امر بتسليمه الى اهله، وقد اشترى موته بعشرة آلاف درهم وكان ذلك في سنة 126 هجرية.والان وبعدما شبعنا موتا بالمفخخات جاءتنا النفايات السامة التي خلفتها الحروب الثلاثة الماضية، منها مايخلفه اليورانيوم المنضب، والاشعاعات التي بدأت فعلها بعد مرور هذه السنوات، واعظم دولة في العالم لاتستطيع اخراجنا من هذه المحنة الجديدة، من منكم من لم يسمع بالميتات الغريبة في هذه الفترة، ومن لم يسمع بالامراض السرطانية المتعددة، كل هذا لم يشتره الشعب العراقي لنفسه كما فعل بلال بن ابي بردة حين اشترى موته ولكنه فرض علينا بسبب وآخر، اطنان من المتفجرات ومثلها من الاسلحة المحرمة اثرت على الزرع والضرع، في التسعينيات كانت الاشعاعات متركزة في الجنوب وخرجت فرق متعددة لقياسها آنذاك، وفي الثمانينيات حين ضرب مفاعل تموز، انقذ الله بغداد باعجوبة من التسرب النووي والاشعاعي، والان انتبهت اميركا مع الحكومة لمطاردة الاشعاعات وتخليص الناس منها، ومع هذا فالاميركان يريدون ترك جزء كبير من آلياتهم بعد الانسحاب في عام 2011 وهذا ايضا امر محسوب فكل شيء ملوث، ومع وجود وزارة للبيئة فان العراق اكثر الدول تخلفا في هذا المجال، الجزء الاكبر من التلوث الذي نحياه سببه المولدات التي ملأت ازقة بغداد، والموت الاحمر الذي نعانيه له اكثر من سبب، حتى ماء دجلة الذي كان يوصف للعليل فيبرئه اصبح مليئا بالامراض والاوبئة ونحن مع هذا نقول كما قال الشاعر:(امن ايدي وياذنب تجنيه الايام/ اشجاني السكه العوسج والخرانيبوآنه ولاسواي بهاي ينلام/ لان مااثرت بيّه التجاريبظنيت الفضل بالفضل ينسام/ وبالطيب ايتجازه اليفعل الطيباثاريني كصير الراي وهّام/ اريد من العواهر تعرف العيب)
هواء فـي شبك: الموت الأحمر
نشر في: 16 يونيو, 2010: 06:56 م