محمد حمدي
يُعدُّ الاستفتاء من حيث المبدأ نوعاً من أنواع ممارسة الشعب للسلطة بطريقة ديمقراطية، وهو يعني الرجوع إلى الجمهور في قضايا تحتاج التصويت، بوصفهم أصحاب القرار لأخذ رأيهم أو قرارهم في موضوع معيّن يُعرض عليهم لتقييم الأفضل والأصلح، أو بمشروع قانون وغيره، وينقسم الاستفتاء إلى أقسام متعدّدة وفقاً للزاوية التي يُطرح بها.
ويختلف الاستفتاء باختلاف الموضوعات التي يتناولها، وهو ينقسم إلى انواع متعدّدة كثيرة والذي يعنينا منها هو الاستشاري، ويُراد به ذلك النوع من الاستفتاء الذي تجريه جهة معيّنة لغرض استشارة الشعب في موضوع ما، وهي تملك الحق بأتباع أو عدم أتباع رأي الجمهور ومن دون أن يترتّب عليها أية مسؤولية.
ممّا لاشكّ فيه أن نظام الاستفتاء هو نظام قائم بذاته، وله أسس ومبادئ عامّة تحكمهُ وتميّزه عن غيره من الأنظمة الأخرى، ولغرض استكمال الحديث في موضوع الاستفتاء الشعبي فقد أرتأينا أن نختصر الموضع عن استفتاءات مَن الأفضل والأشهر؟ التي تجرى في الغالب بمجتمعات الرياضة وما حولها لاختيار أفضل (رياضي ومدرّب ونادي وصحفي وبرنامج ووكالة وموقع) وغيرها من الاسماء.
هذه الاستفتاءات، وإن كانت غير رسميّة وتشبع نهم من يركّز عليها ويجريها لنفسه في الغالب، إلا أنها قد تنطوي على أمور خطيرة "تسقيطيّة" أو تحمل في طيّاتها إساءات الى واقع وعنوان المهنة رياضيّة كانت أم إعلامية.
للوضوح أكثر، كيف لنا أن نقتنع بفوز برنامج رياضي في قناة مغمورة لا يعرف اسمها من بين كل مائة شخص سوى ثلاثة اشخاص في أكثر تقدير؟ وكيف يصبح أحد الصحفيين والإعلاميين والمقدّمين هو الأفضل في الوقت الذي لا يقتنع هو قبل غيره بامكاناته؟
أعتقد أن الإجابة حاضرة في عقول وأجندات أغلب من تستطلع آرائهم رياضيين أو إعلاميين ويُكمن في الاتصالات والإلحاح عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاختيار هذا الطرف أو ذاك لصلة قربى أو صداقة والتصويت له دون أن يكون له أي تقييم مهني أو قناعة وربّما لم يشاهده في سالف الأيام، وهو ما يحصل لدينا نهاية كل عام ويعلمه الجميع.
هنا لا أتحدّث بالمجمل، فقد تكون هناك استفتاءات معقولة، ولكن ما نراه لا يخضع لأي معيار أو مهنيّة أو حتى شفافيّة في الاطلاع على آليات الجهة التي تقيم الاستفتاء أسوة بدول العالم المتقدّمة التي تجري عملها على أساس علمي دقيق، يتم اشراك الجمهور به بنسب صحيحة للرجال والنساء الشباب والشيوخ المكانة والتحصيل العلمي والمستوى الثقافي بعيداً عن المُجاملة وغيرها.
ويعتبر الاستفتاء من الحوافز الجيّدة التي تعطي الرياضة نوعاً من التنافس الشريف والذي يؤدّي الى رفع مستوى اللعبة بعيداً عن المجاملات لو اشتمل الاستفتاء على الألعاب الرياضيّة الأخرى الجماعيّة والفرديّة أيضاً، ونحن نرى بوضوح كيف يتم اعتماد أفضل لاعب جماهيرياً عبر التصويت في الدول الأوروبية، والفكرة بحدّ ذاتها تشكّل ظاهرة جيّدة وتعطي لنا الانطباع بأنّ هناك حراك رياضي، وإن كان لم يصل الى الحد المأمول، لكننا نقول بأن دأب إجراء استفتاء شكلي لنهاية العام وتخرج جميع الاستفتاءات على أهواء من أجراها موّحدة حول نقاط الاستفتاء ليس من المعقول أبداً.
ما نطمح اليه، أن نشهد تغييراً في الظاهرة تصبّ في مسار الصالح الرياضي العام، وفقاً لمعايير معلومة، وأن يشمل الاستفتاء جميع القطّاعات الرياضيّة، والدرجات، وأرى بأن إقامته بمركزيّة لجهة علميّة مخوّلة تجمع عليها الجهات المعنيّة هو وحده من يعطي نتائج منطقيّة وليست استعراضية!