TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مواطن عراقي اسمه المتنبي

العمود الثامن: مواطن عراقي اسمه المتنبي

نشر في: 4 يناير, 2022: 11:42 م

 علي حسين

هناك أمور كثيرة تنغّص عليّ حياتي، بعضها يمكن احتماله، أملاً في أن يتكفل الزمن بحله، وبعضها أشبه بالقدر الذي لا فكاك منه، مثل عودة محمود المشهداني ليترأس الجلسة الأولى للبرلمان التي وصفها "فخامته" بالأخطر، وحكومة التوافق التي يُراد لها أن تضم الجميع،

وهذه أصول الديمقراطية الحديثة التي اكتشفتها بلاد الرافدين والتي يتحول فيها السياسي إلى خطيب "مفوه" عندما تسأله عن الخراب الذي يمر به العراق، فيصرخ بوجهك: لا حل إلا بأن يتولى الحزب الفلاني مسؤولية هذه الوزارة، فيما آخر يطالب بأن يتسلم الحزب العلاني مسؤولية هذه الوزارة، لأن هؤلاء وحدهم القادرون على السير بهذه البلاد إلى بر الأمان.. الساسة "المتحاصصون" يتصورون أن العيش في ظل حكاية "افتح ياسمسم" هي التي ستأخذ بأيدينا إلى المستقبل.. لكن من بين أكبر المنغّصات التي تواجهني هي حالة البعض ضد كل مظاهر الفرح، حيث يصرون أن يأخذوا البلاد إلى الظلام.

وأنت تقرأ مثلي أخبار البلاد والعباد ماذا تفعل تضحك أم تبكي؟، إنه ضحك كالبكاء، قالها عمنا المتنبي وهو يردّ على الخراب الذي كان يحاصره . وعلى ذكر المتنبي لا يزال هذا الشاعر العظيم يثير الجدل حول شعره وحياته، برغم مرور أكثر من ألف عام على رحيله، وأيضا يثير الأسى لأن العراق أدار ظهره لشاعره العظيم، حتى أن البعض قابل هذا الشاعر الكبيربالجحود ووجد أن بيت الشعر الذي يتفاخر به أبو الطيب "أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم"، لا يليق ببلاد فيها آلاف الخطباء الذين يتوهمون أن الشعب لا ينام قبل أن يسمع أصواتهم.. في واحد من أجمل الكتب "في صحبة المتنبي" يأخذ الروائي السوداني الطيب صالح عهداً على نفسه أن يرفع لواء الدفاع عن كبير شعراء العرب، فنجده يتتبع حياة الشاعر، ويناقش بهدوء ما كتب ضد المتنبي، والطيب صالح كاتب لا تستطيع أن تفارق كتبه، فالحمد لله ورغم ما يجري حولنا من مهازل فأنا بين الحين والآخر أعيد قراءة أحد كتبه الممتعة، مثلما أعيد قراءة بيانات الكتل السياسية، ستسألني: لماذا؟ لأعرف كيف دب الخراب في مفاصل الدولة وكيف انتعشت الانتهازية، وماذا حققنا في حقل الخدع والأكاذيب السياسية.

إذا لم تشاهد معارك السياسيين على المناصب ، وحكومات الاغلبية وحكومات التوافقية وما بينهما ، فلا تلم إلا نفسك، لن تعرف لماذا لا نزال نتربّص على سلّم البؤس العالمي، وكان أشهر هذه التصريحات ما قاله "عظيم البلاد" همام حمودي ذات يوم للعراقيين: "عليكم أن تشكروا النعمة التي أنتم فيها".

عذراً أبا الطيّب ايها المواطن العراقي ، لن يسمعك من بهم صمم ، فشعارنا : لا اسمع ..لا ارى.. لا اتكلم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عدي باش

    آخر المنغصات .. إستنكار النائب (المؤمن) التعيبان ، تسمية شارع الثقافة البغدادي بأسم الشاعر

  2. عدي باش

    المتنبي (الملحد) ، لأنه لا ينسجم مع (إيمان) مجتمعنا حسب قوله !! . حقاً أن شر البلية ما يضحك

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram