TOP

جريدة المدى > مواقف > العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

نشر في: 18 يونيو, 2010: 05:45 م

ترجمة : عمار كاظم محمد كانت أسماء شاكر، أحد المرضى الراقدين في مستشفى الأمراض النفسية في  بغداد، تجلس على بطـّانية مطبوع عليها صورة نمر ، كانت عيونها متثاقلة، فقد بدأ مفعول الأدوية بالعمل ، وذهب الخوف منها ، لذا فهي تستطيع النوم الآن ، فمن دون الدواء لا تستطيع أن تنام فهي تتناوله ثلاث مرات في اليوم طوال خمس سنوات .
بيتها قد تم تدميره في أحد الانفجارات التي حدثت قبل أسبوعين وقطعت ساق زوجها وابنها البالغ من العمر 12 عاما، بدا وجهها مصفرّا ومصدوما من فكرة مغادرة البيت، فالعائلة مدينة بآلاف الدولارات، لذا فهي تعيش في خوف مستمر، تقول عن نفسها في مستشفى ابن رشد للأمراض النفسية " لقد كانت الضغوط النفسية كبيرة جدا عليّ ، فقد وجدت جيراني مرميـين على الأرض والأطفال ميتين، لذا فأنا خائفة ، خائفة جدا ". المزيد والمزيد من العراقيين يبحثون عن معالجة طبية للأمراض العقلية الناتجة من صدمات نفسية، بينما الهيئة الطبية النفساية غير قادرة على التواصل مع تلك الحالات . ففي العراق هناك 100 طبيب نفساني فقط لسكان تعدادهم 30 مليون شخص ، تقول الجمعية الطبية للأمراض النفسية ، الكثير من الناس الآن يعالجون أنفسهم بأنفسهم، وسوء الاستخدام للوصفات الطبية هي المشكلة الأولى في العراق . الدواء الأكثر انتهاكا عند الاستعمال هو نوع من الكبسولات يدعى " آرتين " ويدعى في العراق أحيانا بـ " حبة الشجاعة " لكنها ذات تأثير مخدّر، وإن المؤسسة المتخصصة في الأمراض العقلية الأكبر في البلاد، وهي مستشفى الرشاد، شهدت هذا العام زيادة بلغت 10 % في عدد المرضى، والأطباء يقولون إنهم يقومون بإبعاد الناس عن المؤسسة ذات التمويل الحكومي بسبب الزخم الحاصل فيها . وبالنسبة للمصابين بالصدمة فإن كل شارع هو رسالة تذكير عما حصل وعما سيحصل ثانية ، وعلى الرغم من انحسار العنف في الوقت الحالي لكن الخوف مازال باقيا ، والعديد من العراقيين مازالوا يكافحون من أجل التعامل مع الصدمة التي حصلت لهم في الماضي والحيرة التي يعيشونها تجاه مستقبلهم .  في العام الماضي قامت وزارة الصحة بدمج مستشفيات العناية النفسية مع مستشفيات العناية  العامة لمداراة الناس الذين يعانون من الصدمات، يقول نعمة حمودي السكرتير العام للجمعية النفسية " العنف والاضطرابات التي حصلت في العراق كانت على صلة مباشرة بزيادة الأمراض العقلية" مضيفا " إن هناك حالات تهديد استثنائية لم يكن من المستطاع فهمها في أي مجتمع آخر، وقد شكـــّلت بصمة على كل شخص في بلادنا". الشعر والطب النفسي  في أحد أيام الاثنين جلس نعمة حمودي في أحد مراكز التأهيل في مستشفى الرشاد ، كانت الجدران مزينة برسوم المرضى ، يبلغ عمر هذه المؤسسة الكئيبة خمسين عاما، وتنهض في الأفق في منطقة مهجورة  عند نهاية مدينة الصدر، فهي بعيدة عن البنايات الأخرى ، مهملة ومنسية، وهناك ما يقرب من 80 بالمئة من عوائل النزلاء يتركون أقرباءهم وينسونهم عندما يدخلون الى هذا المكان، حيث يقول الأطباء: إن المرضى عندما يكونون مستعدين مرة أخرى للانضمام الى المجتمع لا يجدون مكانا يذهبون اليه . على طاولة العمل جمع نعمة حمودي الرجال والنساء لكي يغنوا وينشدوا الشعر، وغالبا ما كانت الأغاني تتصف بالحزن والهجران والخوف، وكان البعض من المرضى يبكي وهو يرتشف الصودا الوردية ، او يقوم بالرسم او يأكل الكيك . كان البعض منهم قد بقي في هذا المكان لعدة عقود، لذلك فقدوا الإحساس بالوقت والمكان، بينما البعض الآخر قد أتى الى هذا المكان بعد سقوط النظام السابق عام 2003 ، وهناك ثمانية أطباء فقط من ضمنهم "حمودي" يقومون بالعناية بـ 1300 مريض، ولا يوجد مكان شاغر لسرير إضافي، كما إن المستشفى بحاجة الى 12 طبيباً إضافياً من الأطباء النفسانيين لكي يعمل بشكل صحيح . كانت هناك فتاة  شابة اسمها فاطمة ، كانت تردّد كلمات شاعر عراقي عاش في القرن الحادي عشر ، فقد استنزفت عائلتها اقتصاديا بسبب مرضها العقلي ، ورموا بها الى هذا المكان مؤخرا عندما توفي والدها، يقول نعمة حمودي " إنني أحاول إعطاءهم الدعم الإيجابي والوسائل التي تمكنهم من الانضمام الى المجتمع مرة أخرى ". العلاج الخطر ضاحي حردان   البالغ من العمر 38 عاما، يعاني من هوس الاكتئاب، فهو يأتي الى المستشفى ليبقى فيها فترة قصيرة يقوم فيها بعزف الموسيقى للمرضى ويحصل على دوائه، فهو غالبا ما يسمع همسا في الشارع عن مرضه وهو يرى نظرات القلق في عيون المارّة، فربما قد عرفوا بما يعاني كما يعرف الكثير من الناس هنا . حردان دائما معرّض للكآبة، لكن موسيقاه تساعده حينما يشتدّ به الحزن، فهو يفرغ أحزانه من خلال أغانيه، لكن بعد أحداث العنف توقف عن الكلام مع الناس، ونادرا ما يغادر بيته، حيث إنه كان قلقا من أن يتمّ قتله او توبيخه بسبب الموسيقى لذا وضع آلته جانبا وهي الشيء الوحيد الذي يستطيع فهمه على حدّ قوله ، لذا فإن المكان الوحيد الذي يستطيع العزف فيه هو المستشفى، ويبدو أن لدى حردان فلسفة خاصة تجاه ما حصل في العراق بعد عام 2003 حيث يقول " إن كل شيء سيء كنا نلقي به على الأمريكا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية
مواقف

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

ترجمة : عمار كاظم محمد كانت أسماء شاكر، أحد المرضى الراقدين في مستشفى الأمراض النفسية في  بغداد، تجلس على بطـّانية مطبوع عليها صورة نمر ، كانت عيونها متثاقلة، فقد بدأ مفعول الأدوية بالعمل ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram