TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: كيسنجر بنسخته العراقية

العمود الثامن: كيسنجر بنسخته العراقية

نشر في: 11 يناير, 2022: 10:36 م

 علي حسين

في العراق هناك ظواهر عجيبة وغريبة أبرزها ظاهرة السياسي الرشّاش، وأعني به السياسي الذي لا يتوقف عن الزعيق، ما إن تضع أمامه المايكروفون حتى تجده يقول كل ما يخطر على بال المشاهد، وما لا يخطر أيضاً، والغريب أنّ هذا السياسي له منصب وامتيازات، وله قضية تشغله دائماً، وأعني بها مسألة "المقاولات".

لست ضليعاً فى شؤون الاقتصاد مثل الخبير في شؤون بيع المناصب أحمد الجبوري، لكني أعرف وأرى في بلاد الرافدين شباباً ينتحرون لأنهم حُرموا من فرص عمل ووظائف يستحقونها، وأعرف، كما يعرف غيري، أن الفقر يحاصر الملايين، وأرى، كما يرى الجميع، أن المكان والمكانة في هذه البلاد التي نافست سنغافورة وطوكيو وتفوقت على ألمانيا والصين في مشاريعها العملاقة، لا يحدثان وفقاً لمعايير الكفاءة والتفوق، بعد أن أطلقنا خيول الانتهازية والتزوير والنهب المنظّم.

إذن، لامفاجأة في أن تكون عالية نصيف هي نجمة برامج التوك شو ، تخرج لنا بين كل قناة وقناة ، مرة تنصحنا واخرى تطالبنا وبالثالثة تهدد هذا الشعب المسكين المغلوب على امره ، والذي نسلى افضاله السيده عالية نصيف عليه عالية نصيف ابنة دولة المقاولات والصفقات التجارية والانتهازية السياسية، هي جزء من ماكنة إعلامية تتبع أحزاب السلطة التي يدعي رجالها الفقر ومخافة الخالق والقرب من أبناء الشعب، وفي الوقت نفسه يبنون ثرواتهم في بلدان إخرى.. هذه إذن، قصة العراق... حيث اختفى الخجل من سرقة المال العام وأصبحت الدولة تُدار بمنطق الاستعراض الكوميدي، في الوقت الذي تريد فيه الإمبريالية العالمية أن تحرم العراق من سياسية بحجم كيسنجر اسمها "عالية نصيف".

عندما عُيّنَ هنري كيسنجر مستشاراً للأمن القومي عام 1969، بدا الأمر مفاجئاً للجميع، فليس من السهل أن يُعطى هذا المنصب، لرجل مولود في ألمانيا، لكنّ هذا الرجل القصير استطاع أن يلمع في العالم فقفز من مجرّد صحفي يعمل في صحيفة أُسبوعية إلى واحد من أهم رجالات السياسة الأمريكية، يجلس في مكتبه لتمرّ من أمامه كلّ الأوراق المتصلة بالشؤون العسكرية والداخلية والخارجية، واضعاً ضوابط سياسة صارمة، تذكرت كيسنجر هذه الأيام وأنا أقرأ اشاهد عالية نصيف وهي تقترح لنا شكل الحكومة والنظام السياسي .

عاش العراقيون في ظل القائد الضرورة في أعوام العبور، كل عام يأخذهم إلى عام آخر أكثر بؤساً. ولم يكن يعرض عليهم غير خطب الساعة التاسعة، التي استبدلت بعد سنوات بخطب الأربعاء. الآن كل الطرق تؤدي إلى عبور وهمي. هل هذا قدَر الشعب الذي اعتقد أنّ التغيير سيجعله يعيش عصراً جديداً من الأمان والرخاء، ولم يكن يتوقع أن هذه البلاد لن يسقيم امرها من دون السيدة " كيسنجر " !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram