المحرر
محمد الغضبان صانع أفلام عراقي، مارس الكثير من الاعمال التي تخص السينما في العراق فقد عمل كمدير فني لمهرجان 3 دقائق في 3 ايام السينمائي في دورته الثانية والثالثة و مديراً لمكتب بغداد في شركة ماستر لام للدعاية والاعلان ، و المنسق العام لمهرجان بغداد الجامعي الدولي للسينما والتلفزيون 2019 , مؤسس شركة رولة للانتاج الفني والتسويق , درس السينما في جامعة بغداد - كلية الفنون الجميلة. عن فكرة فيلمه الجديد (غير معلن) والاسلوب الذي اتبعه في تنفيذه، يقول الغضبان:
يتحدث الفيلم عن سلمى 15 سنة، فتاة ريفية عراقية ، تتعرض للاعتداء الجنسي ، فتقرر الدفاع عن نفسها لكن تجد نفسها امام خيار صعب جدا سيغير حياتها للابد .. وأشير الى انني كنت في اغلب لحظات الفيلم شاهداً على تلك الاحداث في الريف العراقي وتحديداً في المنطقة التي ولدت فيها وترسخت في ذهني صور عديدة منها ، شاهدت ما سيحدث مع سلمى ومع والدتها ، الأسلوب الذي أعتمدته هنا يقترب من الشخصيات ويحاول ان تجعلها تبوح ما هو غير معلن، وبالتالي يجعلنا نغوص قليلاً في تلك التفاصيل وينتشلها مع الغرق والموت، واقصد هنا الحقائق والاحداث ليجعلها معلنة امام الجميع ومتداولة بعد ان كانت تحدث بسرية عالية وتواطئ يتخلله الخوف والعادات والتقاليد .
ما الجديد بفيلم (غير معلن )وما الاسئلة التي يطرحها؟.
- الجديد في الفيلم يتركز في الحقيقة ، في عدم التزييف حتى وان البعض يعتبر الفيلم اجتزاء الحزن العميق فقط من الريف ، لكنه هو بالذات هذا الحزن الي مررت به بطفولتي دفعني لكي اصنع هذا الفيلم، فانا لا ارغب ان اصنع افلاماً دعائية او ترويجية حتى وان كنا بحاجة لها ، سياتي من يصنعها غيري بالتأكيد ، لكني اركز على صناعة الفيلم الذي يمثلني ويجعلني احيا واشعر واتحسس في متاهات الصورة ومعترك الحق والقدرة على البوح ، هذا الفيلم يمثل بالنسبة لي سيل جارف من الحزن والخوف والرعب ، من الظلام في الليل وضوء القمر هو المنقذ الوحيد ، ويطرح الفيلم أسئلة جوهرية مهمة ومعقدة، من أهمها ماذا يحدث لو تم الاعتداء على فتاة قاصرة جنسياً من قبل والدها ؟ في أي مكان في العالم ليس شرطاً في العراق ، ماذا يحدث لو ان المرأة تم معاملتها كآلة او أداة تقضي حاجة الرجل فقط ؟ بالتأكيد انا لست محامياً عن المرأة ، لكنها تعني لي الكثير كانسان ، الإنسانية تحتم علي على الأقل ان أقول الحق ، والحقيقة ستنكشف بمرور الزمن.
انت من أوائل المخرجين الذي تناول العنف ضد النساء في العراق.. ما الذي جعلك تلجأ لهذه الفكرة؟
- كما اسلفت سابقا بانني لست محاميا عن النساء بل أحاول إماطة اللثام عن ما هو مسكوت عنه ، عن ماهو غير معلن للعامة ، يعتقد البعض أن المراة في الريف من استحقاقها الطبيعي ان لا يكون لها أي كينونة ، وهو ما اعارضه بالكامل ، انا كنت شاهداً على موت النساء في الريف في كل لحظة يعشن فيها مع الرجال ، في كل موقف يحاولن البوح ولا يستطعن ، في كل يوم تجلس فيه وهي مرتدية القماش حول كل جزء صغير من راسها رجلها يدها حتى عينها، في بعض الاحيان لانها عورة ، اوليست انسانة ، اوليس لها الحق في ان تعيش بكرامة ، ان تعيش بقرار ، انا دائماً اردد مبدأي الخاص في الحياة ، لا يملك المرء في الدنيا الا كلمته وكرامته .. ومن هنا استطيع القول ان النساء لا يمتلكن أي شيء في الدنيا في الريف ، لانهن في كثير من الأحيان يتم انتزاع كرامتهن ولا يستطعن حتى الرفض .
ماذا عن الانتاج والتمويل في فيلمك؟
- تم انتاج الفيلم من قبل شركة رولة للإنتاج الفني واكاديمية انكي للفيلم ، وتم تمويله بالكامل من قبلي شخصياً كمدير شركة رولة وبالنسبة للأجهزة والمعدات تم توفيرها من قبل اكاديمية انكي للفيلم ، بالإضافة الى عمل ٩٠٪ من فريق العمل بشكل مجاني تطوعي لإيمانهم الكبير بالمشروع وأهميته وشغفهم العالي بالفيلم وصناعة الفيلم ، هم الشركاء الحقيقين ، وهم المنتجين الحقيقيين للفيلم .
هل تحدثنا عن كاست العمل وبالتحديد مدير التصوير الذي كان له حضور بارز في الفيلم؟
- فريق العمل كان لهم نفس التأثير في أيام التصوير ونفس الأهمية ، كانوا كخلية نحل تواصل الليل بالنهار على مدى ٣ أيام ، مدير التصوير هو المصور والمخرج مهند السوداني الذي كان له حضور مميز جداً عند كل من يشاهد الفيلم ، برع وتميز مهند في هذا الفيلم بالتحديد لأنه من نفس البيئة ، من الريف ، لديه تصور كامل ومخيلة فنية هائلة عن الريف والنساء والعنف هناك ، كانه عين الشاهد يتفحص ويكشف لنا عن خبايا الفيلم الغير معلنة ، وكانه روح المخرج يتحدث بالنيابة عنه ويترجم مع يتخيله المخرج ، هكذا كان مهند ساحر بارع ومصور فنان استخدم كل قدراته التعبيرية في فن التصوير الفوتوغرافي للطبيعة والحياة والريف وجعلها مرئية في شريط محترك ينبض بالمتعة والجمال والحياة ، ويعبر عن الموت بجرأة ، وعن الكتمان ببوح صوري ماهر.
هل شارك في مهرجانات سينمائية معينة؟
- العرض الأول للفيلم كان في مهرجان دهوك السينمائي الدولي بدورته الثامنة ولاقى استحسان الجمهور بشكل مميز وهذا ما لمسته من تفاعل الجمهور بعد العرض معي، واسئلتهم لي بشكل مباشر ومدى انبهارهم بجرأة الطرح، كما سيشارك الفيلم في مهرجان مومباي الدولي للفيلم القصير الذي ينعقد بتاريخ ٥ ديسمبر ٢٠٢١
هل تفكر في فيلم روائي طويل حدثنا بالتفصيل عن ذلك؟
- سيرى فيلمي الروائي الطويل الأول في عام ٢٠٢٥ حسب الخطة المرسومة منذ ٣ سنوات ، وسيتحدث الفيلم ايضاً عن النساء - فيلمي القصير القادم والذي سنصوره ان شاء الله العام المقبل ايضاً يتحدث عن النساء ، بالنسبة لي هذا المحور يمثل لي أهمية جوهرية غاية في العمق ، النساء هن من يلدن الرجال ، هذا بحد ذاته اعجاز هائل لا يمكن التعبير عنه بكلمات مهما كانت بليغة ، انا أحاول ان أكون شاعراً وأتمنى ... لكن بالصورة لا بالقول ، لأجعل الكلمات تتحرك في حضرة النساء والانتصار لهن في مجتمع يغص بالذكورية ، ويعدم روح العدالة حتى وان حضرت .