عمـار سـاطع
فارق كبير بين العلاجات الفورية والسريعة التي يخضع اليها منتخبنا الوطني لكرة القدم بين فترة وأخرى، عن تلك المُعالجات التي يفترض بها أن تحدث وتستمرّ معه لفترات طويلة، بهدف التغيير في الاسلوب التكتيكي الذي يتّبعه ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بفكر الجهاز التدريبي ورؤيته الصحيحة التي يعتقد بأنها الأنسب والأنجع والتي يبني عليها آماله في المناسبات والاستحقاقات!
الفارق الذي اتحدّث عنه يرتبط بمدى الستراتيجيّة التي يجب أن تتوفر فيها الشروط الملائمة التي يمكن لها أن تٌغير من مديات الحالة التي يعيشها المنتخب من حيث البناء والطريقة والتقبّل والتطبيق والانسجام وصولاً الى الاستقرار الذي يبحث عنه المنتخب ويريد أن يظهر بأفضل صورة وأبهى حُلّة، وهو يخوض غمار المشاركات والبطولات الكروية على أمل تحقيق الانجاز.
في رأينا إن ما حدث للمنتخب الوطني هو واقع حال، لِما أصابه من سيناريو يتعرّض له أي منتخب في أي فترة، فلا منتخب يمكن له أن يستمرّ في طريق النجاح والتألّق، مثلما لا يمكن لأي منتخب أن يبقى يعاني ويتقهقر، فلا انتصار يستمرّ ولا الهزائم تتوالى، خاصة لوضع كوضع منتخبنا الوطني الذي عانى من تذبذبٍ واضح وارتقاء لفترات متعدّدة وانتكاسات لأكثر من مدة زمنية!
لا أريد أن اُنصّبَ نفسي محامي عن المنتخب بقدر ما أريد أن أضع النقاط على الحروف في ظلّ حالة الفوضى التي عانت وما تزال تعاني منها كرتنا، نتيجة تغييب النُقاد الفعليين عن الساحة من قبل قادة كرة القدم الذين انشغلوا مع الأصوات التي قرعت طبول الحرب وهتفت للكشف عن المشاكل، دون أن تجد الحلول، وبعيدة كل البُعد عن التشخيصات الحقيقيّة والسليمة، وهتفت مع الكلّ ضد الكل بهدف التغيير!
وفي تصوّري الشخصي أن المنتخب الوطني تأثّر كثيراً فيما حصل من سُخط واضح واساليب الضغط وطرق الالتفاف على الحقيقة بالشكل الذي يوصلنا الى قناعة تامّة أن كل تلك الإرهاصات أكلت من جرف المنتخب وجعلته يواجه أزمات كثيرة، وبالتالي وصل الى ما وصل اليه، واُقحِمَ في احوالٍ هو في غنى عنها تماماً، وأصبح المنتخب حقلاً للتجارب بسبب غياب المركزية عنه في المدّة التي مضت!
وهنا لابد من العودة الى الفجوة التي أربكت حسابات المنتخب بدءاً من المدّة المحصورة بين نهاية تصفيات تجمّع المنامة في منتصف حزيران الماضي وحتى موعد تسلّم الهولندي ديك أدفوكات لمهمّته قبل الدخول في التصفيات الآسيوية الحاسمة المؤهّلة الى مونديال قطر 2022 وما تالاها من فقدان للاستقرار وخلق علاجات لم تجدِ نفعاً، بل زادت الطين بلّة، وصولاً الى مرحلة التجديد عن طريق الكشف عن خامات مهمّة ودماء جديدة تم اشراكها والزجّ بها في بطولة كأس العرب 2021.
اعتقد أنه بات من الضروري جدّاً التفكير اليوم، بشكل عملي، أكثر من الافتراضات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، البحث عن معالجات الضبط عن طريق التركيز على المركز الثالث في مجموعتنا القاريّة، وقراءة الأمور بالشكل الفعلي بدلاً من الخوض في مزايدات وشعارات لن تأتي الينا سوى بالخراب الكروي، إذ من المهم جداً تقبّل ما حصل شريطة إيجاد موطىء قدمٍ في مرحلة الملحق تجاوز المنافسين الأقرب، لبنان والإمارات وسوريا، وهو أمر تحدّثت به لمرّات سابقة، بعد أن تجاوزنا إيران وكوريا بفارق كبير!
أيها الإخوة، الأمر ليس استسلامناً مِنّا، لا أبداً، هو واقع حال وعلينا الاعتراف به، ولكن من المهمّ جداً أن نتقبّل ما يحدث شريطة أن نندمج معه دون أن نُفكّر بالخسارة، أو ننهار من الهزيمة، القضيّة هي قضية وطن وعلينا أن نعرف كيف نتجاوز المهمّة، مع كل ما حصل ممّا ذكرته بالضبط، لا بل علينا أن نجد العلاجات الأمثل والمعالجات الأكمل، لا أن نذهب مع أسلوب الترقيع أو اسقاط فرض، كما فعل ذلك السلوفيني كاتانيتش، يوم رفض الانصياع لرأي الأغلبيّة وفرض رأيه بشأن استدعاء لاعبين جُدد في معسكر البصرة وأبعدهم وجلب لاعبي الشرطة المنسحبين وجعل منتخبنا يعاني الأمرّين بضعفه ِ وتراخيه، وأفقد فيما بعد هوية أسود الرافدين في تصفيات تصدّروها الى قبل مواجهتهم المهزوزة أمام إيران!
أقول.. علينا أن نعترف أن التجديد أمر مهم، والأهم من كلّ ذلك الصبر على النتائج، شريطة أن لا يكون الأمر بعيد عن الترقيع أو الإزالة أو الحذف!