علي حسين
مثل ملايين العراقيين أتابع يومياً خطب السياسيين ومعهم المسؤولين وأضف إليهم السادة النواب ومؤتمراتهم الصحفية التي ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، وهي مؤتمرات يسعى القائمون عليها إلى استخدام كل الأسلحة المحرمة في مواجهة الآخرين.
ولنعد إلى جردة حساب مع ساستنا، فهذا هو الأهم هنا.. والتي ستأتي على شكل سؤال يشغل بال العراقيين جميعاً وهم يسمعون كل يوم حديثاً عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والنظام السياسي الجديد. طبعاً إن أحداً منا لا يملك حق مناقضة السياسي او المسؤول والنيل من إرادة بناء بلد ديمقراطي يعيش فيه الجميع متساوين في الحقوق والواجبات، ولاسيما أن الدلائل هي ما نسمعه كل يوم من أناشيد تتغنى بالمصالحة والدعوة للحوار، لا تعدو كونها مسرحية كوميدية تتحول في بعض المناسبات إلى تراجيديا تدمع لها كل العيون، فنحن نعرف أن ما يقوله بعض الساسة في الغرف المغلقة يختلف كثيراً عما يقولونه في الهواء الطلق من كلمات معسولة للضحك على عقول البسطاء، يدرك ساستنا "الأفاضل" جيداً أن الناس كانت تأمل ببناء مجتمع يتسع للجميع، لكن الواقع يقول إن البلاد لم تعد تتسع إلا لأصحاب الصوت العالي، ولمن ينالون الحظوة عند قادة الكتل السياسية، وهذا ما جعل منطق الإقصاء أو الإلغاء يسري في الحياة السياسية التي لم تعد تحمل من السياسة سوى اسمها فقط، حيث تحولت إالى وكالة تجارية تدار بمنطق الغنائم، وأن المعارك التي يخوضها الكثير من ساستنا ليست على بناء نظام سياسي حقيقي، وإنما على من يحصل على امتيازات الصفقة ومنافعها.
إن ترديد الشعارات والهتافات لايطمئن الآخرين، ذلك أن منطق المكيافيلية يتحكم في كل مواقف رئيس الوزراء، ناهيك عن العتمة التي تخيم على معظم المواقف والضبابية التي اجتاحت معظم خطواته في الحكم .
ساستنا الأعزاء، إن الحوار الحقيقي هو في إشاعة مفهوم المواطنة ومحاربة الفساد وفرض حكم القانون العادل على الجميع، وبغير ذلك فخطبكم وشعاراتكم لن تجلب لنا إلا الكوارث التي ستستمر حتى لو عقدتم مليون جلسة حوار مع رؤساء ووجهاء العشائر، فمن غير المعقول أن تمد الحكومة يدها لمصالحة سراق المال العام، ومثيري الفتن الطائفية، بينما هي تغل يدها أمام مكونات رئيسية من الشعب وتعاملهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
وأنا أكتب هذه السطور، أود أن أذكّر القارئ العزيز بالأيام التي هبّت فيها رياح الإصلاح على جميع ساستنا وما تبعتها من خطابات وأهازيج انتهت إلى اتفاقات، توهم خلالها المواطن البسيط بأن الأمور قد حسمت لصالحه، وأن المحاصصة تحولت إلى أشياء من الماضي.