TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم سوء السلوك.. لسنا جميلات ، لسنا قبيحات ، نحن غاضبات

فيلم سوء السلوك.. لسنا جميلات ، لسنا قبيحات ، نحن غاضبات

نشر في: 26 يناير, 2022: 11:06 م

ترجمة : قحطان المعموري

كان هذا هو شعار ناشطات تحرير المرأة اللواتي شَرعْنَ في تعطيل مسابقة ملكة جمال العالم لعام 1970 التي أقيمت في قاعة ألبرت هول الملكية حيث تصدّرت مكائدهنَّ أخبار الصفحات الأولى في اكثر صحف العالم. الممثل الكوميدي بوب هوب الذي جسّد شخصيته الممثل (غريغ كينير ) كان سيّد هذه المسابقات .لقد لاحقتْ المسابقةَ ، الخلافاتُ الجيوسياسية الأخرى ،

وعلى الأخص من النشطاءِ المناهضينَ للفصل العنصري الذين عدّوا السماحَ لجنوبِ إفريقيا بالمشاركةِ في المنافسةِ تغاضياً عن النظام العنصري الحاكم .ولزيادة التعقيد ، وكسر تقاليد المسابقة إضافةً الى تعزيز الانقسام العرقي ، تم اختيار متسابقتين من جنوب إفريقيا ، واحدةً بيضاء ، والأخرى سوداء حيث تنافست الثانية تحت اسم آخر غريب هو (أفريقيا الجنوبية !) .أما الأكثر استثنائية في المسابقة ، فهو أن الفائزة الأولى ، جينيفر هوستن ، كانت من غرينادا وهي أول امرأة سوداء تفوز بالمسابقة ، فيما كانت الوصيفة الأولى هي ، بيرل جاسين من جنوب إفريقيا. وفي ظل هذه التعقيدات التي رافقت الحفل، ظهرت مجموعة من النساء المعارضات اللواتي تسللّن الى الحفل وأخذنَ يرشقنَ كُرات الدقيق على خشبة المسرح التي يقف عليها الممثل بوب هوب حيث بدت هذه و كأنها الجانب الأقل إثارة للجدل في المسابقة.

"سوء السلوك" ، من الأفلامِ التي ظهرت عام (2020) من إخراج فيليبا لوثورب ، وهو محاولة لتجسيد هذه القصة الحقيقية المعقّدة والمتعددة الجوانب ، مستخدماً في ذلك أسلوباً كوميدياً خفيفاً ، يكون مناسبًا أحيانا ، وغير مناسباً في أحيانٍ أُخَرْ نظراً للإمكانات الكامنة في الحياة الواقعية للحدث.

يبدأ الفيلمَ بشخصيةِ سالي التي جسدّتها الممثلة (كيرا نايتلي) ، وهي ناشطةٌ ضمنَ مجموعة نسويّة في الجامعة التي تدرس فيها والتي تناضل ضد المواقف المتحيزة ضد المرأة . متزوّجة و لديها طفلٌ في المنزل. تَعرفُ سالي جيداً أن النظام فاسد ، لكنها تريد مكانًا لها على الطاولة لكي تطرح آرائها تحت سقف النظام نفسه . تتعرّف سالي على إلناشطةِ النسويّة الراديكالية جو روبنسون ( الممثلة جيسي باكلي) التي ترفضُ النظامَ تماماً و تعيشُ مع مجموعةٍ من النساءِ اللواتي ينظرنَ بتعالٍ إلى الناشطات النسويات البرجوازيات مثل سالي ، لكن سالي ، التي تنجذب إلى أسلوبِ الاحتجاج الجريء ، تَنْضَمُ فيما بعد إلى مجموعةِ (جو) ، بعد أن بدأ الاحتجاج ضد مسابقة ملكة جمال العالم في التبلوّر.

في غضون ذلك تَصِلْ المُشاركِاتْ في المسابقة من جميع أنحاء العالم إلى لندن في اجواءٍ من الإثارةِ والحماس . شخصية (جينيفر هوستن ) التي جسدّتها الممثلة جوجو ماباثاراو ت،كانت في غاية السعادة لكنها تتصف ببعض السذاجة في عدم معرفة التيارات الخفيّة التي تحكم مشاركتها في الحفل وقد تجلّى ذلك عندما قالت لها ممثلة ( أفريقيا الجنوبية ! ) : ( بصراحة ، لن تَفِزْ أيّاً منّا ) حيث شعرت عندها بالإحباط الكامل. تلعب الممثلة لوريس هاريسون دور ملكة جمال (أفريقيا الجنوبية!) ، حسب تسمية الحفل ، وهي تخشى العودة الى بلدها جنوب افريقيا سواء فازت ام لا . أما شخصية إريك مورلي التي جسّدها ( الممثل ريس إيفانز) فهو منتج المسابقة الأبله المتحيّز جنسياً والأكثر سخرية في الفيلم ، والذي إعتادَ الصراخ وسط المتسابقات : أين اليابان؟ ليجدْ لي شخصاً ما اليابان ! يوغسلافيا ، لماذا تقف في مقدمة الصف؟ . أما جوليا زوجة إريك ( الممثلة كيلي هاويس) فقد كانت تتدخّل كثيراً ولو من بعيد في الخلافات التي تنشأ في الحفل.

قسّمَ مؤلفا السيناريو( ريبيكا فراين) و (جابي تشيابي) القصة إلى أجزاء ، حيث يعمل كل جزءِِ على مساره الخاص ، حتى تتقاطع جميعها في النهاية و هذه نقطة قوة مثلما هي نقطة ضعف في الفيلم ، حيث يساعد الوصف السردي المنفصل في الفيلم على تجنب الأخطاء التي تقع في أفلام مماثلة ، لاسيما تلك التي تتناول تاريخ الحركة النسوية. كان يمكن للفيلم أن يركّز على تجربة امرأة واحدة تجد انتصارها الشخصي من خلال النشاط السياسي وهو ما رأيناه في أفلام عديدة. يمثل فيلم"سوء السلوك" طموحاً ومحاولة لإخبار الأطراف المختلفة ، وإلغاء مركزية من يقرر أن يكون في المقدمة والوسط. تتعارض المشاهد أحياناً مع بعضها البعض ، وتتحول المواقف من مشهد إلى آخر ، حسب سياق الفيلم. يتم التعامل مع المسابقة على أنها من المُسلّمات كونها متحيزة جنسياً وبشكل جسيم ، لكن مشاهد بروفة المسابقة وكواليسها، بالإضافة إلى الصداقة الحميمة التي جمعت المتسابقات ، تروي قصة مختلفة ومنفصلة عن هيكل القصة الرئيسية ، لكنها افتقدت فرصة التطوّر أو التجذر. إن الناشطات النسويات اللواتي ينتقدنَ فكرة المسابقة ، يصطدمنَ بالمواقف العمليّة والفعليّة للمتسابقات ، حيث الكثير منهن من خلفيات فقيرة ، واللواتي يعتبرنَ المسابقة فرصةً عظيمةً لهنَّ. إنه أمر يثير الإزعاج عندما يحتج الغرباء نيابة عنك ، حتى دون أن يسألك عن شعورك حيال ذلك. ماذا لو لم تشعر المتسابقات بأنهن ضحايا ؟ ماذا لو أحَبنَّ المشاركة في المسابقة؟ هل يعني ذلك أنهن ليس نسويات ، أو على الأقل نساء لا يستحقنَّ الاستماع إليهن؟ لقد تم التعامل مع هذا ، وإلى حدٍ ما ، في مشهد رائع وفي وقت متأخر من الفيلم بين (سالي ) و(جنيفر) ، عندما وضعت جينيفر حملة الاحتجاج بأكملها - ومجموعة سالي النسوية خصوصاً – في موضع التشكيك. إنها المرة الأولى التي تتحدث فيها جينيفر بهذا الشكل،، وهو أحد الجوانب المخيبة للآمال في سيناريو الفيلم. لقد خلقت( جنيفر) شخصية ثلاثية الأبعاد حيث تجلّى ذلك في حوار قصير جداً عندما كانت مع زميلتها في ملهى ليلي وفي لقطة مقرّبة و طويلة لا تُنسى، تنتقل من وجهٍ مبتسمٍ عام الى وجهٍ حزينٍ خاص وكأن قناعها قد سقط بعد ازدياد الضغط عليها.

في سرد هذه القصة ، يستحضر الفيلم وبصدق الفترة التي أقيمت فيها المسابقة (1970) من حيث السيارات والملابس ( أزياء المصممة الشهيرة شارلوت والتر) إضافة إلى الموسيقى. حتى أنه يحتوي على تفاصيل محددة كانت شائعة آنذاك مثل تعليق الملعقة بالقرب من التلفزيون لتحسين استقبال البث.

تصدرت مسابقة ملكة جمال العالم 1970 عناوين الصحف ، لكنها لم تضع تحرير المرأة "على الخريطة" ، كما يدّعي الفيلم. ليست هناك حاجة لتضخيم الحدث لتبرير سرد القصة. أما مقاطع بوب هوب فلم تكن لها علاقة تُذكَرْ بتفاصيل الفلم الأخرى ، باستثناء كونه يمثل "الحرس القديم" ، والذي تساءل، لماذا تريد هؤلاء "النساء الشريرات" (إذا جاز التعبير) إفساد المرح "البريء" للمسابقة. إن التشكيك في حق مسابقة ملكة الجمال في الوجود ليس بمستوى النضال من أجل حق التصويت مثلاً، وفي بعض الحالات قد يؤدي ذلك إلى تحويل النساء المتعاطفات معك الى مناوئاتٍ لقضيتك. لكن يبقى السؤال: إلى أي مدى تُلام الناشطات النسويات على "تخريب" ما كان يُعتَبَرْ و لقرون "متعة بريئة"؟ وإلى أي مدى لا تزال الحركة النسوية تُلام على هذا؟

في لحظة مبكرة ، تشكو ملكة جمال السويد المنزعجة دائمًا إلى جنيفر حول كيفية جمع المتسابقات حول المسرح مثل الماشية. تقول جينيفر: "أنتِ محظوظة للغاية إن كنتِ تعتقدينَ أن هذه معاملة سيئة ". كانت حِدة صوتها مثيرة للاهتمامِ لدرجة أننا أردنا سماع المزيد. لكن ، للأسف ، فأن الفلم إنتقل إلى لقطة أخرى دون أن نعرف تعليقها.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

ترشيح كورالي فارجيت لجائزة الغولدن غلوب عن فيلمها (المادة ): -النساء معتادات على الابتسام، وفي دواخلهن قصص مختلفة !

تجربة في المشاهدة .. يحيى عياش.. المهندس

مقالات ذات صلة

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر
سينما

فيلم (أنورا).. ذروةُ مُهَمَّشي سينما بيكر

علي الياسريمنذ بداياته لَفَتَ المخرج الامريكي المستقل شون بيكر الانظار لوقائع افلامه بتلك اللمسة الزمنية المُتعلقة بالراهن الحياتي. اعتماده المضارع المستمر لاستعراض شخصياته التي تعيش لحظتها الانية ومن دون استرجاعات او تنبؤات جعله يقدم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram