TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > نافـذة من موسـكو..المواجهة الروسية مع الغرب إلى أين؟

نافـذة من موسـكو..المواجهة الروسية مع الغرب إلى أين؟

نشر في: 30 يناير, 2022: 11:27 م

 د. فالح الحمـراني

تشير الدلائل الى أن المواجهة الروسية، مع الغرب دخلت مرحلة عقب جولات المباحثات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة ومع حلف الناتو ومنظمة الأمن الأوربي، وحصول موسكو على الرد الأمريكي / الأطلسي بصيغة مكتوبة على مطالبها بتوفير ضمانات موَثقة لأمنها الوطني، علاوة على ظهور مؤشرات على محاولات توسيع المجابهة « بين روسيا والغرب» بجر مراكز إقليمية جديدة بما في ذلك الشرق الأوسط وامريكيا اللاتينية، لها.

وثمة مؤشرات على ان المجابهة ستتخذ منحى جديدا يعتمد الدبلوماسية، والمجابهة «الساخنة» في القضايا الخلافية الحساسة للأطراف، وستترك تداعياتها على هيكلة النظام الدولي وتوجهاته المستقبلية، وظهور تكتلات دولية على أسس جديدة.

ورد الغرب الجماعي، الذي يمثله وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ مساء 26 كانون الثاني، على المقترحات التي تقدمت بها روسيا في كانون الأول الماضي بشان بتوفير ضمانات من الغرب لأمنها الوطني. ولم يتم الكشف عن تفاصيل الردود المكتوبة على الكرملين، لكن تم نشر بعض النقاط. والموضوع الرئيسي فيها إن الغرب يرفض وقف عملية توسيع الناتو التي تطالب بها موسكو. وكما كان متوقعا فقد قبلت الولايات المتحدة والناتو فقط بجزء مما ع طالبت به روسيا.

وقدم الكرملين تقييمه الأول للرد الأمريكي على تلك المقترحات. فقد أفاد الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي تجاهلا مخاوف روسيا فيما يتعلق بالمواضيع الرئيسية. ومع ذلك، لن تكون موسكو في عجلة من أمرها باتخاذ إجراءات صارمة وفورية. وستتم دراسة ردود الناتو وأمريكا، وعلى هذا، فإن روسيا مستعدة لمواصلة المفاوضات.

لأول مرة منذ يوم الأربعاء، منذ أن سلم السفير الأمريكي جون سوليفان الوثائق ذات الصلة إلى وزارة الخارجية الروسية، أدلى الرئيس بوتين بتعليقات بشأن رد أمريكا/ الناتو. ففي حديث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال إن الناتو والولايات المتحدة لم تقبلا بالمقترحات الروسية بشأن عدم جواز توسيع التحالف شرقا، والتوقف عن نشر أنظمة أسلحة ضاربة بالقرب من الحدود الروسية، حسبما أفادت خدمة الكرملين الصحفية. كما لفت بوتين الانتباه إلى حقيقة أن الناتو لا يريد إعادة قدراته العسكرية وبنيته التحتية إلى مواقع عام 1997، أي قبل التوسع نحو الشرق. والأهم من ذلك، تجاهلت الولايات المتحدة القضية الرئيسية: كيف ستتبع واشنطن وحلفاؤها مبدأ عدم قابلية تجزئة الأمن الأوروبي، والذي تم تحديده في كل ن الوثائق المعتمدة على مستوى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وفي وثائق مجلس روسيا ـ والناتو.

من حيث المبدأ، قال لافروف يوم الجمعة في مقابلة مع عدة محطات إذاعية روسية، الشيء نفسه. ولكن لم يقل كل من الرئيس ووزير الخارجية أن الحوار مع الغرب لم ينجح وأن روسيا ستشرع فورا بإتخاد الإجراءات المناسبة، والتي تم الإعلان عنها مرارا وتكرارا. وقالت خدمة الكرملين الصحفية إن «فلاديمير بوتين أشار إلى أن الجانب الروسي سيدرس بعناية الردود المكتوبة التي وردت في 26 كانون الثاني من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لصياغة اتفاقيات بشأن الضمانات الأمنية، وبعد ذلك سيقرر ما هي إجراءاته الإضافية».

وأشار لافروف إلى أن الردود الأمريكية تضمن « جانب عقلاني بشأن القضايا الثانوية». لذلك، لم يُعلن انتهاء المفاوضات مع الغرب. ومن بين القضايا التي يمكن إجراء مفاوضات بشأنها، من وجهة نظر روسيا، يدرج لافروف مناورات الناتو وروسيا القريبة بشكل خطير من مواقع بعضهما البعض الآخر، والاتفاق على المسافة بين الطائرات والسفن العسكرية، ومصير معاهدة تصفية الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.

ومن حيث المبدأ، فان حلف الناتو مستعد للحديث عن الموضوعات ذاتها. وضمن هذا السياق قال الأمين العام لحلف الناتو ينس قال ستولتنبرغ: من المحتمل ان تُعقد في المستقبل القريب المحادثات بين الغرب وروسيا على مستوى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وتقدمت موسكو بطلب لتوضيح مبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة، المنصوص عليه في ميثاق الأمن الأوروبي وإعلان أستانا. وببساطة، يجب على جميع أعضاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الإعلان عن دعمهم العلني، أو عدم دعمهم لتوسع الناتو باتجاه الشرق.

وسيكون الوضع المتعلق بأوكرانيا والتدابير الغربية المحتملة للضغط على موسكو، الموضوع الساخن الآخر في العلاقات بين روسيا الإتحادية والغرب. ولا يزال مشروع ما يسمى بقانون «عقوبات الجحيم»، الذي يعني اعلان حرب اقتصادية فعلية ضد روسيا، قيد المناقشة في الكونجرس الأمريكي. وحذر لافروف من أن روسيا الإتحادية يمكن أن تقطع العلاقات الدبلوماسية مع أمريكا إذا اكتسبت ضغوطات العقوبات طابعا شديدا. ولكن ستولتنبرغ والسفير الأمريكي سوليفان (الذي عقد مؤتمرا صحفيا عبر الإنترنت يوم الجمعة) أنه من الضروري أعادا الأذهان إلى أن العقوبات الجديدة لن تُفرض إلا إذا شنت روسيا هجومًا على الأراضي الأوكرانية. «المخاوف الروسية»، بما في ذلك تلك المتعلقة بالمناورات بالقرب من الحدود الروسية. وأصدرت الخارجية الروسية يوم الخميس بيانا منفصلاً حول النزاع في أوكرانيا وقالت فيه: يبدو أن المشرفين الأجانب على أوكرانيا مصممون على الالتزام الصارم بالسيناريو الذي اخترعوه، والذي الذي يزعم بان روسيا ستهاجم أوكرانيا حتما. ومن مظاهر التصعيد في الموقف بشكل مصطنع انهم اعطوا الأمر بإجلاء موظفي سفاراتهم من كييف، وزيادة إمدادات الأسلحة، والصراخ بصوت أعلى بشأن التهديد الروسي المزعوم. حتى أنهم حددوا الزمن «لهجوم» روسيا على أوكرانيا: في وقت ما بين الآن ومنتصف شباط. وأكدت روسيا على مختلف المستويات بعدم وجود أي خطط لديها بشن هجوم على أوكرانيا.

وقال بلينكين في مؤتمره الصحفي إن واشنطن أرسلت لروسيا الإتحادية «مجموعة من الأفكار» أكثر مما توقعته موسكو: وعلى حد قوله: ردود على المقترحات الروسية بقائمة محددة، ونقطة بنقطة، وتوضيح لماذا لا يمكن قبول عدم قبول تلك او هذه من المقترحات. ووفقًا لوزيرة الخارجية، فإن واشنطن مستعدة لمناقشة نظام الحد من التسلح في أوروبا، وكذلك سبل استعادة الثقة بين روسيا والغرب في المجال العسكري.

وخرجت صحيفة نيويورك تايمز باستنتاج منطقي مفادهً أن الرد الأمريكي سيمهد الطريق للمفاوضات بشأن معاهدة تصفية ومرابطة الصواريخ القريبة والمتوسطة المدى، الذي لم يدخل حيز التنفيذ منذ عام 2019. وتؤكد الصحيفة أن الأمريكيين في ردهم لا يمنحون الإتحاد الروسي حق النقض (الفيتو) على نشر أي نوع من الأسلحة في أوروبا. وكان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ أكثر تحديدا من بلينكن، حيث حدد ثلاثة مجالات يعتقد الأمريكيون وحلفاؤهم أن إحراز تقدم في العلاقات مع روسيا أمر ممكن. وهي استعادة الاتصالات بين روسيا والناتو. ودعا ستولتنبرغ إلى إعادة فتح مكاتبكل من روسيا والحلف في بروكسل وموسكو. ولا يشك الدبلوماسيون الغربيون بانه سيتم فتح المكاتب بطريقة أو بأخرى. وبالتالي، فإن تمثيل الاتحاد الأوروبي في موسكو لن يتولى مهام مكتب الناتو كما عليه الأمر، ومثل هذا التكليف أمر منطقي إذا كانت بروكسل تتوقع انقطاعًا طويل الأمد في العلاقات مع روسيا. كما تحدث ستولتنبرغ لصالح استئناف الحوار بين العسكريين ومواصلة الحوار حول مناورات الأطلسي بالقرب من حدود روسيا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram