TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مصارحة حرة: ديكتاتورية صِفْر!

مصارحة حرة: ديكتاتورية صِفْر!

نشر في: 30 يناير, 2022: 11:36 م

 إياد الصالحي

تذكّر دائماً أن أجمل بداية للتحدّي في حياتكَ وصولاً الى قمّة طموحاتكَ هي أن تنطلق من الصِفْر، فلا عيب أبداً، فكلّ الاشياء الثمينة أساسها صِفْر، ضعهُ أمام أي رقم يُقدّر قيمة مادّة ما سيجعلها الأغلى في عيون مُريديها، وهكذا أساسات أعمال كبيرة لابدّ أن تتخذه حافزاً يُضاعف همّتكَ وتنجز ما مطلوب من دون أن تنسى فضله!

إنّ مساحة العمل في أي مشروع تبدأ ضيّقة ثم تبحث عن مسافات جديدة حسب قدرات اصحاب المشروع ليتّسعَ ويضمّ مشاركين جُدد يسهمون في انجاز أهدافه بتعاون كبير للوصول الى مبتغاهم، وهذا ما يحدث بالضبط في مجالس إدارات كرة القدم في العالم التي مهما توفّرت لديها الأموال والمنشآت والصيت العالمي المُرتبط بحجم البلد السياسي والاقتصادي والسياحي، فإنه لن يستطيع النجاح من دون تواجد مُفكّرين خاضوا تجارب مُماثلة يضعون خُططهم الصائبة بثقة للارتقاء بمنتخباته، وهكذا تأتي أجيال من بعدهم تقتفي أثر عملهم وتتعامل بحذر مع متغيّرات القوانين واللوائح وتواكب كل جديد في عالم اللعبة.

أما في اتحاد كرة القدم العراقي فطوال (74) سنة منذ تأسيسه، لم يُعرَفْ له منهج أو برنامج فنّي وإداري ونُظُم شبه ثابتة تُسّير شؤونه، دائماً ما يبدأ من الصِفْر مع أي مجلس إدارة جديد، رئيسه يتعلّم من الصِفْر وإن كان لاعباً سابقاً، ونائبه يفتخر بممارسة واجبه القيادي من الصِفْر بتشجيع من جمهوره، وعضو آخر لا تفهم منه إذا تكلّم بجملتين، ويجهل أصول الرد إذا واجه نقداً مستفزّاً، وآخر لم يسبق له أن كان بارزاً في اللعبة ولم يمارس عملاً إدارياً، أي البعض أضاف للصِفْر رقماً رفع من قيمته بين أقرانه، وآخرين ساووا الصِفْر في نتائج حساب أعمالهم من دون أن تُمَّسَ مكانتهم الانسانيّة التي نحترمها بين سطور تقييم فترات اشتغالهم.

فكيف تفكّ الكرة العراقية قيد أسرها من الموضع صِفْر وهناك من يرى في شعارات اصلاحها وبناء قاعدتها وتجديد نُظمها بمثابة ولادة تأسيس جديد خير ذريعة لإعلان استحقاقه ثقة عموميّة الاتحاد؟

من المؤسِف أن تلازم عُقدة الصِفْر عقول هؤلاء حتى مع المنتخب الوطني الذي يجري هدم أعمدته في كل مناسبة رضوخاً لأنانيّة المسؤول المقيتة بتحقيق منجز استثنائي في حقبته مثل التأهّل الى كأس العالم أو إحراز لقب بطولة قاريّة أو الاستعانة بمدرّب عالمي مُحترف في تحويل الصِفْر الى رقم كبير، وإذا بمنتخبنا يتراجع ويعاني وييأس وينزوي خجلاً في مجموعته موصوماً بأصفار خمسة في خمس مواجهات، ودفع ثمن مراهنات التحديث والتجريب ببدعة الترغيب والترهيب لـ "ديكتاتورية صِفْر"!

كرة القدم لم تعد تُسعد الناس، وتوحّد صفوفهم، وتداوي جروحهم، فلا المنتخب قادر على انقاذ مصيره في ثلاث مباريات أخيرة قبل أن يكتب نهاية المسلسل الجديد من محاولاته البائسة في الانضمام الى ضيوف الدوحة للنسخة المونديالية الاستثنائية 2022، ولا الاتحاد يجد خلاصاً من حصار المنتقدين بدافع تغيير سياسته المثيرة للسخط في اوساط اللعبة، ومن المتربّصين به لغاية سحب الثقة منه، ووقف بعض الإعلاميين طوع إرادتهم للدفاع عن هذا الطرف أو مهاجمة الطرف الآخر بعيداً عن مصلحة اللعبة ولم يحصلوا هُم أيضاً غير (الصِفْر) في اختبار معايير المهنة بعدما فقدوا حكمة الحياد وتركوا شعور الحقد يُحرّك مواقفهم المتقلّبة (مع أو ضد) بلا حياء كأنهم أوصياء عن هذه المؤسسة أو تلك في أكثر أزمنة الإعلام نفاقاً ..وتشرذماً!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram