علي حسين
كنت أتمنى أن لا أعود إلى الكتابة عن مجلس النواب العراقي، لكن ماذا أفعل ياسادة ومجلسنا الموقر احتفل أمس ببلوغه سن "السابعة عشر" ولم يتبق سوى عام حتى يبلغ سن الرشد؟، وربما عقود مظلمة حتى يبلغ " سن العقل " .
منذ 17 عاماً ومجلس النواب يتردّد في خطواته، لأنّه يرى في العجلة الندامة، فماذا يعني إذا تأخرنا في مجال التعليم والصحة، وارتفعت نسبة الفقراء، وضربنا الأرقام القياسية في الرشوة وسرقة المال العام، وانتشار قاذفات العشائر؟، المهمّ أن تترسّخ الديمقراطية التي تسمح لأعضاء في مجلس النواب ممن لا تتخطى أقدامهم عتبات قبة البرلمان أن يحصلوا على الراتب والمخصصات ومكافأة نهاية "النوم".
استميحكم عذراً مرة أخرى لأنني مصرّ على المراوحة في محيط السادة أعضاء مجلس النواب، البعض يسمّيها فقرا في الموضوعات وأنا أسمّيها من ضروريات مراجعة الحالة التي مرت بها البلاد، وكما تعرفون، فجنابي يحسد السادة النواب على نجاح مسيرتهم في الفشل وصنّاع الخراب.
الابتعاد عن كرسيّ البرلمان قلق، أما مأساة ملايين العراقيين فمسألة فيها نظر، خسر البرلمان ثقة معظم العراقيين، وأداروا له ظهورهم في الانتخابات الاخيرة ، لكن أعضاءه لا يزالون يوزعون الشعارات والخطب في الفضائيات، وكعادة القادة "المنتصرين" فإن عالية نصيف، وهي تجلس على الكرسي منذ ستة عشر عاما متنقلة من القائمة العراقية الى القائمة البيضاء لتستقر في دولة القانون، تنبهنا إلى أن أيام البرلمان الجديد حبلى بالمفاجآت، طبعا وبالصفقات ايضا .
وضعت القواميس تعريفات كثيرة لمعنى الاستحواذ والأطماع والفشل، لكنّ النائب العراقي يريد أن يجد تعريفاً جديداً للسلطة لا يتعدّى مصطلح "ما ننطيها"، وفي معظم الحالات ليست سوى خراب وفوضى ومشاهد التهجير واستعراض عضلات . بلاد تحول فيها معظم الساسة إلى رموز وطنية في مواجهة محور الشر، الذي هو الشعب بالتأكيد.
لم يعد في إمكاننا الصراخ بأننا بلاد علمت العالم الكتابة والقانون ، لأن القانون الحقيقي هو في الحفاظ على كرامة الإنسان، وأن لا تنتهي حياته في التسول، وانتظار زيارة عطف من مسؤول أممي.
لا يكفي شعار الإيمان والتقوى من دون شعار الرحمة. ولا تكفي الديمقراطية من دون العدالة الاجتماعية. تعالوا نتعلم من بلدان العالم "الكافرة" التي يؤرقها ألا يجد الطفل مدرسة يذهب إليها، وأن يبقى الشاب في البيت، لا عمل يذهب إليه.
أسوأ ما يحدث للأوطان أن تتحول الديمقراطية الى مباريات في الاستحواذ ، واسوء ما يحدث للمواطن أن نطلب الخير من نائب فاشل ومهزوز .
في انتخابات 2021 أعلنها العراقيون بشكل عفوي بسيط: لم تعد في الذاكرة مساحة للأكاذيب وعمليات النصب، فقررنا عدم استقبال المزيد من " النوام " .