تستهجن تحويلها إلـى مولات ومشاريع استثمارية
ذي قار/ حسين العامل
اعرب مسؤولون وناشطون في محافظة ذي قار عن قلقهم من ظاهرة الاستيلاء على الاراضي المخصصة للمراكز الصحية والمدارس والحدائق العامة وتحويلها الى مشاريع تجارية واستثمارية، وفيما دعوا الى الحد من التلاعب بجنس العقار وحسم ملف ملكية اراضي المنشآت ذات النفع العام، اشاروا الى تحويل مركز صحي ومساحات خضراء وابنية حكومية الى مولات ومجمعات سكنية ومقرات حزبية.
وشهدت محافظة ذي قار مؤخرا وخلال الاعوام المنصرمة تحويل عدد من الابنية الحكومية الى مشاريع استثمارية وتجارية من بينها موقع العيادة الخارجية وسط الناصرية الذي تحول الى مول تجاري، ومبنى محافظة ذي قار القديم الذي تحول الى مرآب استثماري لوقوف السيارات ومبنى قيادة فرع ذي قار الذي كان من المفترض ان يتحول الى حديقة عامة وتحول الى مول تجاري فيما تحولت مساحات من الاراضي التي كانت مخصصة لانشاء حدائق ومساحات خضراء الى مجمعات سكنية لمسؤولين متنفذين هذا ناهيك عن تحويل عدد كبير من الابنية الحكومية الى مقرات حزبية فيما مازالت مدينة العاب الناصرية التي تعد المتنفس الوحيد لـ 700 الف نسمة من سكان مركز مدينة الناصرية معطلة بسبب نزاع على ملكية الارض.
ويشير المهندس عادل كنو، وهو مسؤول محلي سبق وان عمل في مجال التخطيط في دوائر محافظة ذي قار، الى حصول محاولات متعددة في مجال التجاوزات على المناطق الخضراء والحدائق العامة ويوضح لـ(المدى) قائلا ان "بعض الدوائر تقوم بترويج معاملات استثمارية مخالفة للضوابط تحت ضغط جهات حزبية وحكومية نافذة"، واضاف "ومن بينها تغيير جنس استخدام مواقع العقار الذي غالبا ما يكون في مواقع متميزة من موقع خدمي ومنطقة خضراء وحدائق عامة الى مشاريع تجارية".
ويرى مسؤول آخر معني بمشاريع الابنية المدرسية ان "هناك مشكلة تتعلق في ملكية الاراضي المخصصة لبناء المدارس اذ تعود ملكية معظمها لدوائر البلدية"، مبينا ان "تخصيص الاراضي لبناء المدارس ليس بالأمر الهين ويتطلب المزيد من الوقت والاموال". واوضح المصدر، الذي ارتأينا ان لا نذكر اسمه لأمور تتعلق بسلامته الادارية، "فما ان يتم تهديم بناية مدرسية قديمة او بناية حكومية آيلة للسقوط لغرض إعادة بنائها حتى تبادر الدوائر البلدية بإجراءاتها لوضع اليد على الارض وتعطيل المشروع"، واردف "وهذا ما حصل مع موقع بناية العيادة الخارجية الذي استولت عليه بلدية الناصرية وحولته من مركز صحي الى مول استثماري وحرمت السكان من خدماته الطبية".
واشار المصدر الى ان "مشكلة هدم واعادة بناء المدارس في المناطق التجارية باتت مشكلة مستفحلة خصوصا في مركز مدينة الناصرية المكتظ بالسكان"، واوضح ان "المدارس قديمة وما ان يجري تهديمها لإعادة البناء حتى يسيل لعاب المستثمرين والمتنفذين عليها ويتحركون للاستيلاء عليها وتحويل موقعها التجاري الى مشروع استثماري تحت ذريعة عدم تسديد وزارة التربية ثمن الارض لدوائر البلدية". ولفت الى ان "ذلك بات هاجسا يثير القلق ويضيف سببا اخر لعدم الاقدام على هدم واعادة بناء المدارس القديمة خشية من الدخول بإجراءات ومنازعات ادارية طويلة بين دوائر البلدية والتربية قد تجعل المشروع يتعطل لعدة سنوات وبالتالي تتفاقم مشكلة الاكتظاظ في مراكز المدن ولاسيما مركز مدينة الناصرية".
وبدوره قال مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين حيدر سعدي لـ(المدى) ان "التشظي الحاصل في ملكية الاراضي بين الدوائر المعنية وعقارات الدولة والبلدية حفز رغبات الجهات والاطراف التي تحاول جني المغانم على حساب المصلحة العامة"، واضاف ان "الاستحواذ على الاراضي بات يفتقر حتى الى المسوغات التي تجعله يبدو مقبولا ولو بصورة شكلية".
واوضح سعدي الذي يشرف ايضا على ادارة منتدى منظمات المجتمع المدني في ذي قار ان "عملية الاستحواذ على الاراضي لا تأخذ بنظر الاعتبار حاجة المناطق السكنية للخدمات سواء الصحية أو التعليمية المتمثلة بالمدارس"، واردف ان "بعض الجهات تنظر للأرض ليس كموقع لتقديم خدمات عامة وانما الى حجم المنافع التي يمكن ان تتحقق من خلالها للجهة التي تمثلها والهيئات الاقتصادية التابعة للجهات الحزبية المتنفذة"، مؤكدا ان ذلك يمثل تجاهلا لحاجة الناس وتجاهلا للمصلحة العامة.
وعن تحويل موقع العيادة الخارجية في الناصرية الى مول تجاري وحرمان منطقة السراي من الخدمات الصحية التي كانت تقدمها على مدى 40 عاما وكذلك تحويل عدد من المناطق الخضراء الى مجمعات سكنية او مشاريع تجارية قال مستشار المحافظ ان "دوائر البلدية للأسف تنظر للأراضي كمصدر دخل للدائرة ولا تأخذ بنظر الاعتبار الى حاجة السكان للخدمات"، مشيرا الى "تحويل مواقع ذات نفع عام الى مشاريع تجارية واستثمارية".
ودعا الى "حسم ملف الخلاف على ملكية الاراضي المخصصة للمشاريع ذات النفع العام ولاسيما مشاريع الابنية المدرسية والمراكز الصحية والحدائق العامة والعمل على عدم تغيير جنس العقار والغرض المخصص له ضمن مخططات دوائر التخطيط العمراني"، مبينا ان "المختصين في دوائر التخطيط العمراني هم اعرف بحجم الحاجة للمساحات التي تُنشأ عليها الابنية التي تقدم خدمات عامة ومدارس ومراكز صحية وان أي تلاعب او تحويل في جنس العقار من شأنه ان يؤثر وينعكس سلبا على الخدمات العامة".
واقترح مستشار المحافظ ان "يتم تشريع قانون بإعفاء الاراضي المخصصة للمشاريع المذكورة من الديون المترتبة عليها لدوائر البلدية وان تخصص في المستقبل الى الدائرة المعنية من دون مقابل كونها مشاريع ذات نفع عام يتعلق بالخدمات المقدمة للمواطنين".
واكد ان "مكتب شؤون المواطنين في محافظة ذي قار تلقى العديد من الشكاوى حول الاستحواذ على الاراضي المخصصة للصالح العام"، لافتا الى ان "الاستحواذ احيانا يكون من جهات حكومية واخرى عشائرية او شخصيات وجهات حزبية متنفذة وان البعض استهدف حتى اراضي ومواقع مخصصة لمشاريع تصفية المياه ومشاريع خدمية اخرى".
وكان اعضاء مجموعة الرقابة الشعبية في ذي قار قد احتشدوا مطلع (كانون الثاني 2022) لوقف العمل في موقع مشروع استثماري متجاوز على المناطق الخضراء وسط الناصرية، ما استدعى تدخل الحكومة المحلية والحضور الى موقع المشروع واصدار جملة من القرارات ابرزها ايقاف اجراءات منح رخص الاستثمار على مسار كورنيش الناصرية على ضفتي نهر الفرات والمناطق الخضراء والحزام الاخضر ومراجعة الرخص الاستثمارية الممنوحة سابقاً.