مؤيد الطرفي
أصبح شارع المتنبي العريق في بغداد وأحد شواهدها التراثية الثقافية، الذي يقع على ضفاف نهر دجلة، مقصداً ليلياً لمئات الأسر البغدادية للمرة الأولى منذ عقود، ليدخل ضمن قائمة الأماكن التي يقصدها البغداديون منذ المساء وحتى ساعات الفجر الأولى.
والشارع الذي يوجد فيه العديد من المكتبات ودور النشر كان مقصد البغداديين الصباحي لشراء ما يحتاجون من قرطاسية وكتب، فضلاً عن كونه ملتقى للنخب والمثقفين ورواده من محبي القراءة يوم الجمعة. إلا أن إعادة تأهيله مجدداً من قبل أمانة بغداد وبالشراكة مع رابطة المصارف العراقية والبنك المركزي العراقي كسرت قيوداً تتعلق بالحركة الليلية فيه، إذ كان يغلق يومياً قبل المساء بشكل شبه كامل.
ومنذ إنجاز تأهيله وإنارته للمرة الأولى نهاية العام الماضي، وما شهده من احتفال لمناسبة رأس السنة الميلادية 2022، تحول الشارع إلى مقصد لكثير من الأسر والشباب البغدادي من ساعات المساء الأولى وحتى الساعة الثانية والثالثة من فجر كل يوم، وبشكل تلقائي من دون دعوة حكومية أو مجتمعية لزيارته. ويضم الشارع أحد أهم المقاهي في بغداد وهو "مقهى الشابندر"، وقد اعتاد رواد الشارع على احتساء الشاي في هذا المقهى العريق الذي يعد من أهم معالم الشارع والعاصمة.
وفي المساء، تجد عدداً من المحلات القليلة قد فتحت أبوابها أمام الإقبال الكبير من الأسر البغدادية للسماح لهم بالقيام بجولات مسائية لم تكن مألوفة سابقاً، لا سيما أن أصحاب الشارع اعتادوا على إغلاق جميع متاجره المختصة ببيع الكتب والقرطاسية وإغلاق الأسواق المجاورة للشارع.
عمر محمد الذي يقوم مع زوجته وأولاده بزيارة ترفيهية لالتقاط صور تذكارية قرب تمثال المتنبي والجلوس على ضفاف نهر دجلة، قال إن "الإنارة رائعة والأجواء ممتعة، وقد أخبرت أولادي الذين لم يأتوا سابقاً عن تاريخ شارع المتنبي وما يمثله من سلسلة مراحل من تاريخ العراق القديم والحديث". ويأمل في أن يكون هناك عدد من المطاعم والمقاهي وسط الشارع أو على مقربة منه، لقضاء وقت أجمل ولتناول الطعام، لكون الأسر البغدادية بدأت تتردد بكثافة في أوقات الليل، ولم تعد الزيارات مقتصرة فقط على النخب. بدوره قال الباحث في الشأن التراثي عادل العرادوي إن حملة التطوير شجعت العوائل البغدادية على القدوم ليلاً، ما كان بمثابة حافز لتأهيل شوارع تراثية أخرى.
وبين العرداوي أن "مرتادي شارع المتنبي كانوا يأتون نهاراً وغالبيتهم من الرجال، إلا أنه بعد تطويره وتأهيله أصبحت الأسر البغدادية تقصده ليلاً"، مشيراً إلى أن الهدف من التأهيل هو تشجيع المحال للبقاء حتى ساعات متقدمة من الليل في خطوة تحفيزية.
وقال الصحافي حسين زكنة إن تأهيل شارع المتنبي بحلته الجديدة يعطي رسالة أمل بإمكان تأهيل باقي مناطق بغداد التراثية، بعد أن هُجرت خلال السنوات الماضية.