عمـار سـاطع
الكثير من المتابعين يعتبرون نتيجة تعادل منتخبنا الوطني ونظيره اللبناني مؤلمة، بل ومُحزنة، كونها نتيجة مُخيّبة للآمال، بل ونتيجة ضاعفت من مصاعب أسود الرافدين في التنافس على البطاقة الثالثة المؤهّلة الى المُلحق المؤدّي الى مونديال قطر 2022، إن لم نقل أنها تلاشت تقريباً!
ومثل المتابعين، هناك مُتفائل ومتشائِم، لكن الفارق كبير بينهم وبين الطريق الذي سار عليه عناصر منتخبنا الوطني في رحلتهم الآسيوية وصولاً الى كأس العالم بنسختها القادمة، هذا الى جانب المنطق الذي فرض نفسهُ على هذه المحطّة العصيبة، بل وأكثرها نكبة!
مواجهة ملعب صيدا التي جمعت فريقنا مع مضيّفه اللبناني، قلّصت من حظوظنا كثيراً، بل واقتنصت من منتخبنا بارقة الأمل التي كُنا نُمنّي أنفسنا بنيلها، ولكن ما نيل المطالبِ بالتَمَني ولكن تؤخذ الدُنيا غلابا، فواقع الحال أن الخيبة لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت مؤطّرة بِتعادلات وهزائم، دون أن يجد الفوز مكانة له بين نتائج مبارياتنا!
وهنا يتجدّد التساؤل :كيف بِنا أن نمنح منتخبنا الثقة الواقعيّة، وهو الذي واجه مصاعب التغيير بعناصرهِ وفقد نقاطاً كان بأمسِّ الحاجة اليها في يومٍ كَهذا اليوم، والتصفيات وصلت الى محطّتها الأخيرة، ولم يتبقَ لفريقنا فيها سوى مواجهتين، أي بما مجموعه ست نقاط، وقد تدخلنا في حسابات ترتبط في نهايتها مع نتائج المنتخبين اللبناني والإماراتي؟
أعتقد أن المنطق يفرض علينا اليوم أن نكون أكثر حنكة ودراية، مثلما علينا أن نعترف بأن منتخبنا بهكذا توليفة وهكذا ظروف مليئة بتداعيات التغيير والاستبدال، لا يمكن أن يظهر بأفضل من الذي ظهر به طيلة المباريات الماضية التي لعبها، فلا هوية واضحة ولا رؤية صائبة ولا هدف محدّد ولا بصمة حقيقية ولا استقرار فعلي ولا انسجام معهود، كلُ ذلك ونحن نريد أن نفوز ونتأهّل الى فصل عالمي يجب أن يسبقه عملٌ مُضني!
قد يعتبرني البعض متناقضاً فيما أذكر اليوم، عمّا ذكرته سابقاً، سأجيب بكل صراحة، وهو أن المطلوب مِنا كَنُقّاد وصحفيين أن نكتب باتجاه الحثّ والدعم والاسناد لمنتخب بلدي، مثلما مطلوب منّا أن نكون واضحين وصريحين شريطة أن لا نقفز على الحقائق، تلك الحقائق الدامغة التي تتطلّب منّا أن نكتب ونحن نشعر بطعم الخسارة ومرارتها، ونحن نشاهد خسارات تتوالى وأداء لا يقبل به أي عارفٍ ودارسٍ لخبايا واقع منتخبنا الوطني وتاريخه بماضيه العريق.
أقول.. للاسف كل ما حدث في ملعب صيدا الدولي، لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتائج عمل داخلي يرتبط بمستوى الدوري الكروي ومسابقاته التي انتظمت منذ الموسم الماضي، وعليه يجب أن تكون هناك خطّة داعمة ترتقي بأداء الفرق، شريطة أن يتم تقليصها ووضع برنامج محدّد وروزنامة مليئة بالمسابقات من بطولات ودوريّات لرفع القابليّات الفنيّة وربطها مع الأيام التي يجب أن يكون فيها المنتخب حاضراً مع تجمّعات تدريبيّة وخوض مباريات تجريبيّة.
نعم.. ما دُمنا نريد منتخباً قوياً يُشرّفنا في الاستحقاقات دون أن يكون لدينا أي خوف عليه من مواجهاتٍ أمام منتخبات كُنا نَلتَهِمُها بسرعة ونتجاوزها بسهولة، قبل أن نحسب لها ألف حساب وحساب، ونُصوّرها مثل البُعبع، علينا أن نعرف كيف نبني فريقاً مليئاً بالقوّة والحيويّة ويعرف كيف يُعيد لكرتنا هيبتها، شريطة أن يكون هناك عنصر البناء الفعّال، بعيداً عن المجاملة والمحابّاة، وقريباً من الاختيارات الصحيحة، بغضّ النظر عن الأسماء المطروحة والضغوطات التي يُمليها البعض.
وفي تصوّري الشخصي.. إن إعادة ترميم بيتنا الكروي، يجب أن يأتي من خلال مؤتمر موسّع وشامل، تُسمَع فيه الآراء والطروحات، ومن ثُم تتم دراسة الافكار المُقدّمة من الأكاديميين والخبراء والفنيين والنجوم السابقين، مع التركيز على قضيّة تتعلّق بعامل الوقت في كيفيّة تصحيح الأخطاء والمدة الزمنيّة الفاصلة في مباريات فرق الدوري من أسبوع الى آخر، ومنح أولويّة الى الأجهزة الفنيّة للفرق في تصحيح أخطاء لاعبيها من جولة الى أخرى فضلاً عن أهميّة مُصاحبة دوريّات الشباب والناشئين مع دوري المتقدّمين، وأن تكون اجباراً لكل الأندية المشاركة ووضع ضوابط محدّدة بخصوص اللاعبين الشباب وضرورة تأهيلهم الى فرق الكبار.
الاوطان تُبنى بسواعد الرجال.. والمنتخب لن يُبنى بين ليلة وضحاها، وعليه أن نبنيَ منتخباً جديداً بدلاً من العيش على أطلال الماضي.. فالماضي تأريخ يُذكر وسجلٌ يُدوّن فيه كل شيء، أما الحاضر فهو بإيدينا والذي سنعرف مستقبلنا من خلال ما سنكتبه!