علي حسين
يستيقظُ المواطن العراقي صباح كل يوم في انتظار مسلسل الكتلة الأكبر وحكومة الأغلبية، ويستمع إلى الخطب الرنانة دون أن يملك الحق بالاعتراض أو أن يسأل: لماذا خرجت الناس للانتخابات إذا كان البعض مصراً على أن الكعكة العراقية يجب أن توزع بالتساوي والقسطاس .
ولأنباء صراع الساسة طعمٌ مرٌ في فم المواطن العراقي الفقير الذي لا يملك سوى قوت يومه، وقد وجد نفسه وحيداً في ظل وباء الانتهازية وصراع الكراسي .
منذ أن اعترف أفلاطون بأنّ العدالة هي حكم الأكثر كفاءة، والناس يبحثون عن أصحاب الكفاءات الذين يملأون الأرض منجزاً وصدقاً، وكما أخبرنا صاحب الجمهورية يوماً، أن الدولة وجدت لتوفير حياة مرفّهة، أصر بناة البلدان على أنه لن تكون هناك حياة كريمة، مالم يتوفر لها رجال شجعان.
وتذكر "جنابك"، مع الاعتذار للراحل طارق حرب، أنك عندما تسمع أخبار العراق هذه الأيام، سوف تشاهد وتسمع النقيضين، خصوصاً إذا كنت تعاني من هواية متابعة الفضائيات، كم مرة في التاريخ يتسنى لنا أن نتسلّى على مثل هكذا تصريحات؟ لذلك ينام المواطن العراقي على بيان، ثم يصحو على نفي من نفس أصحاب البيان.. في الوقت الذي تتطاحن فيه مواقع التواصل الاجتماعي لتفسر لنا الفرق بين "المُعطِل والمُعطَل" والبعض مشغول بقضية نشر الفضيلة والأخلاق على هذا الشعب الجاحد، فقد وجد ساستنا "المؤمنون" أنّ العراقيين شعب بحاجة إلى تأديب وتهذيب، وبدلاً من أن يدينوا القصف التركي على مناطق داخل العراق، انشغلوا بالاربعمائة مليار دولار التي ضاعت من العراق لأن الشباب خرجوا في احتجاجات تشرين ومنعوا عادل عبد المهدي من ان ينفذ مشاريعه العمىقة ، ولأن "الجوكرية" كانوا يناصبون العداء للرفيق "ماو".!!
في وسط هذا الليل البهيم، من الطبيعيّ أن "تتفرعن" القوات التركية، وأن يصمت الجميع. وأن يستعين إياد علاوي راعي "المدنية" في العراق برؤساء العشائر ليساعدوه في الحصول على حصة من الكيكة العراقية . .. أعرف حجم الأزمة التي يمر بها السيد اياد علاوي ، ولكني اعرف أيضا أن باستطاعته أن يكون أكثر صراحة ويضع النقاط على الحروف ويعلن للناس ما الذي يجري في كواليس السياسة العراقية، لأن الناس تعشق ثقافة الصراحة والوضوح، وتكره الساسة الذين يمارسون ثقافة الخديعة واللعب على الحبال.بالتأكيد أنا لا استطيع إجبار" جنابه " على اتخاذ الموقف الصحيح في الوقت الصحيح، وليس أمامي سوى أن ارفع يدي بالدعاء على أميركا التي ألغت مفهوم المعارضة من قواميس سياسيينا .
ولهذا فلا أعتقد أنّ الفرق بين المعطِل أو المعطَل، ستحلّ مشاكل هذه البلاد مادام هناك من يصرّ على مواصلة ذلك الخطاب المحرّض على الفوضى، هذه الفوضى التي تجعل من اجتماعات الساسة مجرّد دراما اجتماعية تنتهي بوعود وأمنيات، وصور فوتوغرافيّة .