عامر القيسي شخصيا لست مع الاحتجاجات التي تميل الى العنف أو التي تدعو الآخرين الى استخدام العنف، لانها بكل بساطة، وضمن الاوضاع العراقية، تشجع قوى معادية للعملية السياسية في البلاد لاستغلالها وتصعيدها وايصالها الى حد التصادم الدموى بين القوات الامنية والجماهير المحتجة.
التظاهر والمطالبة بالحقوق ومحاسبة الحكومة، حقوق للمواطن نص عليها الدستور العراقي الجديد. تظاهرات الكهرباء التي عمت العاصمة ومحافظات اخرى، اهمها في البصرة و التي أدت الى وقوع اعمال عنف واستشهاد أحد المواطنين، تمثل نمطا من الانفجار الجماهيري، ليس على ضحالة الخدمات المقدمة له، بل، على احتقار معاناته، في مقابل الامتيازات التي يحصل عليها المسؤول والتي لم يكن يحلم بربعها في افضل حالات احلامه!ان التعاطف الذي حظيت به تظاهرات واحتجاجات واعتصامات الجماهير من أجل تحسين الكهرباء، دليل قوي على شدّة المعاناة التي عبّرت عنها هذه التظاهرات للشريحة الاجتماعية الفقيرة من المواطنين، واستجابة السلطة المركزية والسلطات المحلية، هي الأخرى منطلقة من المعرفة الحقيقية بعمق هذه المشكلة التي ترتبط مباشرة، بالتفاصيل اليومية في حياة الناس، فالكهرباء تعني العمل والدراسة والثقافة والنقل والماء ولقمة العائلة، ناهيك عن ضروراتها الحضارية. قضية غير مفهومة بكل المقاييس، عندما يستطيع مستثمر بعشرة ملايين دينار عراقي أن يوفر الكهرباء لمدة 12 ساعة يوميا لاكثر من 50 بيتا، والامبيرات حسب الطلب، والبعض من أصحاب المولدات يبشرك بالكهرباء الخاصة به 24 ساعة مع الاعلان بان مجيء الكهرباء الوطنية ليس من ضمن الاستراحة الخاصة بمولدته. حتى الكهرباء الوطنية صارت مزعجة بزياراتها الخجولة، فهي اما ضعيفة أو متقطعة، أو لاأحد يعرف مواعيدها، فهي حرّة غير مسؤولة تأتي متى تشاء وتذهب متى تشاء، اي انها كما يقول عادل امام"على حل شعرها"ولو تجاوزنا كل شيء فان الغريب والمدهش ان تأتيك قائمة الكهرباء"كسران ظهر"تعد دنانيرها بمئات الألوف، وهي قوائم ستفتح شهية اصحاب المولدات لرفع سعر الأمبير، وحجته بيده،"فلوس بلا كهرباء احسن لو فلوس مقابل كهرباء؟"الارجحية بالايجاب للمقطع الثاني من دون شك. هل ينبغي علينا ان نتظاهر ونرمي الحجارة على المؤسسات الرسمية ومجالس المحافظات لكي يعرف ويقتنع السادة المسؤولون بان هناك أزمة أومشكلة تحتاج الى حل؟ هل ستكون الحلول المطروحة ترقيعية كالعادة أم انها ستعتمد على احصاءات وارقام وأساليب علمية في التفكير والتشريع والتنفيذ؟ هل استجابة المسؤولين، من رئاسة الوزراء الى مجالس المحافظات، لصب الماء على النار واخمادها لحين مرور موجة الغضب؟اسئلة كثيرة بحاجة الى اجابات شافية، ليس عن نوع الخدمات المقدمة للمواطن، وانما عن نوعية المسؤولين الذين يتصدون لمهمات ادارة البلاد والعباد، عن تأهيلهم العلمي، عن قدراتهم القيادية، عن ارتباطهم بهموم المواطن، عن عمق تفكيرهم في عراق اليوم والمستقبل؟هل سنجد مثل هذا المسؤول في حكومتنا المقبلة؟ سنسمع الجواب حتما بعد ان تتفق نخبنا على مرشح منصب رئاسة الوزراء وليس وزير الكهرباء حصريا!!
كتابة على الحيطان : النضال المطلبي وحل الأزمات
نشر في: 20 يونيو, 2010: 07:33 م