علي حسين
هل تشعر اميركا بالذنب؟ وهل يعرف ساستها أنهم أدخلونا في متاهة الطائفية، وكانوا مشاركين وشهوداً على الخديعة؟
كنت أظن أن ما حدث يقع خارج إرادة أصحاب البيت الأبيض، لكن الوقائع تؤكد في كل يوم أن أصحاب القرار الأميركي كانوا بكامل وعيهم وهم يمكنون بعض الساسة من إدارة شؤون البلاد.
بصراحة شديدة، نحن نعيش على حافة الخطر، والمحرقة التي تشتعل في البلاد ة تمتد وتتوسع لتطول كل شيء، مستقبل البلاد معلق بخيط رفيع لا أحد يعرف متى سيتم قطعه، وإذا ما تم قطعه، ما الذي سيحدث ؟.
في كل يوم يشعر العراقيون بأنهم يعيشون المرحلة الأصعب والأخطر في تاريخ بلادهم، وهي مرحلة الانقلاب على التغيير الذي حصل بعد عام 2003 حيث توقعت الناس، التي عاشت عقوداً من الدكتاتورية والتسلط، بأنها ستفتح الأبواب والنوافذ للمستقبل، حتى أطل السياسيون برؤوسهم، فانفصمت عرى البلاد وتفرق الناس شيعاً وأشياعاً بفضل حكمة وحنكة العديد من الساسة الذين لم يتوقفوا عن تقديم كل ما هو فاشل ومزيف وعشوائي، وإشاعة كل ما يمت إلى القسوة والعنف، ونحن سنغادر السنة التاسعة عشر للتغيير ، بات المشهد أكثر سوداوية وقتامة، سيتهمني البعض بأنني أحاول أن أنسج سيناريو من الخيال، ولكن الحقيقة تقول إن السيناريوهات التي يضعها بعض السياسيين، تثبت بالدليل القاطع أننا أمام معالجات درامية استطاع أصحابها وبمهارة أن يواروا ملفات مهمة مقابل انشغال الناس بصناديق الانتخابات ولعبتها التي لا يُراد لها ان تنتهي .. حيث تحولت الى مشهد مسرحية بيكت الشهيرة "في انتظار جودو"، مع الإصرار على أن تستغرق الناس في الحديث الصاخب عن المؤامرات التي تحاك في الظلام، طبعا، مع غلق كامل لكل ملفات البناء والتنمية وتطوير قدرات الناس وتأسيس دولة المواطنة.
بعد 2003 تبنى العراقيون أسلوب التحول الديمقراطي بطريقة سلمية تحفظ الأمن والهدوء والاستقرار، وتحفظهم من المخاطر والأهوال، لكن الأمور جاءت عكس ما تمنوا ولم تعرف البلاد هدوءاً منذ أن بدأ الساسة يهتفون الواحد ضد الآخر، العراقيون انحازوا للديمقراطية، وأصحاب القرار انحازوا لمصالحهم الشخصية، فخلطوا شعارات مصلحة الوطن بأطماعهم السياسية، كنا نسعى، جميعاً، إلى عراق الإخاء والمساواة، ولكن البعض يريده عراقاً مكبلاً مريضاً فاسداً، لا مكان فيه لأي شيء حقيقي، بل السطوة والنفوذ لكل مزيف ومزور ومنافق وفاسد.
اليوم حين يحاول البعض تفسير ما حدث بأنه سوء تقدير من امريكا، أو غلطة ارتكبها الجمهوريون أو الديمقراطيون فذلك إنما هو دفاع عن وهم لا يزال يعشش في عقول الكثيرين..
الخوف كل الخوف والخطورة الحقيقية أن يكون سوء التقدير سبباً في مآسٍ جديدة، وقد يكلفنا ثمناً غالياً.