الدكتور هيثم عبد القادر الجنابي تستحوذ عبارة الخصخصة على اهتمام معظم دول العالم سواء كانت متقدمة أو نامية، ولا يوجد مفهوم دولي متفق عليه لكلمة الخصخصة ، حيث يتفاوت مفهوم هذه الكلمة من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى ،
ولكن لو أردنا تعريف هذه الظاهرة التي أصبحت موضوعاً رئيساً يتم استخدامه في معظم الدول ، فانها فلسفة اقتصادية حديثة ذات ستراتيجية لتحويل عدد كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي لا ترتبط بالسياسة العليا للدولة ، من القطاع العام الى القطاع الخاص .فالدولة في المفهوم الاقتصادي الحديث يجب ان تهتم بالأمور الكبيرة كالأمور السياسية والإدارية والأمنية والاجتماعية التي ترتبط بسياستها العليا ، اما سائر الأمور الأخرى فيمكن تأمينها من قبل القطاع الخاص وذلك في اطار القوانين والأنظمة التي تضعها الدولة وتنظم من خلالها عمل هذا القطاع. أولاً :مفهوم وفكرة الخصخصةrnتعددت واختلفت مفاهيم الخصخصة لتعدد مجالات تنفيذ هذه الستراتيجية وتعدد أساليبها ، فتعرف الخصخصة بأنها نقل ملكية أو إدارة نشاط اقتصادي ما ، اما جزئياً أو كلياً من القطاع العام إلى القطاع الخاص أي انها عكس التأميم.ولا تعد الخصخصة غاية بحد ذاتها إنما هي وسيلة أو أداة لتفعيل برنامج اصلاح اقتصادي شامل ذي محاور متعددة يهدف الى اصلاح الأوضاع الاقتصادية في دولة ما .ومن هذا المنطلق عادةً ما يتزامن مع تنفيذ برامج الخصخصة تنفيذ برامج أخرى موازية ومتناسقة تعمل كل منها في الاتجاه العام نفسه الداعي الى تحرير الأنشطة الاقتصادية كافة في القطاع العام تجاه القطاع الخاص ، أي ان الخصخصة يجب ان تواكبها تغيرات جذرية لمفهوم أو فلسفة مسؤولية الدولة من إدارة الاقتصاد ودورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي تجاه المزيد من المشاركة للقطاع الخاص .وللخصخصة منظوران ، اقتصادي وسياسي ، ففي المنظور الاقتصادي تهدف عملية الخصخصة الى استغلال المصادر الطبيعية والبشرية بكفاءة وإنتاجية أعلى ، وذلك بتحرير السوق وعدم تدخل الدولة الا في حالات الضرورة القصوى وعبر أدوات محددة لضمان استقرار السوق والحد من تقلباته .اما من المنظور السياسي فالتخصيص يدعو الى اختزال دور الدولة ليقتصر على مجالات أساسية مثل الدفاع والقضاء والأمن الداخلي والخدمات الاجتماعية ، لذا فان التخصيص يتجاوز مفهومه الضيق المقتصر على عملية بيع أصول أو نقل ملكية ليكون بمثابة نقلة اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة وفلسفة جديدة لدور الدولة .rnثانياً : الضغوط والقوى التي دفعت دول العالم للجوء إلى الخصخصة ان استقراء الواقع يؤكد وجود العديد من القوى والضغوط التي دفعت دول العالم للجوء الى الخصخصة ، كأسلوب لإدارة المنشآت الاقتصادية ، وتتمثل هذه الضغوط والقوى في :ـ ضغوط عملية تهدف الى إيجاد حكومات أكثر كفاءة تطبق سياسات مالية أفضل يترتب عليها اقتصاد في النفقات ـ ضغوط إيديولوجية تقضي بتقليل دور الحكومة وتدخلها في الحياة الاقتصادية .ـ ضغوط تجارية تهدف الى توسيع مجالات العمل وزيادة كفاءة الإنتاج .•ضغوط شعبية تسعى الى خلق مجتمع أفضل تتوفر لدى أفراده فرص أوسع في اختيار السلع والخدمات وزيادة مشاركته في النشاطات الاقتصادية .ـ ضغوط دولية تهدف الى إيجاد اقتصاد تتوفر لديه القدرة على المنافسة مع الأسواق والمنتجات الأخرى في ظل برامج التصحيح والنظام الاقتصادي الذي تفرضه الدول الكبرى من المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي .ـ وأخيراً الضغوط الاقتصادية التي تعرضت لها الدول النامية الناتجة عن أزمة الديون والتي أدت الى انخفاض كبير في التمويل الخارجي ، اتجهت هذه الدول الى تطبيق سياسات مالية انكماشية من اجل التخفيف من ذلك الاختلال الاقتصادي الحاصل ، وقد تمثلت هذه السياسات المالية الانكماشية في محاولة تخفيض النفقات وزيادة الإيرادات قدر الامكان .وفي هذا الإطار ظهرت الخصخصة كجزء من الحل ، كما حدث في دول أمريكا اللاتينية مثلاً حيث تمثل الخصخصة بالنسبة لدول أمريكا اللاتينية وسيلة لتثبيت اقتصادياتها وتخفيض ديونها الخارجية وإعادة توزيع مصادر وإيرادات الدولة بشكل أفضل .rnثالثاُ :مشكلات وصعوبات الخصخصة rnلقد أصبحت الزيادة في حجم الدولة مشكلة كبرى وخاصة بنسبة لمجموعة معينة من الاقتصاديات التي لا توجد لديها مصادر كثيرة للتنمية ، ويزعم واضعوا النظريات والسياسيون ان الشركات المملوكة للدولة كانت الطرف الأساسي لعمليات التحديث ولاسيما في التصنيع ، وكان على الشركات المملوكة للدولة ان تنتج الموارد اللازمة للاستثمار ، ولكنها قد فشلت وازداد الشعور بان هذه الشركات تستنزف الميزانية بدلاً من إنتاج موارد جديدة وتبحث الحكومات في كل مكان عن وسائل جديدة لتعبئة الموارد واستخدام ما لديها بصورة أكثر فاعلية ، وقد دعم هذه الفكرة نقل الملكية العامة للقطاع الخاص .وفي دراسة أجراها البنك الدولي لحجم عمليات الخصخصة في الدول النامية وجد ان 400 عملية خصخصة قد جرت في السنتين
اتجاهات وطرق تحويل الملكية العامة الى الخاصة و متطلبات الخصخصة في العراق
نشر في: 21 يونيو, 2010: 04:30 م