علي حسين جاءت حادثة مظاهرات البصرة وما تبعها أمس من تظاهرات في عدد من المدن لتفتح جراحاً كثيرة وتطرح أسئلة أكثر أولها: هل تعجز الحكومة عن إقامة علاقة طيبة مع المواطن، هل ساعدت الحكومة المواطن في الوقوف بوجه الجشع الذي انتشر في كل مكان مستنزفا ما في جيوب الناس ليستغلهم بهذا الشكل البشع؟
ومثل أزمة الكهرباء تحدث أزمات في كل مرافق الحياة يواجهها المواطن المسكين بمعزل عن دعم الحكومة ورعايتها، من واجبات الدولة الأساسية أن تحمي الناس ليس بالمفهوم الأمني للحماية، فهذا أصبح صعب المنال ولكن بمعنى حماية الناس من سوء الخدمات التي تحول فقدانها إلي جهنم يكتوي الجميع بلهيبها. يمكن أن يقول (المبرراتية )إننا وسط جو امني مشحون وان البلاد تتعرض لهجمة شرسة من الإرهابيين .. ولكن هذا ليس مبررا أن تتعطل حياة الناس بسبب سوء الخدمات،وبسبب بيروقراطية المسؤولين التي لم تجد قوانين تفرض عليها عقوبات مشددة. كنا دائماً نطرح سؤالاً لا نجد له إجابة: لماذا يشكو الناس، ولماذا لا تجد شكواهم صدى عند الحكومة؟ الإجابة تكمن في الجدار الذي وضعته الحكومة بينها وبين الناس.ملايين ومليارات تسرق وتبذر، ولا نسمع سوي شكاوى المسؤولين ومطالبتهم الدائمة بمزيد من المزايا والامتيازات. من المسئول عن ذلك؟.. الحكومة.. الحكومة.. الحكومة يجب أن تنحاز للفقراء والمواطن البسيط، مثلما تفتح قلبها وعقلها وخزائنها للمسؤولين وأصحاب القرار . نريد حكومة مهمتها الأولى أن ترفع المعاناة عن كاهل الناس، وأن تكون قوية وثابتة، وليست مرتعشة ولا مهتزة. إذا أرادت الحكومة أن تعرف لماذا لا يشعر كثير من الناس بثمار التغيير بعد الخلاص من اعتى الدكتاتوريات،عليها أن تشخص المسؤولين المفسدين وتضربهم بيد من حديد، وسيساعدها الجميع في هذه المهمة الوطنية، ليس معقولاً ولا مقبولاً أن تعيش مدن كاملة بلا خدمات وأن تجني ثمار التغيير فئة قليلة كانت وما زالت ترقص على كل الحبال.
العمود الثامن ..دروس من البصرة
نشر في: 21 يونيو, 2010: 05:26 م