TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: لعبة الكراسي

العمود الثامن: لعبة الكراسي

نشر في: 13 فبراير, 2022: 12:08 ص

 علي حسين

تبدو وسائل الإعلام العراقية هذه الأيام وكأنها ساحة تدور فيها دوائر غريبة وعجيبة.. لاشيء سوى أخبار الثلث المعطل، وغضب الساسة بعضهم على بعض.. والأهم القلق الذي يساور البسطاء على مصير هذه البلاد.. وعندما نقرأ تصريحا لسياسي أو مسؤول نزداد خوفاً إذا ما قررنا أن نتوقف عنده أو نصدقه..

لا أحد يدري إلى متى سيستمر الحال بحرب داحس والغبراء بين السياسيين، والتي يراد منها التغطية على الفشل المتواصل منذ تسعة عشر عاماً، الجميع يصر على أنه صاحب الحقيقة المطلقة.. وإذا حاولنا أن ننفض عن أنفسنا رتابة الكلام السياسي الممل الذي نسمعه ونقرأه كل يوم، يقلقنا أن البلاد لا تزال تبحث عن مسؤولين يقودونها إلى ضفة الأمان والطمأنينة.

نقلّب في الأخبار ذات اليمين وذات الشمال عسى أن نجد أحد مسؤولينا يمارس فضيلة مراجعة النفس والاعتراف بالخطأ، والذي يشكل اليوم جزءاً من نسيج الحكومات المتحضرة، وتاريخ الاعتذارات مليء بالمواقف الصعبة لعدد كبير من المسؤولين في الغرب وهم يخرجون للناس يقدمون اعتذاراتهم، ومعها خطاب الاستقالة بسبب أفعال أضرت بالمصلحة العامة.. عام 1969، اقترع الفرنسيون على الدستور الذي اقترحه ديغول. وحين أعلنت النتائج التي تظهر أن 52% من المواطنين صوتوا ضده.. نجد صباح اليوم التالي صحف فرنسا تنشر على صفحاتها الأولى الخبر التالي: ديغول يقدم استقالته وبيان من سطر واحد "اعتبارا من اليوم سأتوقف عن ممارسة مهامي كرئيس للدولة" كان ديغول الذي شعر بالأسى قد أنقذ فرنسا في حربين عالميتين.. وجعل منها خلال فترة حكمه واحدة من الدول الاقتصادية الكبرى.. ومع ذلك استجاب لطلب المحتجين وغادر القصر الرئاسي وانشغل بكتابة مذكراته.

منذ سنوات ونحن نعيش ديمقراطية المحاصصة الطائفية، بعد أن عشنا عقوداً في جمهورية الخوف، لنجد أبواب المناصب والمنافع مفتوحة للتهافت والتكالب والسعي لإلغاء الآخر.. وجعل السياسة سوقاً للشعارات التي تجعل من المسؤول مبعوث العناية الإلهية لهذا الشعب لكي يسير به إلى طريق الهداية والإيمان.. لم تعد السياسة في الأمم المتحضرة مباراة للبطولة وحشد الطوائف.. لكنها عصر الشعوب التي قررت أن ترمي التعصب والتخلف والخرافات وراء ظهرها..

مساكين أبناء هذا الشعب الذين اتعبتهم أخبار الصفحات الأولى.. متى يعيشون في ظل ساسة ومسؤولين يقدمون أمثولة للتاريخ حين يفاجئون العالم بأنهم أكبر من المنصب؟.. أخبار الصحف الأولى تؤكد أن لا أمل في الأفق.. فنحن مع ساسة يسيرون إلى التاريخ والكرسي أمامهم لا خلفهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram