متابعة المدى
الباقر جعفر هو مخرج عراقي درس صناعة الأفلام في المركز العراقي للفيلم المستقل في بغداد عام 2009 ، شارك في ورش عمل لصناعة الأفلام داخل بغداد وخارجها، اذ درس كتابة السيناريو والإخراج والمونتاج وإدارة الإنتاج، أخرج الباقر عدة من الأفلام أبرزها:
الفيلم الوثائقي القصير «رفعة علم»، و«غربة الغجر» والفيلم التجريبي «عدسة 50 ملم»، و«الفرقة» الذي كان فيلمه الوثائقي الروائي الأول والذي يتناول فرقة موسيقية تعزف في العراق وخاصة مدينة البصرة التي يسيطر عليها التطرف الديني والذي يمنع الموسيقى. حيث يتحدث عن جيل جديد يحاول أن يسعد الناس وجيل قديم استسلم لمد التطرف.
فيلمه الاخير « خذني الى السينما» شارك في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة للفترة من 6 الى 15 كانون الاول، اذ عرض ثلاث مرات، اخرها داخل سوق المهرجان، ليجد فرصته امام مسوقين وموزعين، فضلا عن مشاركته في مهرجانات أخرى. وأحداث الفيلم صورت في بغداد ومناطق الاهوار وجبال كردستان، حيث أسهم في انجازه أربعة مصورين ومنتجين ومحررين من العراق ومصر، بالإضافة الى مستشار لمرحلة المونتاج وأسماء أخرى.
(العربي الجديد) التقت المخرج الشاب الباقر جعفر متحدثا عن (خذني الى السينما).
عن السبب في اختياره هذه الموضوعة لفيلمه (خذني الى السينما).قال:
لم اختر ان اصنع هذا الفيلم، لكن وجدت نفسي اقرأ رواية (خضر قد والعصر الزيتوني) للروائي العراقي نصيف فلك، حيث قادتني هذه الرواية إلى صناعة فيلم عن كاتبها وعن مدينة بغداد، بالنهاية أصبح الفيلم مليء بالذكريات و الصور و الحكايات التي نعيشها في العراق. وعن تفاصيل حياة الروائي ايام الحرب العراقية الايرانية، الذي كان هاربا من فخاخ السلطة، التس قادت العراق الى العدديد من الحروب العبثية.
واضاف جعفر عن استغراق العمل في الفيلم كل هذه السنوات.. قائلا:
استغرق وقت العمل على الفيلم منذ بداية التصوير في ٢٠١٨ ، إلى عرضه في نهاية ٢٠٢١، لأسباب كثيرة تارة تتعلق بالإنتاج السينمائي داخل العراق و مشاكله، و انعدام البنية التحتية لصناعة السينما، و دعمها، تارة اخرى كنت احاول ان اخذ وقتي في اكتشاف مجريات الأحداث وإلى أين تصل بي هذه الرحلة التي يقودها نصيف فلك و روايته. بل وذكريات الحرب.
والفيلم، هو تداخل بين شخصيتك وشخصية الروائي، فهل كان المخرج يطمح لسرد حكاية الروائي ام حكايته.. ولماذا كانت السينما هي المحور، اجاب:
منذ البداية كنت متخوف من ان الفيلم يدفع باتجاه حكاية الشخصية، او يكون هناك باللاوعي انني بطل الحكاية أي ان الفيلم يسرد حكايتي، لان نصيف فلك هو البطل الحقيقي داخل و خارج الفيلم، هو من لديه حلم السينما التي هي جزء من المغامرات التي عاشها هذا البطل. كان دخول شخصيتي كصانع افلام هو أداة لدخول عالم نصيف فلك و الأسئلة وجدت طريقها بهذا الشكل. لقد تناوبنا على الحضور أنا وفلك، من أجل إنضاج الفكرة.
وعن اختيارك أماكن للتصوير، هل هي جزء من هذه المعاناة باعتبارها أماكن تجمع المهمشين والفقراء.؟
هناك اماكن ظهرت في الفيلم ليس لأنني اخترتها، بالهي فرضت علينا ان تكون جزء من الصور التي تقدم بغداد في الفيلم. الجسور الممدودة على نهر دجلة في بغداد بين الكرخ والرصافة هي صورة اساسية من بغداد التي اعرفها عن بغداد، لم تكن غير محض صدفة، الأماكن التي مسموح التصوير بها و التي مر بها كل يوم كصانع لهذا الفيلم. غير ان هناك مشاهد تم كشفها قبل التصوير و أخذ موافقة التصويرفيها.
والمعروف أن الفيلم طرح العديد من الاسئلة عن طريقه وعن طريق فلك.. فاين وجد جعفر الاجوبة ، يقول:
أعتقد أن الفيلم يطرح أسئلة على جمهور ليس بغرض الاجابة عليها بال لغرض نقل السؤال جمهور يبحث عن أجوبة، وهذه الأسئلة التي تدور برؤوسنا اعتقد علينا أن نسمعها و نتأملها.. فهناك اسئلة أثيرت من الفيلم نفسه عبر ابطاله.
وقلما عالجت افلام الشباب موضوعة الحرب ليس بالشكل الذي عالجتها هو.. اعني طريقتهم في الطرح المباشر للموضوع.. هل لان الحرب ألقت بظلالها على كل شيء.؟ قال:
عشنا مع الحرب كثيراً وصرنا نعرفها جيداً و لا ارى ضير من تناول الحرب بشكل سطحي، هذا الشكل غريب على العراقيين، وهذا ما سأفعله في المستقبل، بسبب أن «الحرب ألقت بظلالها على كل شيء».. فقد استطاع الشباب في السينما العراقية ومن خلال الافلام التي صنعوها، في فترة بعد عام 2003 ان يقدموا افلاما بافكار جديدة عكست مأساة الحرب وتداعياتها.. فالامر ليس بهذا التقيد ان تكون الحرب هي موضوع الفيلم، او أثارها المأساوية هي الموضوع.. ففي كل الأحوال انك تضوعت كسينمائي برائحة الحرب.
وفي سؤال عن دخولهم في الفيلم الى سينما غرناطة بعد دمارها واهمالها، والذي يذكرنا بدخول بطل في سينما بارديسو سالفاتور دي فيتا الى صالة السينما بعد 30 عاما من خرابها.. فهل تأثر بهذا المشهد أم كان الامر تناص لا اكثر، يقول المخرج:
أن هذا السؤال يدعو للتأمل بشخصية نصيف، لكن لم يكن هناك أي رغبة ان يكون هناك تأثر لم يخطر ببالي هذا المشهد .. ويبدو انه تناص، ولكنه غير واع.. صالاتنا السينمائية تضررت، بل هذم بعضها عبر الاهمال المتعمد لها.. لكن الصالة في فيلم باراديسو تعرضت للتخريب كزنها قديمة، وللبطل معها ذكريات كثيرة.. ودخولنا لصالة سينما غرناطة كان للتذكير بما آلت اليه جميع الصالات.
وفي سؤالنا هل سيشهد الفيلم عرضا جماهيريا داخل العراق.. هل فكر بذلك؟ قال:
اطمح ان يشاهده اكبر عدد من العراقيين، اتمنى ان يعرض في السينمات القديمة و الحديثة التي بنيت في المجمعات التجارية، و ان تشاهده الناس و تشاهد افلام عراقية غيره ايضاً. فنحن نحضر لعرضه في إحدى سينمات بغداد القديمة التي جربناها، والتي لازال البعض منها قائما ، وفي طريقه الى الزوال.
وبعد نجاح هذا الفيلم ما هو مشروعك القادم.؟ أشار الباقر جعفر أن هناك افكار كثيرة تدور في رأسي لكن لم افهمها بعد، لكن ستكون رحلة مختلفة عن ما سبقها هذا ما اتمناه، فأعمل ما استطعت على أفكار جديدة للافلام تتجاوز ما صنعته سابقاً. لكن حتى الأن لم تتبلور فكرة معينة.
وأخيرا قال المخرج الباقر جعفر أن المشهد السينمائي العراقي، انه يحزنني جداً أن تكون السينما العراقية تعاني من أساسيات ابسط مقومات نجاح السينما، هناك الكثير من الأفلام السينمائية لصناع افلام عراقيين التي أفخر بها كصانع افلام عراقي، لو لا اصرار زملائي على محاولاتهم في صناعة الافلام رغم الظروف الانتاجية غير المواتية، لما كنت قادرا على صناعة فيلم واحد.