اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معالي الكلمة: مدرّبون بين اللعبة واللعنة!

معالي الكلمة: مدرّبون بين اللعبة واللعنة!

نشر في: 23 فبراير, 2022: 10:49 م

 عمـار سـاطع

كيف يمكنُ لَنا أن نتصوّر حجم المأساة التي تعيشها لعبة كرة القدم عندنا؟ بمعنى آخر كيف يمكننا أن نُقيّم واقع حال اللعبة الشعبية الأولى ونحن نعيش في فوضى تبدأ من إدارات الأندية الرياضية وتنتهي عند فرق الفئات العمرية، تسبقها حلقة الوصل الأهم التي ترتبط بالمدرّبين؟!

حينما نُشْكِل على هذه الحلقة، فإننا نعني بالتحديد الغياب الواضح للرقابة على المدرّبين، إذ أننا لا يمكن أن نسكت على هكذا هراء يحدث وهكذا مسخ يتعلّق بالمدرّبين وسُمعتهم في ميدان التدريب الذي يُعد أهم حلقات العمل الرياضي، لما فيه من أبعاد ترتبط بالتربية والتعليم قبل أن تصل لمديّات الفن الكروي حيث الأخذ بأيدي المواهب وتخريج النجوم!

فوضى العمل التدريبي في العراق، يُمكننا أن نعرِفه من خلال ظاهرة تغيير المدرّبين بين الاستقالة والإقالة في فرق أندية الدوري المُمتاز، إذ أن أرقاماً قياسيّة وصلت حدود موسوعة غينيس وربما اجتازت حدود المنطق، إذ أن صورة ضبابيّة هيمنَت على الوسط التدريبي، فلا أرقام تصمد أمام رؤى إدارات الأندية ولا معدّلات تشفي المدرّبين حيث البحث عن البناء والاستقرار!

أسفي كبير أن نضمن بقاء خمسة مدرّبين فقط مع فرقهم بعد مرور (22) جولة من مسابقة دوري كرة القدم، وحتى الأندية الـ (15) التي غيّرت من مدرّبين سواء بقرارها أو بمبادرة من المدرّبين أنفسهم، فإنها أبدلت مدرّبين مرّة ومرّتين وثلاثة وجعلت ما بين تلك التغييرات، فواصل في تسمية المساعدين المؤقّتين بحثاً منها على مدرّبين بهدف القناعة التامة بالاسماء المُتاحة!

في يوم واحد فقط، تغيّر أربعة مدرّبين، ثلاثة للاستقالة بسبب الضغوطات وسوء النتائج وتراكم الأخطاء الفنية ورابع بقرار فردي من رئيس نادي، لا يعترف بالعمل التدريبي، وقرّر إقالة المدرّب عبر إحدى الكروبات في تطبيق whatsapp!! وهو أمر يُشعرنا حقيقية بالخجل، جرّاء ما حصل من فوضى عارمة في ميدان العمل التدريبي ووصل الى مرحلة مؤسفة حقاً!

ظاهرة عدم الاستقرار الفني، أو البحث عن نتائج إيجابية وسريعة، لن تأتي بين ليلة وضحاها، ولَنا من التجارب والأمثلة الكثير، بدءاً ممّا تحقق للفرق المحليّة منذ مواسم مضت، ومنها ما يتعلّق في فرق حققت نجاحات في دوريات عالمية، فالأجهزة الفنيّة لن تتمكّن من الوصول الى القمّة، إذا لم يكن لديها إيماناً مُطلقاً بالعمل تحت كافة الظروف وثقة عالية من إدارات الأندية بها، مروراً بالإصرار والتحدّي الذاتي، الى جانب وضع فكرة التركيز والتعويض لدى عناصر الفريق، وكل ذلك لن يتحقّق إلا إذا ما كان هناك تشجيع ومؤازرة وبعضاً من الحظ!

أيها الإخوة.. عندنا في العراق، لا يوجد إلمام كافٍ بقضيّة المدرب، ولا يوجد لدينا بند يمنح المدرّب فرصة للاستشارة الفنيّة، وأغلب أنديتنا لا تمتلك أجهزة فنيّة تكتب عن الواقع الكروي عندها، مثلما لا تمتلك أية ستراتيجية مستقبليّة! إذ أن كلّ ما يهمّ الأندية هو الفوز عبر جلب لاعبين محترفين وتحقيق الانتصارات، من دون معرفة الأسباب التي أدّت الى تحقيق الانتصار وتطوّر تلك الأسباب لتصل الى مرحلة النُضج الفعلي، وفقاً لفلسَفتها الصحيحة.

أغلب الأندية التي كسبت مسابقة الدوري المحلّي، كانت تميل للاستقرار، مثلما كانت تميل الى تطوير ذلك الاستقرار، وعلى مدى تاريخ مسابقة الدوري التي تمتد الى (48) موسماً كانت مستقرّة مع كوادرها التدريبية، أما أن تقوم بعملية التغيير وبهكذا طريقة، فإننا لا بد من دعم من يريد أن يضع قيمة فنية للمدرّبين وأن يبحث عن الأسماء التي من شأنها تضع حدّاً لهكذا حال يُسيء الى المدرّب العراقي ويوقف أولئك العابثين عند حدودهم!

أقول.. أن المطالبة بوضع أسس وضوابط تحمي المدرّبين الوطنيين، بات أمراً مُلحّاً، وغاية في الأهمية، نتيجة الظاهرة السائدة والتي أصبحت عُرْفاً يُستنّسخ في كل موسم يتنّقل فيه المدرّب من هذا النادي الى ذاك، بسبب بحثه عن فرصة عمل بأي شكل من الاشكال، بمقابل غياب الاعتبارات الواضحة عند إدارات الأندية أمام اسم المدرّب تاريخه التدريبي وسمعته الفنية، ليكون فيما بعد الحلقة الأضعف في كل ما يترتّب على واقع كرة القدم العراقية وإن حماية المدرّبين هو حماية لِمَن اصابهم الحيف في مُجمل الأوقات.

أخيراً فإن المدرّبين عندنا اليوم يعيشون بين تناقضين، بين اللعبة التي أوصلتهم الى ما وصلوا إليه، واللعنة التي أعادتهم الى زمنٍ لم يكن أغلبهم يريد أن يصل اليه!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: نائب ونائم !!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

 علي حسين تهلّ علينا النائبة عالية نصيف كلَّ يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، ويتعاطى العراقيون جرعاتٍ مسكنةً من التصريحات التي يطلقها بعض النواب، حيث يظهرون بالصورة والصوت ليعلوان أن المحاصصة...
علي حسين

كلاكيت: عشرة أعوام على رحيل رينيه

 علاء المفرجي في الذكرى العاشرة لرحيل شاهد عصر الموجة الفرنسية الجديد، التيار الذي شكّل حدثاُ مفصلياً في تاريخ السينما ألان رينيه الفرنسي الذي فرض حضوره القوي في المشهد السينمائي بقوة خلال تسعة عقود...
علاء المفرجي

نحو هندسة للتوافق التنموي

ثامر الهيمص وليكن نظرك في عمارة الارض، ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لان ذلك لا يدرك الا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد، واهلك العباد ولم يستقم امره الا قليلا. في...
ثامر الهيمص

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

رشيد الخيون أقام ديوان الكوفة بلندن(1993) أسبوعاً عنوانه "التُّراث الحي في حضارة وادي الرّافدين"، ففاجأنا دكتور بعلم الأحياء، معترضاً على إحياء "الأصنام"، وبينها كَوديا. لم نأخذه على محمل الجد، حتى كسرت "طالبان" تمثالي بوذا(مارس2001)،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram