عبدالمنعم الأعسم
الشعوب الحوامل للدوامات والكوابيس والازمات وصراع الارادات والاحلام الوردية والمفزعة مثل النساء الحوامل في شهرهن الاخير، إذْ ينهضن في منتصف الليل مفزوعات مما يرين في نومهن، وبعضهن، بحسب دراسة منشورة،
يفكرن بالاجهاض حين لا يجدن وسيلة للتخلص من الكوابيس. المغنية الامريكية «كاردي بي» قالت انها كانت تشهد في شهرها الاخير من ولادة طفلها أحلاما عجيبة، مجنونة، ومخيفة «مثل طبول حرب» اما الدكتورة «جولي ليفيت» وهي أخصائية أمراض نساء وتوليد وباحثة من مدينة شيكاغو فتتوقف عند اعراض الكآبة والاضطراب والخوف لدى الحوامل.. تلك الاعراض التي تظهر في سلوك الشعوب الحوامل للازمات والنزاعات العبثية، قبل ان تنقلب على اقدارها.
البديهيات المدرسية في علم المجتمع تلقي باللائمة على النخب التي تقود تلك الاقدار وتحمّل الجمهور اوزارها وانانياتها وأحلامها المريضة، وهذا ما يحدث للعراق والعراقيين بالالوان الطبيعية على يد ساسة المرحلة بكل محطاتها: هجوم وانسحاب، ثم ارهاصات يعقبها هجوم وانسحاب، ثم آلام وخذلانات تليها تهدئة مؤقتة، بعدها تنتقل المواجهة الى جبهة أخرى وملف آخر، وفي غضون ذلك من المستحيل للمراقب ان يحسب الخسائر في صفوف المتشابكين، لانها في الواقع لا وجود لها حين يكون الخاسر الوحيد هو الجمهور.
الانتصار على الآخر، الخصم، ونحن نتحدث عن كوابيس المرحلة، لا تصنعه الرغبات والاهواء. هكذا هي السياسة، فن الممكن. الممكن هنا جملة من المفاتيح المعقدة موزعة على الكثير من اللاعبين الذين لايثقون بنوايا بعضهم، كما ان مشكلة الثقة تتمثل في انها مثقوبة بامتيازات السلطة، ولا احد على استعداد لكي يعطي من حصته تكية واحدة ويخلد الى الراحة، والحال، فان المؤشرات تؤكد بان نفق هذه الدوامة طويل، ولا يبدو أثر للارهاق في صفوف اصحابها الذين صاروا يغيّرون طواقمهم ويتبادلونهم لتجديد الدماء والحماسات والهمم بما يدفع الدوامة الى ذرى جديدة والى كر وفر جديد.. فيما الحامل تتقلب تحت آلامها وشقائها واحلامها التي غدت كوابيس.. ولايهم ان ينال اصحاب الدوامة، جراء ما تلحقه بالضحية، سمعة لا تُشرّفُ أحداً.
***
استدراك
«إذا شبع المرء.. لم يجد للخبز طعماً».
مثل اسكتلندي