علي النعيميمرة أخرى تحول دييغو مارادونا إلى شخصية (إعلامية) بثياب رياضية في مونديال جنوب إفريقيا وفتح قريحة الإعلاميين للكتابة عن هذه الشخصية التي مهما توقفنا عندها فإنها تشعرك بالفضول والإثارة بسبب قسوة نشأتها وطفولتها البائسة ، بيد أنها تظل مميزة بمعزل عن تصرفاته الشخصية.
وهاهو مارادونا يخطف الأضواء مجدداً كالماركة العالمية المسجلة عن طريق سيل الانتقادات الجارف الذي طاله من كل صوب وحدب كالتشكيك بقدرته التدريبية كونه يفتقد إلى (كاريزما المدرب) في القيادة او بسبب خبرته المتواضعة وانه يبحث عن الإثارة المفتعلة وما زال يعيش نجومية أيامه الماضية ، فتارة يصارع الموقف ومرة يمازح لاعبيه على دكة الاحتياط وثالثة يغمز للكاميرة وهو يداعب الكرة كأنه لاعب بديل.لكن علاقة مارادونا مع وسائل الإعلام وصحف بلده كانت سيئة جدا ولم يتردد أبداً بوصفها بالمبتذلة معنفاً أحد الصحفيين قائلا له : ليذهب جميعكم إلى الجحيم.. غير إن المفارقة الأهم هنا هو ما كشفه معلمه ومدربه العبقري كارلوس بيلاردو في إحدى المقابلات التي أشار فيها الى أن مارادونا قارئ نهم لكل ما يكتب بالصحف الرياضية لكنه سريع الانفعال والغضب وان أي نقد يؤثر فيه بشدة.قد يجد البعض بأن هناك تناقضاً صارخاً في كلام بيلاردو حينما يستعرض مواقف الجفاء الدائم وقطيعته للصحف التي جعلته يبكي بمرارة أثناء تصفيات كأس العالم 2010 عندما وصفته إحدى الصحف: بأن مارادونا أصبح إحدى مخلفات الأرجنتين التي حان الوقت لفظها بعيداً عن المنتخب!في حين ان ما لمسناه في المونديال اتضح عكس ذلك فبعد الانتهاء من مباراة الأرجنتين ونيجيريا كتب احد المعلقين في الصحف الارجنتينية وأسمه روبرتو خوان منتقداً سوء التنظيم الدفاعي وانه بحاجة إلى لاعب آخر يساند كلا من فيرون وماسكيرانو وان تعثر ذلك يجب إدخال اللاعب رود ريغيز وإجباره إلى الميلان نحو العمق في الضغط على الخصوم .وقبل مباراة نيجيريا نصح احد المحللين المتخصصين في وكالة رويتر بضرورة الاستفادة من اللاعب المدافع بورديسو بحكم إجادته اللعب أيضا بمركز الظهير اليمين وطالب مارادونا اللعب بطريقة دفاع (FLAT) الوقوف على صف واحد من اجل قتل محاولات التسلسل الكورية. وقبل مباراة الأرجنتين واليونان نصحته صحيفة (أولي) الارجنتينية عدم اللعب بالتشكيلة الأساسية وإعطاء المجال إلى كليمنت رود ريغيز وبولاتي وملتو وآخرين فرصة المشاركة ، وتساءل احد معلقي بلاده : يا ترى ما ستكون هديته لميسي في عيد ميلاده ، هل ستكون شارة الكابتن؟ العجيب في الأمر أن مارادونا أذعن بالحرف الواحد لكل الآراء والانتقادات والمقترحات التي قيلت بحقه ونفذ كل ما طُلب منه بحذافيره !والسؤال هنا : هل تغيرت شخصية مارادونا بعد تدريب منتخب الارجنتين حيث أصبح مصغياً جيداً ومستمعاً بارعاً يقرأ كل ما يطرقه المحللون بإمعان برغم عبثيته التدريبية التي ما زالت ترافقه ، وهل أراد من هذا المونديال ان تكون محطته الأولية من اجل تعزيز شخصيته التدريبية بعنصر الخبرة حتى يسجل اسمه مع كبار المدربين أم يدرك انه ينقصه الكثير كمدرب وبات عليه لزاماً إن يمتثل كالطالب المجد في علوم التدريب حباه الله بنجوم ساطعة ومنتخب متكامل الصفوف سيكللون تجربته بالنجاح ؟ هل سيتخلى مارادونا عن دور ذلك الأستاذ المشاغب في مدرسة الإعلام والبهرجة والتنازل عن مسمّى رجل الاستعراض الأول (One Man Show) ، وانه سوف يصغي ويدوّن ويستشير كل من حوله بخلاف الكثير من المدربين الذين يتطيّرون لدرجة الامتعاض اتجاه إي نقد بناء ام كونه يعلم جيدا بأنه بات جزءاً من مكوّن إعلامي رياضي ونقدي أيضا يحاول عكسه بشكل ايجابي لأمتلاك القناعة التدريبية في خططه وترسيخ الثقة في اختياراته لبناء شخصية تعتد كثيراً بأفكارها وبتطبيقاتها في الملعب؟ ليس عيبا إذا أبكاك إعلام بلدك مرة او إن أصغيت له في مرة أخرى ، ما دمت ترى في ذلك سبباً لجني النقاط ومواصلة النجاح وبالتالي ستجبرنا حقاً كي نرفع لك قبعاتنا لتحيتك إن كان ظننا بك في محله يا عزيزنا دييغو.rn
رؤى بلا حدود: ملك التانغو يصغي ليجني!
نشر في: 23 يونيو, 2010: 06:14 م