إلى .... ....
هو اعتذار متأخر على كل حال ..
أبدأُ بالعذْرِ
أم أبدأُ باسم اللهِ وأقرأُ فاتحةً،
أم اسأل نفسي: أيُّ طريقٍ
نسلكُهُ ويكون صحيحاً للروح وللدنيا
وهما يختصمان على اللحظةِ؟
حزنٌ لا يبرح روحي وأنا أذكرُ
كم كنتَ نبيلاً محزوناً
أو منكسراً.
كنتَ أنيقاً وخفيضَ الصوتِ
وتعرف أن الدنيا
هي دنيا منذ زمانْ.
لكن الحكمةَ ما كانت تخفي حرَجاً
أو أسفاً
أو ضعفاً لا قوةَ تشفيهِ.
هي هذي دنيانا وهمُ نحنُ .
ما كنا يوماً ماءَ النبعِ
ونرفض ، لكن نحمل مضمونَ قمامتِها !
هي حيرتنا الأزلية لولا لحظاتُ الصمتِ،
لحَظاتُ براءتِنا ،أو حزنُ النفسِ .
لا أدري اليومَ ، لماذا ،
حين رفعتُ الكأسَ ، تذكرتُكَ ،
أو عاقبتُ النفسَ بذكركَ .
أنتَ أدَنْتَ رداءتَنا من غير كلام
مبتسماً مكظوماً
مثل نبيٍّ .
وأنا كنتُ رديئاً ..... معذرةً !
هل يُجدي أن اعتذر الآنْ؟
أنتَ الآن عظامٌ
وأنا حيٌّ أتكلّم ،
أكتبُ ،
كأسي بيدي ... أتذكّرُ
لكني الأعمقُ في الدنيا أسفاً
والأعمقُ حزنا .
كنتَ نبيلاً وأمام رداءتنا تتألّق .
ما عاد لنا أملٌ بلقاءٍ أبداً أبداً .
هذا حزنٌ آخرُ يمنحُ موعظةً
لأقول وأرثي روحي خسرتْ فرصتَها .
كم يُرعِبُ هذا البعدُ الشاسعُ بين الأرواحْ!
لو أني الآنْ
في جلسة شربٍ في بيتكَ ،
في جلسة عذْرٍ ، أو أني
في ليل مكاشفةٍ عن حزن الإنسان.
ماذا نفعلُ إذ تجرفنا لحظَاتٌ
عن كل فلاسفة الأرضِ
ونعيشُ حقيقتَنا الجسدية؟
ربتمَا عِشْتَ دقائقَ مثلي
ولعلك مثلي لا تملك عذرا .
بعد غياب الموتى ينتبهُ الأحياءْ
لفضائلهم
هل سيرى أحدٌ يومَ نغيبُ فضائلنَا ؟
من يملك في صخب العيشِ بصيرتَهُ
فيرى ما كان لهم أو ما كان لنا ؟
أنا لا أنسى أبداً صورتَكَ الأبهى ،
الأسمى ،
الأنقى مني !
فأنا ، معذرةً ، أذهلني من أحببتُ
ولم أكُ أملكُ نفسي .
كلُّ الأفكار انفرطتْ في الريح قلادتُها .
لا أذكرُ تلك الساعة حزنَ الآخرِ
محْنَتَهُ و اللا حلْ .
ولقد كنتَ تراني
احتضنُ الجسدَ الطافحَ لذّاتٍ
وجهُكَ ممتلئاً حزناً كانَ وممتلئاً
في الحزن معاني :
قرصانٌ يأخذ منك سفينتَك الملأى
تأسرُكَ الحسرةُ لا تفعل شيئاً .
أنا مثلكَ هذي الساعة في الحزنِ
وفي الخسرانْ
زمنٌ راح بأهليهِ وما ظل كلامٌ ودخانْ
أسألُكَ الآن الغفرانَ –
هدوءاً ،
لا غضباً ،
فأنا أقررتُ بإثمي
وبأني دونكَ في الحكمةٍ أو في الحِلْمِ .
ذلك ،
ذلك حقٌّ ، لكني أعترفُ الآنْ :
كانت مالا أقدرُ أن أتوانى
عن أن أشعل روحي وأضيعُ بعالمِها ،
كانت ،
لا تدري أنتَ بها ،
هائلةُ اللذةِ ، هائلةُ المعنى .
أترشَّفُ روحَ الكونِ بها
ألهثُ برقاً حتى الموتِ ولا
أُمسِك بالسرِّ
كم كنتَ عظيماً في صمتكَ
تجلس في زاويةٍ مكتملا
تنظرُ لي منتظراً خيطَ أسى ،
منتظراً أسَفاً مني ، خجَلا ...،
لا تلقى شيئاً !
تتمسّكُ بالشرف الأقصى
وتَجرَّعُ أحزانَكَ بالصبرِ ..
أعتذرُ الآنَ ،
أنا محنيٌّ فوق ترابِ القبْرِ .
لكني مازلتُ أُعانقُها وهي على مَبْعَدَةٍ
وأنا أخمد في الحجرة نسراً محترقاً
لا أحدٌ يعرفُ ما أنا فيه عن الحُبِّ
ولا هي تدري !