TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > ناظم حكمت..القصيدة تعيد كاتبها الى الحياة

ناظم حكمت..القصيدة تعيد كاتبها الى الحياة

نشر في: 25 يونيو, 2010: 04:32 م

اثير محسن الهاشميrnتمثل قصائد الشاعر التركي ناظم حكمت ، بداية حقيقية لحركة الترجمة العربية لأعمال الأدباء غير العرب ، فترجمة قصائده إلى العربية رفع عنا حاجزا بين الكتابة العربية وبين الكتابة المترجمة إليها ، ونكاد لا نميز أن الشاعر بأنه شاعر تركي ، بل يوحي إليك بأنه شاعر عربي يعيش معاناتك وأوهامك وأحلامك ،
وهذا ما يعطي لنا رغبة في السعي الى ترجمة الكتب الأجنبية الى العربية ، للاستفادة من الواقع الأدبي الأجنبي ومحاولة دراسته ومزج الافكار الجديدة منه مع العربية على الرغم من الكثير من الشعراء تأثروا وترجموا لأدباء غربيين الا ان هذا التأثر وهذه الترجمة ظلت ضعيفة الى حد ما .الشاعر ناظم حكمت كان يمثل العودة الى الحياة ، فهو شاعر يبث روح الكلمة التركية بذكاء العقل التركي وتدبره ، المبدأ والكلمة رمزان بدء معه ، وانتهى هو بهما .rnالشاعر كان يمثل ( المحاولة ) للتمرد على الزمن الأغبر الذي كان يعيشه ، فهو يحاول ان يفجر سلالة الحب والحياة الجميلة من وسط اللعنة والظلم والطغيان والتسلط والقيود .شخصية الشاعر كانت تشبه الى حد ما شخصية ( السجين ) في قصيدة the prisoner of chilion) ( للشاعر lord byron والذي كان يمثل المعاناة والوحدة والعزلة عن العالم وسجنه في احدي زنزانات السجون التركية لمدة طويلة من الزمن ، كل هذا جعلنا نشبه الشاعر بشخصية السجين المشهورة لبايرون .الشاعر لم يكن يحاول الهروب من الواقع الذي يعيشه ، فلهذا كان ضحية للظروف العصيبة التي كانت سائدة ، الا انه ظل سيدا للكلمة الحرة .جسد الشاعر الحياة بشكل جديد وغريب بعض الشيء ، الحياة عند الشاعر كانت متمثلة بالحرية ، الحرية عنده هي مفتاح لواقع هادئ ، ولهذا فالصورة الشعرية عنده ( فعل شعري ) أكثر مما هي تشبيه وتخيلات وقرن مفردات ، فعل شعري يرتكز على التجربة والمعاناة ووضوح الرؤية ، وتجربته في قلب فرديتها تعكس ملامح من تجارب الآخرين ، وهذا ما جعل لشعره صفة الشمول الانساني (1) يقول :-أفضل من يولدون من التراب والنار والبحرسيولدون مناوسيوضع الناس ايديهمفي ايدي بعضهمدون خوف وتفكيروسهتفون وهم يحرقون في النجومما أبهي الحياة !! ( 2)لقد امتزجت ( الأنا / نحن / الكل ) في شعره امتزاجا عضويا في وحدة غير قابلة للانفصام عصية على التمييز بين الشكل والمضمون .لقد أفلت الشاعر من فخ جعل التلقي والأداء معادلة شعورية لصيغ الفكر الذهنية ، الشعر لا يجانب الفلسفة ، ولكنه بالمقابل لا يحتويها على شكل مقومات ومفاهيم منظومة ، الأفكار في الشعر ضمنية ، رموز ، إيحاءات ، أحاسيس ، نتلمس في ثناياها الفكرة الشعرية ، ونستخلصها من الألفاظ في صيرورتها تعبيرا (3) يقول :-النجوم لا عد لها ولا حصرالأشرعة مطفأةالمياه داكنة الظلمةوالبصر يمتد مستقيما إلي ما لا نهاية ( 4)الشاعر صاغ من سنوات السجن الطويلة فلسفة خاصة بالسجن تقوم على الصمود ، وعدم استهلاك النفس حسرة على ما هو خارجه ، وعلى الثبات في النضال لأجل الوطن ، والقضية ، والناس الذين هم ابناء الوطن وجوهر القضية ، يقول :-لتتوحد ثغور البلاد فلا تفتح لغاصب ابداولينتف استعباد الانسان للانسان هي ذي قضيتناحياة حرة ، فردية ، مثل شجرة رفاقية ، جماعية ، مثل غابة ..تلك هي حسرتنا ( 5)الحياة عن ناظم حكمت تعني رغبة في الخلاص ، وان يكون متشبثا بها ، حتى ولو كان يعيش في اسوء الامور ، الشاعر تراه دائما متفائلا على الرغم من الواقع المرير الذي يعيشه ، وكذلك انواع الامراض التي تكاثرت عليه اكثر من ان تحصي ، لكنها لم تبلغ ان تلوي من عزيمته ( اشعر بانني بكامل لياقتي كمصارع ، مقاتل ، لاعب كرة قدم ، طيار ، واذا لم اتوقف ساكتب مئة بيت في الىوم .. ) (6) الشاعر محكوم بالموت ، الا انه ظل متفائلا بالحياة على انه سيعيش مئة عام قادمة ، انه يدافع ، يتمرد ، يحاكي ، يثور للدفاع عن الحياة او محاولة للتشبث بها ، انه صانع لها ومحافظ عليها ومدافع عنها .كان قد سُجن بسبب دفاعه الشديد عن حرية شعبه ، الشاعر كان يمثل الرمز للدفاع عن حرية شعبه وعن كرامته في سبيل حياة اجمل ، كان قد تمرد على السلطة الحاكمة لانها كانت لا تمثل طموح الشعب ، يقول : (( ان جريمتي الوحيدة هي حبي الشديد لشعبي ووطني )) (7)الحياة عند الشاعر كانت انموذجا رائعا لعشقه ، لحبه ، لولعه بالمرأة ، فالمرأة عنده الحياة ايضا ، يقول :-الحياة : عمل يزهو بالأملحبيبتيالحياة : عمل جدي مثلما احبك (8)ورغم ان الحياة لم تهادنه ولم ترفق به ولا بإخوانه ، بؤساء الأرض ، ولم تسخ عليه بمقدار ما حاول ان يسخو به على الناس ، فان أية مرارة لم تتطرق يوما الى قلبه أو شعره ، ففي اعماقه ظلت تضيء شعلة من الايمان بجمال الحياة وبالولاء لها ، يقول :-ان عالمنا كبير وفسيح وجميلوانه لرحب شاطء البحارلدرجة ان بامكاننا جميعا ان نستلقي كل ليلةجنبا الى جنب على الرمال الذهبيةوان نغني المياه المشعشة بالنجومكم هي حلوة الحياة ، يا تارانتا بابو ( 9)أخذ ناظم حكمت الحياة بجد يسمو بها من هذه المقايضة المقيتة من اجل القضية والناس وكفي ، يقول :-نستطيع أن تموت لأجل الناسلأجل اناس لم تر وجههم قطبينما لا أحد يغصبك على ذلك ورغم انك تعلم ان الحياة اجمل ما في الوجود والاكثر حقيقة فان علىك ان تأخذها بجدالى درجةانك في

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram