اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > انبهارات شيركو بيكه س.. صوب غصن شجرة

انبهارات شيركو بيكه س.. صوب غصن شجرة

نشر في: 25 يونيو, 2010: 04:46 م

دانا احمد مصطفى*ان الخوض في تجربة الشاعر الكردي المجيد شيركو بيكس، يرنو الانغماس انغماساً روحياً في عوالم غائصة، و هذا الخوض الشعري، لا يخلو من رتوش ميثولوجية، تقذف بذاكرة المتلقي الى المنسي المعتق في الذاكرة الجمعية (سوسيولوجيا المعرفة)، و لو تمعنا تجاه المدلولات الميثولوجية، التي يثيرها المدلول الميثولوجي في بنية القصائد، سنعي أن هذه المدلولات،
 لاتنحصر فقط في اطار العملية الرؤيوية، بين العهد والمعهود، بل تتجاوز هذه الشكلية، من خلال إسقاطاتها الزمكانية، الى فرادة إبداعية، فهي حقيقة بمثابة قفزة حداثوية في المشهد الشعري الكردي و تجربة الشاعر، تضاف الى قفزات شيركو بيكس الشعرية، ولا سيما إذا أخذنا بالحسبان، واقع المرحلة التي أبدع فيها مرسلاته الإبداعية تلك، المحتواة في طيّ كتاب طبع في الاونة الأخيرة في بلاد الاهرامات والحضارة، إضافة إلى كونه أول مجموعة شعرية كردية في تاريخ الكرد يطبع في مصر. فقد كانت رؤى الشاعر شيركو بيكس الشعرية رؤىً منقضة تسبر في جزئيات الفكرة، تحللها، تفككها، كما تصهر الجزئيات في الكل، و هذه هي العين الثالثة النادرة و الفريدة عند شيركو بيكس والاقتناصات الشعرية الصورية، ليست الاّ وليدة هذه العين النافذة ومنها تشع اشراقات واشعاعات الصورة و المتجسدة بالإيماءات و الموحيات النازفة:rnمددت يدي صوب غصن شجرةارتعش الفرع من الالممددت يدي صوب الفرعبدأ قدّ الشجرةبالصراخاحتضنت القدّاهتزت الارض تحت اقداميغاص الحجروهذه المرة حين انحنيتوحملت التراب صرخت كردستان باكملهامعاrnكما ان هذه التجربة تختزن في ثناياها الشعرية، مهابة الفكرة، و عشق اللغة، و رجفات الحالة الشعرية الصادقة و الخاوية من التكلف و التصنع، إضافة الى جنية الشعر التي لا تبارح معبده، و مهما كانت مطارق هذه الجنية مؤرقة و موجعة. وهذه المرحلة هي مرحلة الانطباع الحسي للواقع على البقعة المضاءة في الذات التي تزداد اتساعاً بفعل العملية المزجية بين ثنائية الذات والواقع، الى أن يكتمل الواقع الثالث الذي تستشفه الذات، من خلال المشاهد الماثلة في القصائد و التي تلفحنا بانبهاراتها و دهشاتها بين فنية وأخرى. فكانت القصائد جلّها مفعمة  بجمالياتها الفنية و الروحية أكثر ألقاً و انتعاشا، و قراءة الواقع الثالث ظاهرة في هذه المشاهد و اللوحات الاحتمالية المعبرة عنه، و دعونا نسبر معاً في الواقع الثالث للشاعر شيركو بيكس:rnفي آخر الليلفي كل ليلأهمس لقلمي:"اذا كان قنديل شعركلايضيء الا بدم شهيد،فلتشل يدكولتعملتعش الناس، ولتمت القصائد".rnكما نلاحظ الارتقاء الكشفي في حالة تتابع مستمر، و النزف الصوري لا ينضب، و لحظات التلألؤ الدافقة من الفكرة عصية الالتقاط، لأن البناء الشعري في إبداعات شيركو بيكس يرتكز على وحدة البنية و التوهج اللامتناهي، و التعبير الأداتي المقتصد، فان هاجس شيركو بيكس الاستفهامي، الداعي الى النبش عن جزئيات الأضداد، هي فضاءات مترئبة به على السؤال الذي يجلب الذات المتأزمة الى فضاءات أكثر نزفاً وأثارة، هذه التساؤلات يبدع فيها شيركو بيكس، هي حالة السؤال التجريبي في الظاهر و الإيحائي في الباطن، ألا ينجرف ذهن القارئ الى تساؤلات لا تحدها تخوم:rnسألت المنجل:لماذا تقوست هكذا؟أجاب:قوسني العمل في الحصادسألت زهرة الثلج:لم عمرك قصيرا؟قالت:وهل للعمر طعم بعد ذوبان الثلج؟سألت القبرة:لماذا انت لا تنامين؟قالت: لكي لا يتصور العشاق اني لا احرسهمسألت اخر قصيدة لي:ولم تحترقين انت هكذا؟قالت:لكي لا تتصور العنقاءان ليس للفقراء رفيقrnوتبلغ الصورةُ الشعرية في هذه النصوص درجة عالية من التوافق والإنسجام والإضاءة الداخلية، بحيث يشعر المتلقي معها وكأنّه أمام لوحة من العرض المسرحي تتشابك فيه الدوال الصوتية بالدوال المرئية وبالتالي بمدلولاتها، في حركةِ تعاقب منتظمة، لايمكن قراءتُها قراءةً سطحية،فإن شيركو بيكس تمكن من أن يضيف عنصراً آخر إلى الطبيعة الكردستانية، وهو عنصر التفتح و التفجر. فالطبيعة عنده لا تبقى كما هي عليه, بل تتماهى مع الإنسان في عشقه وصموده، ازدواجيته وقسوته، تناحره وصراعه من أجل البقاء، وضد البقاء في بعض الأحيان:rnلا اسم مدينةولا حارةولا شارعلا رقم هاتفاو صندوق بريدأملكولكنكل يوموبامتداد الطريقتجيئني رسائل خضراءمن بعيد.. وقريبلأنشعري نفسه هو ساعي بريد المحبة وعنوانيخندق لآخر شهيدrnواخيرا ما لنا الا ان نقف اجلالاً امام ما نظمه المُجيد المبدع شيركو بيكس فنكن له هذا الاجلال جيلا بعد جيل.rn rn* قسم اللغة العربية/كلية اللغات/جامعة السليمانية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram